الخميس 2017/11/09

آخر تحديث: 11:47 (بيروت)

أين هو ​سعد الحريري​؟ ​لبنان​ يريد أن يعرف

الخميس 2017/11/09
أين هو ​سعد الحريري​؟ ​لبنان​ يريد أن يعرف
الاستقالة تبدو كأنها تضحية بالموقف السياسي للحريري (المدن)
increase حجم الخط decrease

أحدثت استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، في 4 تشرين الثاني، صدمة كبيرة تتوالى ارتدداتها المحلية والاقليمية. فالوضع اللبناني بات على سلم أولويات دول عدة، بينما تحاول الصحف والمواقع العالمية تحليل انعكاسات الاستقالة على لبنان.

وفي لهجة مختلفة عن اللهجة السعودية، أكد سفراء الاتحاد الأوروبي في لبنان مجدداً "دعمهم القوي لاستمرار وحدة لبنان واستقراره وسيادته وأمنه". ودعوا "جميع الأطراف إلى مواصلة الحوار البناء". أما وزارة الخارجية الأميركية فقد قالت إن "علاقاتها الجيدة" مع الحكومة اللبنانية لن تتغير، نافيةً أي خطط لتخفيض أو تعليق ما قيمته 70 مليون دولار من المنح الأميركية للجيش اللبناني.

حاولت إسرائيل تصنيف هذه الاستقالة بأنها تؤكد مزاعمها بشأن خطر حزب الله. وبعد تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه أفيغدور ليبرمان عن ضرورة الاستعداد للحرب، رأت صحيفة هآرتس في استقالة الحريري ضربة لإيران في لبنان، مع الدعوة إلى عدم الانجرار إلى دعوات الحرب السعودية.

من جهتها، اعتبرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن مؤامرة الاغتيال التي كشف عنها الحريري في خطاب استقالته هي مجرد ذريعة، مفترضةً أن السعوديين صاغوا خطاب استقالته من أجل إنشاء حلف سياسي يضعف حزب الله. أما جيروزاليم بوست فقد رأت أنه باستقالة الحريري أصبحت الحدود الشمالية لإسرائيل أقل استقراراً.

أما مجلة فورين أفيرز الأميركية فقد وضعت استقالة الحريري في خانة إضعاف لبنان ككل، مستبعدةً المواجهة العسكرية. لكن، في نظرها، ستكون المعركة سياسية في المقام الأول، سواء في الداخل أو في الممرات الدبلوماسية الدولية. وهذه الاستقالة قد تعني أن الحريري سيعمل كرئيس لمعارضة ستكبر بمساعدة مالية من السعوديين. وإذا فاز بأغلبية المقاعد في البرلمان المقبل، فربما يقلب الطاولة على حزب الله.

وقد نشر معهد بروكينغز للدراسات في واشنطن دراسة عن استقالة الحريري رابطاً إياها بالصراع الاقليمي المتفجر. ودعا واشنطن إلى أن تنقل إلى حلفائها الخليجيين أنه رغم احباطهم العميق من طموحات إيران، إلا أن حرباً أخرى في المنطقة ستؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح ومليارات الدولارات من الأضرار. ومن بين العديد من المشاكل الأخرى التي يمكن أن يولدها الصراع المتجدد، تقويض النمو الاقتصادي الذي تحتاج إليه المنطقة للهروب من أزمة البطالة بين الشباب.

صعوبة الوصول إلى حل وسط في لبنان تكلمت عنها صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية. فخطوة الاستقالة تبدو تضحية بالموقف السياسي للحريري، وستخلق صعوبات سياسية واقتصادية محتملة يمكن أن تدمر استقرار لبنان، الذي تحقق بشق الأنفس في العام الماضي. والاستقالة لن تجبر حزب الله على تغيير موقفه في لبنان وسوريا وإقليمياً.

ورغم أن لا شك في أن استقالة الحريري كانت مدفوعة باعتبارات إقليمية، إلا أن نظرة فاحصة وفق صحيفة واشنطن بوست تشير إلى أن التحرك السياسي للحريري متأصل أساساً في الاعتبارات الانتخابية. فمن خلال تبني وجهات نظر متشددة بشأن إيران وحزب الله وإثارة الحرائق الطائفية، يمكنه أن يرضي المتحمسين الأيديولوجيين في الطائفة السنية. بالتالي، حشد الدعم الكافي لتقويض قادة السنة الآخرين في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

عدم وضوح الرؤية حول السياسة السعودية ومن سيكون رئيس حكومة لبنان المقبل، تطرقت إليه صحيفة ديلي ميل البريطانية التي اعتبرت أن لبنان عاد إلى مركز التنافس الاقليمي بين السعودية وإيران، وأن تراجع السندات اللبنانية هو مؤشر خطير. لكن، يمكن التقليل من خطورتها إذا استطاع رئيس الحكومة الجديد العودة سريعاً إلى قطاع الأعمال. وهذا ما لا يبدو محتملاً على المدى القصير.

وتحت عنوان "أين هو ​سعد الحريري​؟ ​لبنان​ يريد أن يعرف"، أشارت صحيفة نيويورك تايمز​ الأميركية إلى أن المشهد الذي حدث في الأيام الماضية لم يشهد أحد من قبل مثيلاً له. فبعدما أعلن الحريري استقالته من ​الرياض​، وصدم مستشاريه المقربين، لم يعد إلى لبنان ولا أحد يعرف إذا كان سيعود. وفي بلد يكون فيه التحليل السياسي هواية، وحيث السلطة السياسية مقسمة بين تيار المستقبل المدعوم من السعودية وحزب الله المدعوم من إيران، كانت التكهنات أن الحريري محتجز ضد إرادته. وبصرف النظر عن التحليلات الكثيرة، فإن إقامته الغريبة في ​المملكة العربية السعودية​ شكلت مظهراً مادياً جديداً لما يعتقد الجميع في لبنان أنه صحيح. أي أن قوة الحريري تأتي من حقيقة أنّه رجل السعودية، وهامش مناورته ضد السعوديين محدود جداً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها