الإثنين 2017/02/27

آخر تحديث: 00:16 (بيروت)

لماذا يريد حزب الله النسبية؟

الإثنين 2017/02/27
لماذا يريد حزب الله النسبية؟
يريد حزب الله النسبية لكنه يراعي هواجس الآخرين (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease

ليس مفاجئاً أن يطالب حزب الله بقانون انتخابي نسبي على قاعدة الدائرة الواحدة أو الدوائر الكبرى. فهو منذ سنوات يدعو إلى ذلك، فيما يعتبر خصومه أنه ينحاز إلى النسبية لكونه من مذهب أكثري، ولكون النسبية تقلّص الأحجام النيابية لآخرين يسعى الحزب إلى تحجيمهم. فيما يرفض الخصوم النسبية لاعتبارهم أنه لا يمكن إجراء انتخابات نسبية في ظل سلاح حزب الله.

لكن، لماذا يرفع حزب الله شعار النسبية، وإلى أي حدّ يسعى إلى تحقيقها؟

في المستوى الشعبي، الملتصق بحزب الله، يلقى طرح النسبية تأييداً ودعماً، يبدو بالغ الدلالة. فهو لا يستند إلى موقف الحزب نفسه، فحسب، بل إلى موقف عام من السياسة وآليات الانخراط وتحصيل النفوذ فيها. هكذا، تبدو حملة "حصل حقك"، التي تطالب من بين أشياء أخرى معيشية، بـ"قانون نسبي"، ممثلاً جيداً لسياق مدني مواز للسياسة. فـ"حزب الله يريد النسبية لأنه يسعى إلى قيام دولة قوية، تقوم على المواطنة، ولا يسعى إلى مكاسب سياسية ضيقة. والدليل، أن الحزب في القوانين المطروحة حالياً، ومنها النسبية، من الممكن أن يتقلص عدد نوابه"، يقول عبدالرحمن عزالدين، وهو إعلامي في قناة الميادين، وأحد أعضاء حملة "حصل حقك"، ولا ينتمي إلى حزب الله، إنما يتابعه عن كثب. يضيف عزالدين: "من باب التذكير، القانون الأكثري يؤمن للحزب مقاعده الحالية نفسها".

وجهة النظر هذه، تُظهر حزب الله طرفاً سياسياً صادق النيّة، لا يهمّه إلّا القانون العادل، وإن أثّر ذلك على مصالحه. لكن هنا يجب العودة إلى إزدواج صورة حزب الله المقدمة إلى جمهوره: فالحزب حركة "مقاومة"، كما أنه فاعل سياسي في الشأن اللبناني. وعادة، أو دائماً، يتمّ الإستخفاف بالدور الثاني، وإعطاء قيمة أكبر للدور الأول، لأن الحزب هو جزء من محور "استراتيجي مقاوم"، ولا يهمّه تقاسم الحصص وألعابها، بما في ذلك قانون الانتخابات. وهو وإذا أراد التدخّل، لا يريد إلا الأفضل للبنانيين. فالنسبية تعبير عن مبدئية وصدق، وسعي إلى ضمان التمثيل الصحيح فحسب. فحزب الله رابح انتخابياً في كل الحسابات، ولن يؤثّر ذلك على حساباته الكبرى.

وبالفعل، يؤكّد أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية طلال عتريسي الكلام الأخير. وعتريسي هو من المثقفين الذين ينتمون إلى أجواء حزب الله، لكنه لا يمثّله سياسياً. يقول عتريسي إنّ "حزب الله مطمئن وليس خائفاً على شعبيته. فكيفما جاء قانون الانتخابات شعبيته واحدة".

الحال أن مطالبة حزب الله بالنسبية تتقاطع مع شريكه في المذهب، أي حركة أمل. وهي، نظرياً، تعطيه أيضاً مع حليفه المسيحي، التيار الوطني الحر، حجماً وقوّة كبيرين. كما أنّها تعطي حجماً، ولو ضئيلاً، لـ"رفاق" حزب الله من اليساريين والقوميين والناصريين وغيرهم، الذين يضمنون صوتاً إلى جانبه في الأمور التي يريد تمريرها.

توجّه الحزب نحو النسبية يخدمه في طائفته، ولا يمكن فصله أيضاً عن رؤيته لاندماج الشيعة وشراكتهم في المجتمع اللبناني. وهي أفكار تحدّثت عنها سابقاً مرجعيات كالشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد محمد حسين فضل الله، اللذين استوحى منهما حزب الله وثائقه الأولى. وأكثر من ذلك، توجّه حزب الله نحو النسبية فيه بحث عن حق الشيعة في التمثيل العددي أكثر من غيرهم، وإن بممثلين من طوائف أخرى. وهذا خطاب رائج في بيئته.

لكن، هل يضغط حزب الله فعلاً من أجل النسبيّة أمّ أنّه شعار يتبنّاه في منطقته الآمنة؟ التاريخ السياسي اللبناني القريب يؤكّد أنّ الحزب كلمّا أراد فرض أمر ما أو توجيه ملف سياسي في الاتجاه الذي يريد، شاء له ذلك، خصوصاً بعد 7 أيار 2008، واتفاق الدوحة. لكن عتريسي يرى أنّ "الحزب ليس مهيمناً كما يصفه البعض. ولا يفرض قرارات وإنّما يثبت على مواقفه". لكن، لماذا لا يثبت على النسبية؟ يفسر عتريسي أنّ "حزب الله يراعي هواجس بعض الأطراف، خصوصاً النائب وليد جنبلاط. وهو دائماً في خطابه عن الانتخابات، يقول إنّه مع النسبية لكن مع تفهم مخاوف الفرقاء الآخرين".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها