الجمعة 2017/02/24

آخر تحديث: 08:07 (بيروت)

حزب الله وأمل والقوات.. والسلسلة: مهرجان انتخابي مبكر

الجمعة 2017/02/24
حزب الله وأمل والقوات.. والسلسلة: مهرجان انتخابي مبكر
يجزم محفوض بأن "أحزاب السلطة لا تريد إقرار السلسلة" (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
السلطة تتظاهر ضد السلطة، لإنتزاع سلسلة الرتب والرواتب من السلطة.

هو مشهد سوريالي يشي بأن الديمقراطية تتجلى بأبهى حللها في لبنان، حيث يتظاهر المحازبون ضد أحزابهم، لانتزاع حقٍّ غفل نوابهم ووزراؤهم عنه.

واقع غياب الديمقراطية الفعلية، وغياب النموذج الحزبي الحقيقي، يناقض المشهد الغريب، ويفتح النقاش على احتمالين، إما أن الإنفصام ظهر علانية لدى أحزاب السلطة، حتى باتت تتظاهر ضد نفسها بعدما منحت نفسها 5 سنوات لحل أزمة السلسلة، ولم تصل إلى حل، ففضّلت التظاهر لعلّها تضغط على نفسها داخل مجلسي الوزراء والنواب. وإما أن حفلة البيانات التي دعت إلى التظاهر يوم الأربعاء 22 شباط، لإقرار السلسلة، ليست سوى مهرجان سياسي.

شهدت تظاهرة الأربعاء مشاركةً كثيفة أعادت إلى الأذهان بعضاً من تظاهرات هيئة التنسيق، قبل سنتين، أي قبل تشغيل أحزاب السلطة محادلها الانتخابية والسيطرة على رابطتي التعليم الثانوي وموظفي الإدارة العامة، أبرز مكونات هيئة التنسيق النقابية، إلى جانب نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، التي باتت في الواجهة اليوم، والتي يؤكد نقيبها نعمة محفوض، في حديث لـ"المدن"، أن التظاهرة الحاشدة "لم تكن نتيجة مشاركة أساتذة المكاتب التربوية لأحزاب السلطة". وهذا على عكس ما ظهر في المشهد الخلفي الذي حاولت أحزاب السلطة تركيبه عبر بياناتها. ويشير محفوض إلى أن "بيانات أحزاب السلطة أثّرت سلباً على التظاهرة، لأنها أظهرت وكأن السلطة هي من يدعم التظاهرة. ما أثار بلبلة في أوساط الأساتذة، حتى الحزبيين منهم. فإذا كانت الأحزاب مع إقرار السلسة لماذا لا تُقِر السلسلة عوضاً عن الدعوة إلى التظاهر؟".

التأثير المضاد للبيانات جعل التضارب بين تأييد الأحزاب التظاهر، وبين فرملتها لإقرار السلسلة داخل المؤسسات الدستورية، مادة للانتقاد الإعلامي من جهة، وسبباً لإحباط بعض المطالبين بالسلسلة من جهة أخرى. ومما لا شك فيه، أن أحزاب السلطة متمرّسة في سبل محاصرة التظاهرات المطلبية وتفريغها من مضمونها، فتلك الأحزاب تمكنت منذ مطلع التسعينيات من تفريغ الحركة النقابية من جوهرها، وضرب ما تبقى من حركات نشطت منذ ستينيات القرن الماضي. وفي هذا السياق، يلفت محفوض إلى أن الثقل الأساسي للمتظاهرين "كان من التعليم الخاص. أما التعليم الرسمي فلم يشارك بكثافة. والأحزاب التي دعت إلى التظاهر لم تحشد أساتذتها، بل حضر ممثلون عنها". وأمام الخطوة الدعائية التي قامت بها أحزاب السلطة، يجزم محفوض بأن "كل أحزاب السلطة لا تريد إقرار السلسلة".

حزب الله وحركة أمل والقوات اللبنانية أعلنت باكراً دعمها التظاهرة، ثم تبعها تيار المستقبل بإعلان تأييده السلسلة. ولاحقاً، سارع وزير الخارجية جبران باسيل إلى ربط دعوة التيار الوطني الحر إلى التظاهر، بتأكيد عدم الوقوف ضد تخصيص الاعتمادات في احتياطي الموازنة لتعديل سلسلة الرتب والرواتب، مشترطاً أن يكون هذا الخيار، هو وجهة الجميع في مجلس الوزراء.

التأييد ذو اللهجة الصارمة، والآتي من ثلاثي البيانات، يتناقض مع التأييد الرمادي الآتي من صوب المستقبل والتيار العوني، ويُظهر أن هناك إنقساماً لدى أحزاب السلطة. وهذا ما يؤكده رئيس رابطة التعليم الثانوي نزيه جباوي، إذ يكشف لـ"المدن" أن بيانات الحزب وأمل والقوات "ليست دعوة من أحزاب السلطة للتظاهر ضد نفسها، إنما هي دعوة من هذه الأحزاب الثلاثة للتظاهر ضد باقي الأحزاب التي لا تريد السلسلة". ويربط هذه الخطوة باقتراب موعد الانتخابات النيابية، لجهة أن الأساتذة والناس سيحاسبون عبر صناديق الإقتراع، كل من يقف ضد السلسلة.

إنها الانتخابات النيابية إذاً. هي سر الدعوة الثلاثية، وسر التحاق المستقبليين والعونيين بركب تأييد السلسلة. لكن، أيّاً من السابقين أو اللاحقين، لم يؤيد التظاهرات على مدى سنوات التحركات الخمس. إذ يومها كان التمديد للمجلس النيابي سيد الموقف، وفي السنتين الماضيتين، كان تعطيل المؤسسات الدستورية هو الحجة الأساسية لعرقلة السلسلة عبر إقتراحات مشوّهة لإقرار سلسلة منفصلة عن الواقع المعيشي، وسلسلة تتماهى مع ما تريده الهيئات الإقتصادية التي تنشط هذه الأيام للضغط على رئيسي الجمهورية والحكومة، لعدم تبني سلسلة هيئة التنسيق، بل تبني سلسلة الهيئات الإقتصادية.

والسلسلة الأولى تشمل تحصيل التمويل من خلال استعادة حقوق الدولة أملاكها العامة، وفرض ضرائب على مستثمري ومحتلّي الأملاك البحرية، إلى جانب التمويل من خلال فرض ضرائب على الريوع العقارية وعلى أرباح المصارف التجارية. في حين أن الهيئات تلوّح بأن تمويل السلسلة سيكون عبر فرض ضرائب على المواطنين، دون المس بمستثمري الأملاك البحرية وأصحاب المصارف.

في المحصلة، تجربة السلطة مع السلسلة واضحة منذ 5 سنوات. لكن القيادة الجديدة للروابط، تأمل أن تُثمر جهودها الملتزمة بقرارات أحزاب السلطة. وهذا ما يضاعف من ثقل المطالبة، لأن عدم إقرار السلسلة أمر وارد، تحديداً لأن السلطة ربطت إقرار السلسلة بزيادة الضرائب، والهيئات الإقتصادية ترفع شعار "نحن نأمُر ولا نؤمَر".

عليه، فالروابط التابعة لأحزاب السلطة ستكون أمام إمتحان صدقيتها مع أساتذتها وموظفيها، إذا ما رفضت السلطة إقرار السلسلة، أو أقرتها مشوهة مع زيادة الضرائب على المواطنين. فإما أن تكون الروابط صوت الأساتذة والمواطنين، وتؤكد أن انتماءها إلى أحزاب السلطة منفصلٌ عن تحركها للمطالبة بحقوقها، وإما أن تؤكد أنها مفاتيح انتخابية تعمل لترويض الأساتذة ومقايضة انتخاب أحزاب السلطة بإقرار السلسلة، سواء أقرت السلسلة قبل الانتخابات النيابية أو بعدها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها