الثلاثاء 2017/03/14

آخر تحديث: 04:23 (بيروت)

24 ساعة.. تُعيد المتقاعدين 18 سنة إلى الوراء

الثلاثاء 2017/03/14
24 ساعة.. تُعيد المتقاعدين 18 سنة إلى الوراء
السلطة تفصل بين المتقاعدين (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease
تضمّن مشروع سلسلة الرتب والرواتب، بالصيغة التي اتفقت عليها أحزاب السلطة، بنوداً مفخخة. أحد هذه البنود هو تجزئة رواتب المتقاعدين الذين سيتقاعدون قبل الإقرار الرسمي للسلسلة، واعطائهم زيادات بنسبة تراوح بين 10 و12%، وفق شطور الرواتب. في حين أن من سيتقاعد بعد اقرار السلسلة سيتقاضى زيادة بنسبة 85%، استناداً إلى الرواتب الجديدة التي ستتعدّل وفق السلسلة. بالتالي، تراوح استفادة المتقاعد "الجديد"، بين 100 و140%. ما يعني أن 24 ساعة فقط، ستجعل الفارق في الزيادات بين معاشات المتقاعدين القدماء والجدد، لا تقل عن 90%.

هذا الاجراء يعيد التذكير بما حصل في العام 1998، إذ أقر مجلس النواب القانون الرقم 717/1998 الذي يتضمن زيادات وفق مبدأ شطور الرواتب. ما أدى حينها إلى وجود فوارق هائلة بين معاشات المتقاعدين القدامى والجدد، وصلت إلى 400%. ليعود المجلس نفسه إلى تصحيح الخلل، عبر إقرار القانون رقم 733/1998، والذي اعتمد فيه مبدأ المساواة بين المتقاعدين المتساوين في الرتبة أو الفئة، وفي الدرجة وعدد سنوات الخدمة، بغض النظر عن تاريخ التقاعد.

العودة إلى ما قبل العام 1998 يعني استعادة أزمة كانت قد طويت لأكثر من 18 عاماً. طويت يومها لأنها ظالمة. بالتالي، فإن استعادتها اليوم يعني أن أحزاب السلطة تتعمد تفخيخ السلسلة وتحميل أصحابها وزر المطالبة بها. وهذه الاستعادة يرفضها المتعاقدون القدامى، إذ أشار رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة قدامى القوى المسلحة، اللواء المتقاعد عثمان عثمان، إلى أن "معاشات التقاعد ليست منة أو مكافأة من الدولة على خدمات المتقاعد، بل هي بعض الفائدة على المحسومات التقاعدية التي تقتطعها الدولة من رواتبه اثناء خدماته".

وفي السياق عينه، اعتبر رئيس المجلس الوطني لقدامى موظفي الدولة، عصام بكداشي، أن ما تتجه السلطة إلى إقراره بحق المتقاعدين، "يخالف مبدأ العدل والمساواة القانونية، ويعتمد معيار التمييز بين أسلاك الدولة، ويحرم المتقاعدين الحاليين كامل حقوقهم القانونية، ويسبب مهزلة تشريعية، ويعطي إضافات متدنية ومذلة للمتقاعدين الحاليين أو عائلاتهم". وخلال اجتماع عقده المجلس ورابطة قدامى العسكريين ومنتدى السفراء ورابطة الأساتذة المتقاعدين، الإثنين 13 آذار، تم تناول "التفرقة في حقوق المتقاعدين في احتساب المعاشات التقاعدية بين متقاعد قبل السلسلة ومتقاعد بعدها". ورأى بكداشي أن الحل هو "بالعودة إلى مشروع القانون المحال على الهيئة العامة في عام 2014، على أن يتم اعتماد مبدأ تقسيط المعاش التقاعدي الجديد على ثلاث سنوات".

لم يخرج هذا الاجراء من الفراغ، إذ إن صورة الأساتذة، الذين كانوا في واجهة الصدام مع السلطة لانتزاع السلسلة، كانت تتناقل داخل مجلس النواب أثناء نقاش السلسلة، مع كثير من السوداوية. لذلك، أراد النواب، وفق مصادر مطّلعة على الملف، أن "يعاقبوا الأساتذة على تحركاتهم". والعقاب يأتي عبر تشويه السلسلة والمراهنة على إنقسام مكونات هيئة التنسيق النقابية إنقساماً عمودياً، يظهر فيه الأساتذة وكأنهم فتحوا أبواب جهنم على المتقاعدين وغيرهم من أصحاب السلسلة. كي يُقال في أوساط الرأي العام إن ما قبل السلسلة أفضل مما بعده.

ما وصل إليه الملف، وفق المصادر، "لم يعد يفيده النقاش في خطوات تصعيدية لتصحيح الخلل الذي ستُقره السلطة عاجلاً أم آجلاً، فهي التي أسست لهذا الخلل، وهي المستفيدة منه. وإنما التصحيح يتم من خلال تصحيح آلية العمل والمطالبة. والأهم هو القبول بالمكتسبات التي حصل عليها الأساتذة والموظفون، ثم العودة للمطالبة بتصحيح الخلل، وفق قواعد جديدة للتعامل مع السلطة. فمن الضروري قوننة المكتسبات رسمياً كي لا تبقى حبراً على ورق".

في ظل اعتراض المتقاعدين، فإن أكثر من يتخوف من تعقيد الأمور وتصعيد لهجة الاعتراض ضد السلطة، هم طلاب المدارس. فسواء أكان المعترضون الأساتذة أو المتقاعدين، فإن الرد على السلطة سيكون بالإضرابات، وبالتالي بخسارة الطلاب، واحتمال ذهاب الأمور إلى إصدار قرار باعطاء إفادات بدل اجراء الامتحانات الرسمية، على غرار ما فعله وزير التربية السابق إلياس بو صعب. وهذا ما يرفضه نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض، الذي يصر في حديث إلى "المدن" على "اجراء الامتحانات الرسمية، والتصحيح، لاعطاء الشهادات وليس الإفادات"، ويشير إلى أن رابطة أساتذة التعليم الخاص، على الأقل، ترفض "تكرار تجربة الإفادات"، مؤكداً أن قرار الإفادات جاء "لضرب الشهادة الرسمية، بحجة ضرب هيئة التنسيق النقابية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها