الأحد 2017/02/19

آخر تحديث: 12:55 (بيروت)

ديموغرافيا الانتخابات: بورصة المذاهب في 25 سنة

الأحد 2017/02/19
ديموغرافيا الانتخابات: بورصة المذاهب في 25 سنة
تبدل المشهد الانتخابي في العام 2005 (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

شهدت الديموغرافيا الانتخابية اللبنانية تغيّرات حادة منذ نهاية الحرب الأهلية. فعشية الانتخابات النيابية العام 1992، كان عدد الناخبين اللبنانيين المسجّلين على القوائم الانتخابية نحو مليونين و400 ألف ناخب موزّعين على مليون و270 ألف ناخب مسلم ومليون و130 ألف ناخب مسيحي، أي بنسبة 53% مسلمين و47% مسيحيين. طائفياً، شكّل الشيعة نحو 558 ألف ناخب والسّنة نحو 556 ألف، أما الموارنة فكانوا نحو 616 الف.

لم تشكّل تلك الانتخابات جاذبية للبنانيين، ولاسيّما أن عدد المقترعين في جميع الدوائر بلغ نحو 715 ألف، أي بنسبة لم تتخطّ 29%. على صعيد المناطق كانت أعلى نسبة اقتراع في البقاع بـ40%، تلتها الجنوب بـ37%، والشمال بـ30%، بينما استقرت نسبة الاقتراع في جبل لبنان على نحو 20% وبيروت 16%. بطبيعة الحال، أظهرت تلك الانتخابات مدى حجم المقاطعة المسيحية، استناداً إلى نسبة المشاركة المتدنية في محافظتي بيروت وجبل لبنان، حيث تركّزت المقاطعة على القوى المسيحية الأساسية، ولاسيّما القوات اللبنانية والتيار العوني وحزب الوطنيين الأحرار.

استمرت الديموغرافيا الانتخابية المسيحيّة بالتراجع، فيما ارتفعت نسبة المسلمين. فوصلت نسبة الناخبين المسيحيين إلى ما دون ـ45% في العام 1996، وذلك من أصل عدد الناخبين الاجمالي الذي وصل إلى مليونين و570 ألفاً. جرت الانتخابات في العام 1996، وفقا لقانون انتخابي قسّم لبنان إلى أربعة دوائر انتخابية على أساس المحافظة (الجنوب والبقاع وبيروت والشمال) وأبقى جبل لبنان موزعاً على ستة أقضية (بعبدا وعاليه والشوف والمتن وكسروان وجبيل). لكن، على عكس انتخابات العام 1992، شهدت هذه الانتخابات ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة المشاركة التي بلغت نسبتها على المستوى الوطني 41%. وتظهر نسب المشاركة بحسب المناطق تراجعاً في المقاطعة المسيحية، إذ وصلت نسب المشاركة في المتن إلى 45% وكسروان 51% وجبيل 55%. وشهدت هذه الانتخابات ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة المشاركة في الجنوب وصل إلى 48%، حيث احتلت قوى اليسار مرتبة لافتة. ورغم أنّ عدد الناخبين الاجمالي لم يتبدّل إلا بشكل طفيف، حصد المرشح الياس أبو رزق نحو 94 ألف صوت على مستوى المحافظة، بينما حصل الرئيس نبيه بري على 155 ألف صوت على لائحة ضمّت بالإضافة إلى حركة أمل وحزب الله والقومي السوري، الراحل مصطفى سعد وبهية الحريري في صيدا.

في انتخابات العام 2000 استمرّ عدد الناخبين في الارتفاع على المستوى الوطني وسجّل مليونين و730 ألف ناخب، شكّل المسيحيون نحو 40% منهم. وقد أدت تلك الانتخابات إلى تبدلات كبيرة على مستوى المشهد السياسي، ولاسيما لناحية اكتساح الرئيس رفيق الحريري مقاعد بيروت. خيضت تلك الانتخابات وفقاً لقانون انتخابي عرف بـ"قانون غازي كنعان"، كان الهدف منه تقليص درو الحريري وبعض القوى المسيحية، لكن نتائجه أتت عكسية، إذ شهدت انتخابات بيروت، التي قسّمت إلى ثلاث دوائر، سقوطاً مدوياً للرئيس سليم الحص ولحزب الطاشناق. وشهدت تلك الانتخابات صعود حزب الكتائب اللبنانية إذ فاز بثلاثة مقاعد، واحد منها كان من نصيب النائب بيار أمين الجميّل.

أما جنوباً، ورغم كون تلك الانتخابات أتت بعد "تحرير الجنوب" وما رافقها من صعود لافت لحزب الله، حيث ارتفعت نسبة الاقتراع لمرشحي الحزب حتى في المناطق المسيحية والسنيّة بمعدّل الضعفين عن العام 1996، فيما حافظ  الحزب الشيوعي على حضور لافت. إذ رغم انقاسم الشيوعيين، وتقسيم الجنوب إلى دائرتين انتخابيتين، نال مرشح الحزب سعدالله مزرعاني في دائرة (مرجعيون- حاصبيا- النبطية- جزين) نحو 28 ألف صوت، علماً أنّ عدد الأصوات التي نالها في انتخابات العام 1996 وصل إلى نحو 34 ألفاً على مستوى الجنوب ككل.

تبدل المشهد الانتخابي في انتخابات العام 2005 جذرياً، ولاسيما أنها أتت بعد خروج الجيش السوري من لبنان. على المستوى الديموغرافي بلغ عدد الناخبين نحو 3 ملايين ناخب، شكّل المسيحيون نحو 38% منهم. ووصلت نسبة الاقتراع على المستوى الوطني إلى 46%، شكّل المسلمون 65% منهم والمسيحيون 35%.

شهدت تلك الانتخابات استقطاباً حاداً، إذ ارتفعت نسبة المشاركة المسيحية بنحو ست نقاط عن العام 2000، ووصلت إلى نحو 36% على المستوى الوطني. وأفضت الانتخابات إلى صعود التيار الوطني الحر الذي عُرِف بتسونامي في دائرتي جبل لبنان الأولى والثانية. كذلك صعد نجم القوات اللبنانية وتيّار المستقبل ومستقلّي 14 آذار. هذا وقد فقد النائب سليمان فرنجية مقعده النيابي الذي احتله منذ اتفاق الطائف وانتخب مكانه النائب السابق سمير فرنجية.

أتت انتخابات العام 2009 لتعيد تأكيد حضور ما سُمّي قوى 14 آذار، رغم تغيّر القانون الانتخابي بشكل جذري. فبضغط من المعارضة المتمثّلة بالتيار الوطني الحر والثنائي الشيعي، أُعيد العمل بقانون "الستين"، الذي فُرض في اتفاق الدوحة. رغم ذلك، فازت "المعارضة" فقط في معاقِلها الشيعيّة التقليدية، وفي بعبدا والمتن وكسروان وجبيل وزغرتا، ونالت خسارة قوية في الدوائر الانتخابية الأخرى.

على المستوى الديموغرافي تراجع المسيحيون إلى نحو 37% من مجموع الناخبين اللبنانيين الذين بلغ عددهم نحو 3 مليون و250 ألف ناخب. استقرت الطائفة السنّية في المرتبة الأولى بنحو 887 ألف ناخب، تلتها الطائفة الشيعية بنحو 873 ألفاً، والطائفة المارونية نحو 697 ألفاً.

أما كيف ستكون الانتخابات المقبلة، فهذا يتوقف على القانون الانتخابي المنتظر. الثابتة الوحيدة التي لن تتبدل في هذه الانتخابات هي ديموغرافيّتها التي ظهرت في الانتخابات البلدية في الصيف الفائت، إذ من أصل نحو 3 مليون و624 ألف ناخب في القوائم الانتخابية للعام 2016 يوجد نحو 64% مسلمين و36% مسيحيين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها