الخميس 2017/11/23

آخر تحديث: 00:28 (بيروت)

واشنطن: جهات غير رسمية تعد ملفات عن لبنان

الخميس 2017/11/23
واشنطن: جهات غير رسمية تعد ملفات عن لبنان
الأمور تسير باتجاه تصعيد الضغط على لبنان (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

لم تتضح بعد معالم المرحلة التي سيقبل عليها لبنان بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري. وإذا ما كانت حالة ترقب وغموض تسيطر على الساحة اللبنانية، لناحية معرفة كيف ستتعاطى القوى السياسية مع الوضع الجديد. فالمعطيات الدولية والعربية لا تبشّر بانفراج محتمل، لاسيما بعد التصعيد السعودي في وجه إيران، كما بدا في بيان اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير. فهل سيقبل لبنان على حالة شبيهة بالعام 2004؟

بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في العام 2000 تصاعد الخطاب المناهض للوجود العسكري السوري وبرزت مطالبات بتسليم حزب الله سلاحه إلى الدولة، وصولاً إلى العام 2004 وصدور القرار 1559، الذي طالب باحترام سيادة لبنان وانسحاب القوات الأجنبية المتبقية (سوريا) وحل جميع المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها وبسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية، ورفض تعديل الدستور للتمديد للرئيس السابق اميل لحود. ثم عاش لبنان إشكاليات سياسية وأمنية مازال يحصد تبعاتها إلى اليوم، بدأت بمحاولة اغتيال النائب مروان حمادة، بعد شهر من صدور القرار، ولم تنته باغتيال الرئيس السابق رفيق الحريري في شباط 2005.

خفت الصوت المطالب بنزع سلاح حزب الله، لاسيما بعد التسوية الرئاسية وإعادة تقاسم السلطة بين الأفرقاء السياسيين. لكن، التصعيد الخليجي تكلل باستقالة الحريري المفاجئة، التي ترافقت مع بروز خطاب لبناني مندد بإيران وسلاح حزب الله. فهل سينتج عن الضغط الدولي مساع للحلحلة بين السعودية وإيران، أم سيعود لبنان إلى فوّهة البركان من جديد؟

في حديث إلى "المدن"، يشبّه الباحث في مؤسسة كارنيغي جوزيف باحوط الحالة التي يمر بها لبنان بالمرحلة التي سبقت صدور القرار الدولي 1559. فعلى المستوى اللبناني الداخلي بدأت تتشكل قوى راديكالية في محيط تيّار المستقبل وعادت بعض الوجوه المطالبة بنزع سلاح حزب الله لتبرز من جديد على الساحة السياسية، بالإضافة إلى أوجه الشبه بين الرئيس الحالي ميشال عون والرئيس السابق إميل لحّود.


وعلى المستوى العربي، بدأ الضغط على لبنان يتصاعد، لاسيما كما يريد "الغلاة السعوديون"، أي تسليم حزب الله سلاحه إلى الدولة. وعلى المستوى الدولي، ثمة حالة تشبه كثيراً حالة ما قبل العام 2003، أي اجتياح العراق. فقد بدأت بعض مراكز القوى في واشنطن تطلب من الأجهزة الاستخباراتية "إعداد" ملفات حول إيران، شبيهة بالملفات التي لفّقت للعراق. وهناك مجموعات ضغط ومراكز بحوث تعمل على هذه المسألة. ما يجعل الوضع شبيهاً جداً بحالة العراق قبل الغزو، ولبنانياً ما قبل صدور القرار الدولي 1559.

يضيف باحوط أنه في أميركا مؤسسة سياسية رسمية ذات نظرة كلاسيكية في التعاطي مع الأمور السياسية والاستراتيجية. لكن في المقابل، توجد مؤسسة موازية غير رسمية محيطة بالرئيس دونالد ترامب، تعمل في الخفاء ولا تقوم حتى بتدوين محاضر بشأن أعمالها. فالمؤسسة الرسمية الأميركية تتميز بالتقارير المكتوبة التي تشكل الأرشيف الأميركي، وهي مثلاً لم تكن تعلم باستقالة الحريري، على عكس المؤسسة المحيطة بترامب. إذ إن صهر الأخير جاريد كوشنير مكث في الرياض ليومين واجتمع بولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل استقالة الحريري. والمفارقة أن وزارة الخارجية الأميركية لا تعلم فحوى هذه اللقاءات. وهذا يذكّر بالحلقة الضيقة للمحافظين الجدد التي كانت تحيط بجورج بوش، التي ساهمت في فبركة الملفات عن العراق.

ويختم باحوط بالقول: من الواضح أن الأمور تسير باتجاه تصعيد الضغط على لبنان. ورغم كونه من غير العلمي القول إن سيناريو العامين 2004-2005، وما شهده لبنان من اغتيالات سياسية، سيتكرر اليوم، إلا أن هناك تشابهاً كبيراً بين اليوم والأمس على مستوى الوضع السياسي المحلي والدولي. والمسألة تتعلق بكيفية ترجمة الضغط الدولي المقبل. هل عبر استصدار قرارات دولية، أم أن الأمور ستسلك مسارات غير قانونية؟ من الصعب التكهن كيف ستذهب الأمور.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها