الجمعة 2017/12/08

آخر تحديث: 17:30 (بيروت)

لولا القدس لقال فلسطينيو لبنان: "شكراً ترامب"

الجمعة 2017/12/08
لولا القدس لقال فلسطينيو لبنان: "شكراً ترامب"
عاد المجتمع المدني الفلسطيني ليمارس دوراً سياسياً (المدن)
increase حجم الخط decrease
لم تمضِ دقائق على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس، حتى كانت دعوات المجتمع المدني للتظاهر تصل إلى كل سكان مخيم برج البراجنة، والشيء نفسه تكرر في بقية المخيمات. الداعون إلى التظاهرة، كانوا شباباً ناشطين في الحراكات المدنية التي يشهدها المخيم. كأن المشهد استعارة للحظة زمنية من الانتفاضة الثانية التي انطلقت في أيلول 2000.

عاد المجتمع المدني ليمارس دوراً سياسياً، يسيّر تظاهرة، تشاركه فيها الفصائل الفلسطينية. يقول أحمد، أحد منظمي التظاهرة لـ"المدن" إن "الفصائل الفلسطينية لكي تتخذ قراراً يلزم ذلك اجتماع، والاتفاق على المتحدثين وغير ذلك. أما الشباب الناشط فيتخذ قراره مباشرة، وبشكل عفوي. لكن يُحسب للفصائل الفلسطينية تأييدها ومشاركتها في التظاهرات".



إنها أجواء الانتفاضة الثانية. الفروقات الفصائلية تتراجع إلى حدودها الدنيا. لا نقاش في شأن من يقرأ البيان، أو يتقدّم المسيرة، ودور كل طرف. الحدث أكبر من هكذا تفاصيل. الحافلات تصطف عند باب مخيم برج البراجنة الغربي للمسير نحو مسجد الإمام علي في الطريق الجديدة. لا تصنيف فصائلياً هنا. على الأرجح سيجلس عضو في حماس إلى جانب آخر من فتح، وخلفهما ثالث من الجبهة الديمقراطية. الرايات الفصائلية تكاد تختفي أمام الأعلام الفلسطينية التي تغطي المشهد. لا عجب حينها أن ينادي مسؤول فصائلي على مسؤول في فصيل آخر ليتحدّثا معاً إلى وسيلة إعلامية. لولا أنها القدس، لقال الفلسطينيون: "شكراً ترامب".

المرأة عاد حضورها القوي إلى التظاهرات، والعمل العام. حراكات مدنية كثيرة شهدتها المخيمات في الآونة الماضية، كانت المرأة شبه غائبة عنها. اليوم موجودة بفعالية في كل لحظات التحضير للتظاهرة والمشاركة فيها. ويبدو أن الهيئات الطالبية في الفصائل الفلسطينية هم من أكثر الفاعلين، سواء في الفعاليات التي تشهدها المدارس والجامعات، أو من خلال التعبئة جنباً إلى جنب مع ناشطي المجتمع المدني. وهذا معلم آخر من معالم الانتفاضة الثانية.


التظاهرات تنطلق في العادة، مساءً، ليتسنى للجميع المشاركة. حتى اللاجئون الفلسطينيون القادمون من سوريا، لم يثنهم لجوؤهم الثاني عن المشاركة، وبأعداد كبيرة، وهم القادمون بمعظمهم من مخيم اليرموك أو "مخيم الشهداء"، كما يحلو لهم أن يسمّوه، وفي مخيمهم دُفن خليل الوزير وسعد صايل، ومنه انطلقوا يوماً وحملوا سيارات ياسر عرفات. فهم معتادون دوماً على التظاهر من أجل فلسطين، وفي جنازات الشهداء كثيرين.

الأغاني الوطنية ارتفع صوتها مجدداً، فـ"طل سلاحي من جراحي"، لا تنافسها في الحضور غير "يا جماهير الأرض المحتلة" و"اشهد يا عالم علينا وع بيروت". وتنزوي الأغاني العاطفية مؤقتاً، داخل البيوت احتراماً للحدث، كما جرت العادة. حتى فيروز، المطربة الأكثر شعبية بين سكان المخيم، لا يُسمع في المخيم الآن من أغانيها إلا "زهرة المدائن" و"شوارع القدس العتيقة".


خطاب ترامب فرض حالة من التضامن بين السكان، وكأنه تهديد وجودي، ولعلّه كذلك. فمنذ خطابه، لم يُسجّل أي إشكال في أي مخيم. حديث الهجرة الدائم استُبدل بخطابات التحدي. ازدحام في الطرقات، إنه الحاجة إلى المجموع في لحظة ضعف فردي أمام حدث كبير. تحدث كثيرون أن يوم الجمعة، في 8 كانون الأول، جمعوا فيه تبرعات لمريض أكثر من أي يوم جمعة سابق.

أعاد ترامب اللحظة التي سادت في المخيمات والتجمعات الفلسطينية قبل أكثر من 15 عاماً، أثناء الانتفاضة الثانية، أو ما يُعرف بـ"انتفاضة الأقصى". التحولات الاجتماعية الكبرى كثيراً ما يصنعها حدث سياسي، فهل فعلها ترامب؟



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها