الأحد 2017/12/17

آخر تحديث: 00:11 (بيروت)

رهان السعودية في سوريا ولبنان: ضرب حزب الله

الأحد 2017/12/17
رهان السعودية في سوريا ولبنان: ضرب حزب الله
حزب الله لن يسكت عن موضوع القدس (المدن)
increase حجم الخط decrease

في الموقف السعودي الرسمي الاول عن تراجع الرئيس سعد الحريري عن استقالته، منح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير غطاء لقرار الحريري. واعتبر أن السعودية كانت تدعمه، وهي طلبت الاستقالة لأجل إعادة التوازن السياسي. وقال الجبير إن الحريري كان عائداً لتقديم استقالته رسمياً، لكنه تلقى وعداً من الرئيس نبيه بري بتطبيق النأي بالنفس والالتزام به. ومرر الجبير موقفاً هو بمثابة إشارة، إذ قال إن السعودية تنتظر لترى النتائج على الأرض. هذا الانتظار السعودي له هدفان، الأول إزالة الالتباسات التي لها علاقة بما رافق استقالة الحريري ومكوثه في الرياض، والثاني استمرار المساعي الدولية والسعودية لأجل تحقيق توازن سياسي في المنطقة، من خلال الضغط على إيران.

هذه المساعي أظهرت مجدداً حجم التقارب الأميركي السعودي في ما يتعلّق بمواجهة الأنشطة العسكرية لإيران في المنطقة. وتجلّى ذلك على منابر الأمم المتحدة، وعلى لسان السفيرة الأميركية هناك نيكي هايلي، التي أشارت إلى أن "تزويد إيران الحوثيين في اليمن بالصواريخ، في انتهاك لقرارات الأمم المتحدة"، مطالبةً "بتحرّك دولي في مجلس الأمن لمواجهة التهديد الإيراني، بموازاة تحرك تقوده وزارتا الخارجية والدفاع الأميركيتان ومجلس الأمن القومي. وقد سارعت السعودية إلى الترحيب بهذا الموقف، ودعت إلى تشكيل جبهة دولية لمواجهة الأنشطة الإيرانية المزعزعة لاستقرار الدول.

وقد ذهبت السعودية أبعد من حدود اليمن، إذ طالبت المجتمع الدولي بضرورة العمل على تطبيق القرارات الدولية، وخصوصاً القرارين 1559 و1701، ومنع إيران وحلفائها من خرق هذه القرارات وسيادة الدول، ومنع تسليح الميليشيات الموالية لها في عدد من الدول بما فيها حزب الله في لبنان. وتستند السعودية في دعوتها إلى تشكيل هذا التحالف الدولي، أو المحور، إلى ما تضمنه البيان الختامي لمجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان، إذ شدد البيان على ضرورة تطبيق هذه القرارات الدولية.

وتعتبر المصادر أن السعودية تحتفظ بموقفها التصعيدي تجاه حزب الله ونشاطه في لبنان وخارجه، من دون أن تصوب على سياسية النأي بالنفس التي تطالب بها وتنتظر تفعيلها. وتؤكد المصادر أن السعودية تراهن على الضغوط الدولية التي تمارس على إيران لأجل تحقيق ذلك. وهنا، سيكون الرهان بشكل أساسي على روسيا وليس على أي طرف آخر.

ومن الواضح أن التطبيق الفعلي للنأي بالنفس، سيبدأ من سوريا. وبعد فشل مؤتمر جنيف، هناك من يعتبر أن روسيا تريد إخراج الحلّ السياسي للأزمة السورية من عندها. وهي تستعد لتحقيق ذلك في مؤتمر سوتشي، حيث سيعقد مؤتمر شعوب سوريا. وتريد موسكو أن تضع هي سبل الحل ومندرجاته. وفي هذا الإطار، تضع المصادر عدم جدية روسيا والنظام السوري في إنجاح جولة مفاوضات جنيف. لكن، لا شك أنه إذا ما أرادت روسيا تحقيق أي تقدم على صعيد الحل السياسي في سوريا، فهي تحتاج إلى موافقة أميركية تمنح الغطاء اللازم لذلك. ووفق المعطيات، لا تعترض واشنطن على تولي موسكو الحل السوري، لكن لديها جملة من الشروط، أبرزها ما يتعلّق بتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا. والضغط على طهران للانسحاب من مختلف الميادين العربية. وهذا موقف خليجي متشدد أيضاً.

في هذا السياق، تربط المصادر انسحاب البعثة الدبلوماسية الروسية من صنعاء وممارسة مهماتها من الرياض، في إشارة لافتة إلى الموقف الروسي المؤيد للخطوات السعودية والأميركية في اليمن. ودخل عامل جديد في الضغوط على إيران، هو انشاء محور دولي يحاول التواصل مع روسيا لأجل تحجيم النفوذ الإيراني. وهذا ما بدأ يظهر في العراق، من خلال الدعوات المتكررة من قبل المرجعيات لحل الميليشيات العسكرية وتسليم سلاحها، بعد إقرار قانون يمنع أي تنظيم مسلّح من الترشح للانتخابات البرلمانية، بالإضافة إلى دعوة السيد السيستاني إلى حل كل الميليشيات.

وتجزم المصادر بأن السعودية أصبحت مقتنعة باقتراب انسحاب إيران وحلفائها من سوريا. ويستد ذلك إلى المشاورات بين الأميركيين والروس. والنقطة الأساسية التي يجري النقاش بشأنها هي تحجيم نفوذ إيران وحزب الله. ولا تستبعد المصادر أن تعلن إيران قريباً إنسحابها من سوريا، وكذلك حزب الله في فترة لاحقة، إذ سيكون آخر الخارجين. وتلفت المصادر إلى أن الإشكالية الآن تتركز على الحدود السورية العراقية، التي تصرّ إيران على الاحتفاظ بمناطق نفوذها هناك. وهذا ما تعارضه واشنطن بشكل قطعي. وعليه، تقول المصادر إنه حتى لو أعلنت إيران الإنسحاب وكذلك الحزب، فالأمر لن يختلف عن الإعلان الروسي، أي أن إيران وحزب الله سيحتفظان بقوات عسكرية داخل سوريا، وإن بشكل غير علني. فيما هناك من يعتبر أن الأمور لن تقف عند هذا الحدّ، وإيران لن تسكت عن ذلك. حتى وإن حصلت هدنة، أو تفاهمات موضعية، فإن الأمور قد تتغير لاحقاً، وتُفتح جبهات كبيرة، خصوصاً أن حزب الله لن يسكت عن موضوع القدس.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها