تعقد رابطة الطلاب المسلمين في الجماعة الإسلامية، الأحد في 17 كانون الأول 2017، مؤتمرها السنوي في فندق موفنبيك في بيروت. لا تشبه أجواء المؤتمر سابقاته من المؤتمرات التي عقدتها منذ تأسيس جناحها الطلابي في العام 1964. ثمّة استكمالٌ للاستراتيجيّة التي وضعتها الجماعة في مؤتمرها "رؤية وطن"، الذي عقدته في أيّار 2017.
في مؤتمر أيّار، سعت الجماعة إلى البدء بـ"لبننة" خطابها، وترتيب أولوياتها بتغليب القضايا الداخلية على القضايا الخارجية. أرادت أن تنخرط في عمق السياسة اللبنانيّة، بعدما شغلتها الثورة السوريّة والصراعات التي واجهها الأخوان المسلمون، وآلت إلى وضعهم على لائحة الإرهاب.
بات واضحاً أنّ الجماعة تخطو نحو الداخل أكثر من قبل. لكنّ، المفارقة الأهم، التي كانت موضع سجالٍ كبير، هي أنّ المنحى المنفتح الذي اتّخذته الجماعة في هذا المؤتمر، دفعها لدعوة الهيئات الطلّابية والكوادر الشبابيّة من مختلف الاحزاب. ومن بينها، ممثلون عن التعبئة التربوية التابع لحزب الله، بعدما دام انقطاع العلاقة والتنسيق بين الجانبين 6 سنوات منذ اندلاع الحرب في سوريا، رغم أنّ الجماعة لم تدعُ الحزب إلى حضور مؤتمرها في أيّار.
مشاركة حزب الله في مؤتمر الجماعة طرحت كثيراً من علامات الاستفهام حول شكل العلاقة التي تجمعهما ومستقبلها. من جهة، هناك من ربط انفتاح الجماعة على الحزب بالأحداث الماضية التي رافقت إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته من الرياض، وما تبعها من خطابٍ هادئ اعتمده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، مع إعلان نيّته سحب قواته من سوريا والعراق. ومن جهة أخرى، هناك من وجّه اللوم وأصابع الاتهام نحو الجماعة، معتبراً دعوتها الحزب "خطوة ناقصة" تُضمر أبعاداً وأهدافاً ملتبسة. وهذا ما دفع فئة واسعة من جمهورها وخصومها إلى رثاء الثورة السوريّة، وكأنّها أصبحت في الجهة المعادية لها، لمجرّد مشاركة حزب الله في المؤتمر.
من الناحية الشكليّة، يشير المسؤول الإعلامي لمؤتمر رابطة الطلاب المسلمين في الجماعة الإسلاميّة صهيب جوهر، لـ"المدن"، إلى أنّ الهدف من المؤتمر هو "عرض خطّة القطاع الشبابي في الجماعة للعام 2018 من ناحية الأنشطة والأعمال، وسينفصل إلى فقرات مفتوحة للنقاش مع الهيئات السياسية والطلابية، كما سيطلق الأمين العام للجماعة الإسلاميّة عزام الأيوبي موقفاً سياسيّاً قبل البدء بورشة عمل مغلقة".
وعن مضمون المؤتمر، يضيف جوهر: "ثمّة طروحات في المؤتمر تتماشى مع الخطوط العريضة لمؤتمر أيار. لكن الهدف الرئيسي، سيرتكز على هيكلة الرؤية الشبابية في صفوف الجماعة، وتفعيل دورهم في مختلف الميادين، مع التركيز على القضية الفلسطينية، وترسيخ مبادئ الخطاب الوطني الجامع".
سياسيّاً، يرفض النائب عماد الحوت إدانة الجماعة بسبب دعوتها حزب الله إلى المؤتمر. ويقول لـ"المدن": "طبيعة المؤتمر طلابية وشبابية. لذلك، وبعدما أصبحت مؤتمرات الجماعة مفتوحة، حرصنا على دعوة جميع القطاعات الشبابية، من مختلف الأحزاب، بصرف النظر عن المواقف السياسية منها، بهدف تعزيز التواصل الذي تكرسه الجماعة على قاعدة الاحترام المتبادل لخصوصيّة كلّ فريق".
العلاقة مع حزب الله، يعتبرها الحوت حاليّاً في "حدّها الأدنى" وليست في أحسن أحوالها. غير أنّ الحزب في النهاية، "هو مكون لبناني ويمثل فئة واسعة من الناس. والأصل في العلاقة السياسية أن يكون هناك توافق". لكن، رغم الاختلافات الجذرية في المواقف والرأي، "محكومون أن نتعايش في ما بيننا. بالتالي، يبقى التواصل محطّة أساسية ومهمّة. من دون أن ننسى أن القضيّة الفلسطينيّة اليوم تشكل أرضية مشتركة مع حزب الله وباقي الأحزاب اللبنانيّة".
هذا المؤتمر، لا يحمل بُعداً انتخابياً، وفق الحوت. "توقيته ليس انتخابياً وإنّما سياسي". إذ "لا يمكن فصل قطاع الشباب عن البعد السياسي، لأنهما مترابطان".
وعند سؤاله عن الانتخابات، يسعى الحوت إلى أن يُخرج الجماعة في لبنان من دائرة الصراعات الخارجية، تحديداً مع السعوديّة، كي لا تصبغ خياراتها في التحالفات. "الموقف العام خارج لبنان لا ينعكس على الجماعة داخلياً. بالتالي، تبقى خياراتنا مفتوحة على الجميع، بما فيهم تيار المستقبل. والمسألة الفعلية، هي أنّ طبيعة قانون الانتخابات تجعل من الصعب حسم خياراتنا من الآن، لاسيما أنّ هذا القانون سيشكل حالة تنافسيّة حتى داخل اللائحة الواحدة. وهذا ما يجعل مهمة صوغ التحالفات، قضيّة شائكة تحتاج إلى نقاشٍ عميق، وتواصل مع جميع الأطراف".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها