السبت 2017/03/11

آخر تحديث: 00:07 (بيروت)

رابطة التعليم الثانوي.. النقد الذاتي ضرورة؟

السبت 2017/03/11
رابطة التعليم الثانوي.. النقد الذاتي ضرورة؟
توصية بإضراب يحاصر مجلس النواب (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease
طبخة دسمة أعدّتها أحزاب السلطة لتغيير محتوى سلسلة الرتب والرواتب، وإعادة تقديمها بحلة جديدة تتناسب مع ترتيبات السلطة لما سمي العهد الجديد.

العسكر هم أحد أهداف هذا العهد، فكان لا بد من إعطاء العسكر حقوقهم من السلسلة، لكن بغلاف السلطة، حتى يظهر أن العهد الجديد هو من كرّم العسكر، وميّزه عن غيره من مستحقي السلسلة. فأُعطيَ العسكر سلسلته المنشودة، ووُزعت المبالغ التي حُددت تحت سقف 1200 مليار ليرة، على أساتذة التعليم الابتدائي وموظفي الدولة وأساتذة التعليم الثانوي.

الغبن الأكبر بحسب الجداول التي أقرتها اللجان النيابية المشتركة، قبل إقرار السلسلة نهائياً في الجلسة المقبلة، لحق بالأساتذة الثانويين. ما نفض الغبار عن مطلب عمره نحو سنتيتن، يقول بأن على الأساتذة الثانويين فك الإرتباط مع مكونات هيئة التنسيق النقابية، ليطالب كل مكوّن بسلسلة تنصفه، ومن يتمكن من نيل حقوقه هنيئاً له. وذلك بدل ربط كل الفئات بسلسلة واحدة، وبمبالغ مالية ضخمة، تُثقل الجميع، وتفسح المجال أمام السلطة فتوزيع مكرمات بإسم السلسلة.

إنطلاقاً من خيار فك الارتباط، تشير مصادر من الأساتذة لـ"المدن"، إلى أن "مروحة المستفيدين من السلسلة باتت واسعة. ما جعل إضافة ليرة واحدة للأساتذة، يتحول إلى مليار بعد تعميم الإضافة على باقي المستفيدين". أما الحل فهو "القبول بأي شكل ستعطيه السلطة، وأخذ إستراحة محارب، والعودة إلى المطالبة بشكل منفرد بين القطاعات. لأن استمرار الثانويين بالإضراب والتحرك وفق النهج الحالي، سيعطيهم بأحسن الأحوال درجة إضافية، وليس كل الحقوق. وأي إضافة جديدة ستلحق مرة أخرى العسكريين وكل الفئات، لأن الإطار الحالي للسلسلة يجمع كل الفئات معاً".

والإكتفاء بالتظاهر دون تقديم نقد للتجربة الحالية، وطرح خيارات جديدة، يعطي السلطة حجة لتجميد السلسلة والتذرع بإعادة بحثها لتعديل الحقوق وإنصاف الأساتذة، وسيعود المتبجّحون إلى المزايدة على الأساتذة، كما فعل بعض النواب حين أعلنوا تأييدهم السلسلة، في محاولة للتمايز عن اولئك الذين رفضوها بوضوح، رغم علمهم بخط سير السلسلة داخل مجلسي النواب والوزراء. ويأتي التبجح في إطار "تبرئة الذمة أمام الأساتذة الثانويين، ولضمان خط العودة في ما يتعلق بمصادرة قرار رابطة التعليم الثانوي"، تقول المصادر.

رغم التطورات السلبية في ملف السلسلة، تصر القيادة الحالية لرابطة التعليم الثانوي على المراهنة على أحزاب السلطة، دون تقديم مراجعة نقدية لتجربتها. فقيادة الرابطة قررت مواجهة ضرب حقوق الأساتذة الثانويين، بإعلان الإضراب المفتوح، في حين أنها كانت قد رفضت توصية مماثلة من التيار النقابي المستقل، تقضي بإعلان الإضراب المفتوح قبل أيام من بدء اللجان النيابية المشتركة التداول في بنود السلسلة تمهيداً لإقرارها. وكانت التوصية تقول بتنفيذ إضراب يحاصر مجلس النواب ويضغط عليه لإقرار سلسلة غير مشوهة، وفي الوقت عينه، تُبقي الجمعيات العمومية اجتماعاتها قائمة.

الإضراب المتأخر لم يكن وحده الدليل على عدم جدوى نهج الرابطة الحالية، إذ يقول رئيس الرابطة نزيه جباوي، في حديث لـ"المدن"، إن هناك "لقاءات ستحصل يومي السبت والأحد مع نواب المناطق، كممثلين لأحزابهم. وسينقل الأساتذة موقفهم إلى النواب". أما في حال إصرار الأحزاب على الإقرار النهائي للسسلسلة المشوهة في الجلسة التشريعية المقبلة، فسيعود الأساتذة "إلى الجمعيات العمومية لترى ما ستقرره". ما يعني أن قيادة الرابطة تتجه إلى تكرار الخطوات التي نُفذت منذ 5 سنوات، وتنتظر نتائج مغايرة. علماً أن الجمعيات العمومية للأساتذة، وفق جباوي، "أعطت السلطة وقتاً كافياً عبر عدم تنفيذ الإضرابات، لكن السلطة لم تستدعِ الرابطة لتتحاور معها، ولم ترَ خطوتها الإيجابية". فماذا يصر جباوي على تكرار التجربة نفسها؟

في المقلب الآخر، لا يرى النقابي أديب أبو حبيب أن فك الارتباط بين مكونات الهيئة هو الحل، بل على العكس من ذلك، لأن "التضامن بين المكونات يعطي قوة أكبر. لكن في هيئة التنسيق، هناك مجموعات لا تحمل القضايا نفسها، وهذا هو مكمن الخلل. فسلسلة العسكريين تختلف عن سلسلة المدنيين كأساتذة وموظفي دولة". وعليه، يرى أبو حبيب أن "الخطأ تكتيكي وليس إستراتيجياً". ما يعني أن اتحاد القوى لانتزاع مطلب ما، هو خطوة صحيحة، لكن شرط أن تكون مكونات الاتحاد منسجمة مع مطلب موحد.

هذا في الشكل، أما في المضمون، فيعتبر أبو حبيب أن وصول السلسلة إلى ما وصلت إليه، لا يعني نهاية الطريق، لكن التعبير عن رفض التشويه، بإعادة صيغة الاعتراض نفسها، خطأ. وعلى الهيئة في هذه الحالة أن تتّبع مبدأ "خذ وطالب". ويشير أبو حبيب إلى أن العنوان العريض لطبيعة عمل السلطة تجاه هكذا تحركات، هو "الرفض، لأنها لن تقبل بوجود عمل نقابي فاعل". وتحت هذا العنوان، "ستُضرَب هيئة التنسيق، سواء ربحت المعركة أو خسرتها". ويلفت إلى أن "وجود الأحزاب في هيئة التنسيق ليس هو المشكلة، فالأحزاب موجودة في النقابات تاريخياً، لكن الفارق هو تغليب الحزبيين في السابق، المصالح النقابية داخل النقابات، على المصالح الحزبية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها