الإثنين 2017/11/20

آخر تحديث: 00:08 (بيروت)

تيار المستقبل يحاسب نفسه؟

الإثنين 2017/11/20
تيار المستقبل يحاسب نفسه؟
حصر المحاسبة بمجموعتين متضاربتين نوع من التبسيط
increase حجم الخط decrease

هل سيفتح تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري، باب المحاسبة وإعادة شدّ أواصر التيار؟ سؤال يطرح نفسه ويجري تداوله على نطاق واسع في صفوف التيار الأزرق والمناصرين والمؤيدين، حتى أن القوى السياسية الأخرى، غدت تنتظر ما سيفعله الحريري، إذ ظهر على التيار ترهل وتصدّع داخليان، وفي المواقف المتفاوتة لمسؤوليه، إذ سادت حال من الضياع منذ إعلان الحريري الاستقالة. ووفق التوجهات العامة، فإن الجميع ينتظر من تيار المستقبل، أو من الحريري نفسه، إعادة ترتيب بيته الداخلي، بناء على الإنقسام العمودي الحاد داخل التيار، بين من يؤيد التسوية ومن يعارضها. بالتالي، فإن كل من الطرفين يأمل أن تطال المحاسبة الطرف الآخر.

الأكيد أنه لا يمكن حصر المحاسبة في الشق السياسي العام، وفي العلاقة مع التسوية. بمعنى أنه قد يحتمل تيار كالمستقبل هذا التفاوت في الآراء والتوجهات السياسية، وهو قادر على احتوائها من خلال القرار الذي تتخذه القيادة. إلا أن الأهم من ذلك، هو إعادة هيكلته على مستوى البنيان السياسي والثقافي. منذ تأسيس التيار، كان الترهل حاضراً، حتى أن تركيبة التأسيس كانت تحتمل آراء مختلفة ومتعارضة، لأن هذا التيار يضم منسقين ومسؤولين من مشارب فكرية مختلفة. لذلك، كان الأساس في اتخاذ القرار يرتكز على موقف الحريري وما يقرره. وهي حالة ربط الظرف السياسي بشخص الرئيس بلا أي مقاربات سياسية أخرى، باستثناء بعض المواقف الاعتراضية التي كان يسجّلها نواب أو أشخاص، لهم تجارب سياسية تسبق الحريرية.

عزز الحريري، منطق الحريرية السياسية داخل التيار، لتصبح القرارات ترتبط بشخصه وبموقفه، بمعزل عن مقاربات سياسية أخرى. وهنا تجدر العودة إلى آخر انتخابات حصلت في المكتب السياسي. كان الحريري يصرّ على إيصال عنصر الشباب، بمعزل عن أي مؤهلات أو شروط يجب أن تتوفر في المرشح لهذا المنصب. وهذا كان تكريساً لمنطق الحريرية، ولمن يؤيد الرئيس في حسابات العدّ، وليس للنقاش والمعارضة والمبادرة أو طرح الأفكار المغايرة. وهو ما دفع كثيرين إلى الاعتراض على الانتخابات وما أفرزته من تبسيط في العمل الحزبي أو السياسي.

في الفترة الماضية، لم يعد يحتمل التيار أي تعارض أو اختلاف في البنية السياسية. وهذا ما انفجر خلال الأزمة الحالية. وعندما غاب الحريري عن السمع بعد تقديم استقالته، تضاربت المواقف. ما سمح لكثيرين بالدخول واللعب على أوتار المستقبليين، منهم من اقتنع بأن الحريري معتقل أو محتجز، وأصبح لديهم ردّة فعل على المملكة العربية السعودية، فيما البعض الآخر كان مقتنعاً بأن الحريري حرّ وإنها مجرّد شائعات. وفي الحالتين ثمة خفّة في مقاربة الموضوع والتعاطي معه. الذين قاربوا الأزمة المستجدة بطريقة هادئة، كانوا قلائل، استطاعوا إخراج أنفسهم من هذا النقاش للذهاب إلى الجوهر السياسي. لكن هؤلاء لم يكونوا قادرين على التأثير في غيرهم ولا في القواعد.

سمحت هذه الحالة لكثيرين التدخل والتلاعب والتشويش والتشتيت، إلى حد ظهر فراغ واسع في ساحة المستقبل، مع عجز واضح على سدّه، حتى من حاول سدّ هذا الفراغ، كان يواجه باتهامات، من قبل فرقة أخرى، بأنه يريد تسجيل النقاط عليها، أو بأنه يريد المزايدة. كانت السمة الغالبة في هذا الموضوع، هي حسابات الربح والخسارة، والمردود الذي يمكن أن يوفره هذا الموقف أو ذاك. وهذا غالباً ما يكون بعيداً عن الصواب السياسي في اتخاذ الموقف، لأنه يرتبط بحسابات شخصية أو تكتيكية، للحصول على حظوة التكريم من الرئيس بعد عودته.

حصر منطق المحاسبة بمجموعتين متضاربتين، الأولى التي تؤيد التسوية، وشجّعت الحريري على المضي بها، مقابل أخرى تعارضها وتطالب بالتراجع عنها، هو نوع من التبسيط والتسخيف لجوهر القضية داخل تيار المستقبل. ما يحتاج إليه المستقبل، هو إعادة هيكلة فكرية وسياسية وتنظيمية لمنسقياته، بشكل يضع التيار في مكان قادر على اتخاذ قرار في هذه الازمات، بدون ظهور هذا النوع من التصدّع والترهل والتضارب في المقاربة والتوصيف.

في مقابلته الأخيرة، كان الحريري واضحاً حين اعتبر أنه بحاجة إلى إعادة هيكلة فريقه الأمني، والبحث إذا ما كان هناك خروقات تعرّض لها. والأكيد أن هذا ينطبق على فريقه السياسي. وهذا ما قد قصده بدون تسميته، لكنه يحتاج إلى قرار وسعي، ويحتاج إلى وقت وتأمين مخرج ملائم لذلك. فهل سيكون الحريري قادراً على ذلك؟ الأيام تتكفل بالإجابة عن هذا السؤال، بالإضافة إلى المسار السياسي المقبل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها