الأربعاء 2017/03/22

آخر تحديث: 07:38 (بيروت)

انتفاضة القضاة.. ناقصة

الأربعاء 2017/03/22
انتفاضة القضاة.. ناقصة
غريب أمر هذه السلطة ألم تشاهد قراراتها تنتهك؟ (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

كان وقع الموقف الذي اتخذه مجلس القضاء الأعلى، في الأسبوع الماضي، قوياً في الأوساط السياسية نظراً لتأثيره على قرار الحكومة ودور النقابات المختلفة، وبشكل خاص نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، في الوقوف أمام هجمة الضرائب وقرارات قضم حقوق فئات مختلفة من الشعب اللبناني بهدف "تمويل" موازنة الدولة المفلسة، بحجة تمويل سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام.

وقد زاد هيبة الموقف وقوف كبار قضاة لبنان على قوس محكمة التمييز وإعلانهم التوقف عن متابعة الأعمال، ما عدا الضروري منها، احتراماً لاستمرارية المرفق العام، والمقصود به العدالة، وإنشادهم النشيد الوطني رمزاً لوحدة الدولة واحترام مؤسساتها.

لا شك في أن المشهد كان مثيراً لانفعال فيه كثير من الإيجابية على وقفة رجالات القانون لحماية دولة القانون والمؤسسات ومبدأ فصل السلطات. وهو المبدأ الأساس في النظام الديمقراطي الذي من شأنه حماية المواطن في كرامته وحقوقه كإنسان. وما كان من شأن هذا المشهد إلا أن استفاض لياقة مزينة بلباس لائق ونظارات غالية، أضاف على الهيبة جمالاً.

إن النداء المفتوح الذي أطلقه رئيس الهيئة العليا للتأديب القاضي مروان عبود بصفة منفردة إلى رئيس الجمهورية كان أقوى صدى وأصدق بعداً في غيرته على دستور الدولة وحماية موظفيها، لافتاً الانتباه إلى كارثة في حق الوطن ومؤسساته الدستورية وإداراته العامة وحرية الفرد وكرامته، واعتداء صارخاً من قبل السلطة التشريعية والتنفيذية على السلطة القضائية.

غريب أمر هذه السلطة، ألم تشاهد قراراتها تنتهك علناً على شاطئ الرملة البيضا في مشروع إيدين روك، بعد صدور قرارين عن مجلس شورى الدولة، بالتواطؤ مع الإدارات المعنية؟

ألا يعتبر اعتداء على دورها المستقل في هذا النظام الديمقراطي من خلال قوانين متعددة كتشكيل لجان مصرفية ذات قرارات غير قابلة للطعن أمام القضاء المحلي، أو من خلال قانون سير يسحب صلاحيات القاضي الجزائي في تخفيض العقوبة المسلطة على المواطن لمصلحة الأجهزة الأمنية، في وقت تنتهك كل يوم قوانين الضرائب والرسوم من قبل رجال السياسة وتعفى من الغرامات مؤسساتهم الخاصة في اعتداءاتهم على الملك العام.

ألم تشعر هذه السلطة بانتهاك دورها في إحالة مدنيين يطالبون بمكافحة الفساد أمام المحاكم العسكرية جنباً إلى جنب مع قاتلي عناصر الجيش من إرهابيين، بحجة "هز الشريط"؟

ألم تتخل هذه السلطة عن دورها في حماية حقوق المواطن وكرامته سواء تلك المدنية أو السياسية أو الاجتماعية أو الإقتصادية أو حتى الكرامة البشرية؟

ألم يصل واقع البلاد إلى حد من التلف والافلاس المالي والسياسي والأخلاقي من دون تحريك ساكن من قبل هذه السلطة الضامنة لحقوق الإنسان وسيادة دولة القانون والمؤسسات؟

ألا يجب أن تتحرك النيابات العامة عفواً أمام كل الانتهاكات الخطيرة التي تحصل والموثقة في الإعلام ووسائل التواصل وأن تتابع من قبل قضاة حكم يتمتعون بجرأة النيابة العامة عندما تتحرك؟ أم أن هذه النيابات مختصة بحماية كرامة المسؤولين دون المواطنين عندما يشتم على أحد مواقع التواصل الاجتماعي؟

عجباً، لماذا لم تهتز هذه السلطة ونقابتا المحامين، إلا عندما مست مخصصاتها المحقة؟

يا قضاة لبنان، مازلنا نؤمن أن سلطتكم سلطة تعرف القانون وتفهم مضمونه وتسعى إلى تكريسه، نربأ بكم أن تكونوا القبطان الذي يخلص وطننا بكم وبنا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها