الثلاثاء 2017/02/21

آخر تحديث: 00:14 (بيروت)

حلف حزب الله-الوطني الحر-القوات يتقدم: تراجع أسياد الأمس

الثلاثاء 2017/02/21
حلف حزب الله-الوطني الحر-القوات يتقدم: تراجع أسياد الأمس
ثمة من يريد تغيير معالم النظام والسياسة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
لم يكتف وزير الخارجية جبران باسيل بقلب طاولة الحوار، والفوز بانتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية. ولم يوفّر أي مناسبة، من أيام الفراغ وحكومة الرئيس تمام سلام، أو حتى الآن، للمضي قدماً في تحقيق ما يريد. يوم التقى القواتيون والعونيون في إعلان النوايا وتعميد تحالفهما في الانتخابات البلدية والرئاسية، كان ما اجتمعا عليه هو إقفال بيوت الإقطاع السياسي. وهو موقف جديد كرره باسيل قبل أيام خلال حفل عشاء المهندسين في التيار الوطني الحر.

لا يبدو أن التسوية السياسية التي أتت بميشال عون رئيساً للجمهورية، ستحقق ما أراده منها الرئيس سعد الحريري. والأصح أن تلك التسوية ارتبطت بتسويات إقليمية وسياسات خارجة عن إرادة الساسة اللبنانيين، الذين لم يستطيعوا الوقوف بوجهها. بل سرعان ما بدا أن مقولة إنجاز الإستحقاق بجهد لبناني مئة في المئة، لا تخلو من المبالغة وسوء التقدير. أما الحريري الذي سعى للحفاظ على اتفاق الطائف، فلم يتمكن حتى الساعة سوى من العودة إلى رئاسة الحكومة، فيما الطائف شبه منتهٍ في حسابات من بيدهم القرار.

طوال السنوات الماضية، كرر ساسة لبنان مواقف متعددة في شأن تغيّر وجه المنطقة، سياسياً وجغرافياً. جميعهم تباهى بالحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان، وحمايته من النار المشتعلة في الإقليم. عبارة سوريا التي نعرفها تغيّرت ولن تعود، أصبحت لازمة تصريحات الجميع، لكن لبنان أيضاً يتغيّر. وبفعل موازين القوى فيه وفي الإقليم، يظهر أن فعل التغيير الجوهري فيه، يسير قدماً وإن بطيئاً. والأوضح أن هذا التغيير لا يحتاج إلى حرب أو اهتزاز للأمن.

ثمة من يريد بفعل فوزه بالتسوية، تغيير معالم النظام والسياسة. وبمعزل عما إذا كان الموقف مؤيداً ذلك أم معارضاً له، فإن الواقع يشهد بروز نجوم وأفول أخرى. في تاريخ لبنان الحديث، أحزاب وفرق وعائلات عديدة كان لها دورها في انتظام الحكم، انتهت ودخلت في غياهب الزمن، وفرق أخرى، لا تزال موجودة لكنها ضعيفة، لا قدرة لها على العمل والتحرك والتأثير. رغم احتفاظها بعدد من النواب أو الوزراء، وبمكاتب حزبية هنا وهناك. كذلك ثمة تحالفات انهارت، ليست الحركة الوطنية والجبهة اللبنانية وحدهما المثال على ذلك، انهيار تحالفي 14 و8 آذار خير شاهدين على الحقبة الحالية، وربما المقبلة. وذلك لمصلحة تحالفات ثنائية أو ثلاثية، تقوم على مفاهيم مصلحية.

وإذا ما حصل التوافق على المدى البعيد بين حزب الله والقوات اللبنانية، إلى جانب التحالف بين التيار الوطني الحر مع الطرفين، يتشكل بفعل ذلك تحالف جديد بين ثلاث قوى سياسية حديثة وقوية ناشئة، مقابل قوى أخرى قديمة، تتراجع قوتها وقدرتها على المبادرة والحركة، وتفتقد إلى أي عنصر مقرّر، أو فاعل، بل تكتفي بارتكاب رد الفعل.

وبفعل استمرار هذه السياسة والتوجهات، فإن لبنان مقبل على متغيرات جذرية. تبدأ بما يعلنه باسيل مراراً بأنه ممنوع على النائب وليد جنبلاط أن يسمي نائباً مسيحياً واحداً مثلاً، أو ما يكرره في موقف آخر بأنه لن يسمح بإقرار قانون انتخابي يعطي من صفته التمثيلية تشكل ستة نواب، بأن يحصل على 13 نائباً. والهدف هنا هو تحجيم القوى السياسية التقليدية، أو الإقطاعية وفق تأكيدات باسيل.

أولى بوادر التغيير هي التلويح أو الكلام عن الفراغ في المجلس النيابي، وحتى لو كان هذا الكلام لا يستقيم قانوناً، فسابقاً لم يرفع أحد الصوت وجه الرئيس نبيه بري، بينما الأمور بدأت تتغير. ولا يقتصر الأمر على الواقع بل يشكل المفاهيم، كأن يخرج رئيس للجمهورية معلناً التمسك بسلاح أحد الأحزاب، واعتباره مكملاً لسلاح الجيش اللبناني.

المتغيرات لن تقف هنا، ومعها تبدأ الصورة ترتسم بشكل جديد، وفيها قوى صاعدة تكتسح المشهد وتمسك بعنصر المبادرة والفعل، وفي المقدمة التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل. مقابل أفول نجم البعض. أو على الأقل لجوئها إلى منطق رد الفعل، أو مداراتها والسير بجانب الجدار طلباً للسترة. في هذه الصورة طرفان، صف أول وصف ثان. في الصف الأول يقف رئيس الجمهورية، الوزير جبران باسيل وحزب الله وإلى جانبهم القوات اللبنانية وإن بدرجة أقل. يقابلهم في الصف نفسه الرئيس سعد الحريري رأس حربة خيار سياسي يحمل مشروعاً معيناً لكنه ضعيف ورغم ضعفه يحتفظ بحجمه ووجوده، حتى الآن.

في المقابل، فإن من كانوا في الصف الأول تحولوا إلى الصف الثاني، كالرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط. فهما في مكان ما، مهادنان أو غائبان، أو حتى مترددان بين المواقف. فتارة يقف أحدهما خلف حزب الله أو الحريري، وأطواراً يقفان بلا حيلة، ولا موقف واضحاً، في انتظار إشارات خارجية لأي متغيرات يمكن أن تحصل. ومنا هنا يبدأ التغيير الفعلي في جوهر النظام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها