الجمعة 2017/11/17

آخر تحديث: 01:25 (بيروت)

3 خيارات أمام الحريري

الجمعة 2017/11/17
3 خيارات أمام الحريري
لم يعد تيار المستقبل كما كان (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

ليس سهلاً أن يتعرّض رجل سياسي في يفاعة مسيرته إلى ما تعرّض له الرئيس سعد الحريري. دخل الحريري مضمار السياسة، من بوابة اغتيال والده، على رأس حملة كبرى تجاه النظام السوري ووصايته على لبنان. أسابيع قليلة كانت قد مرّت على بروزه، أجبر على إبرام تحالف رباعي مع حلفاء قتلة والده حسبما يعتبر. كانت الخطوة أولى التناقضات التي تطورت فيما بعد وأدت إلى عدم ثبات قدميه على صفيح متزلزل. بعد انتخابات 2005، عاد الحريري إلى التصعيد الذي استمر سنوات حتى إندلعت مواجهات السابع من أيار، حوصر في منزله، وهزم في إتفاق الدوحة، فاضطر إلى التنازل، والتخلّي عن ثوابت كثيرة رفع لواءها. لم يستطع منذ ذلك التاريخ، التقاط أنفاسه. أجبر على الذهاب إلى سوريا ومصافحة رئيس نظامها بشار الأسد. وحينها كان قد تخلّى عما لديه من أوراق. وما إن طرحها أرضاً في سبيل تثبيت ركائز زعامته السلطوية، تعرّض لانقلاب أبعده عن المشهد السياسي لسنوات.

عاد الحريري فيما بعد، مغامراً ومبادراً. سار على حافة الهاوية، فانتخب ألدّ خصومه رئيساً للجمهورية، مقابل العودة إلى السلطة. كان حينها يتعاطى ببراغماتية وواقعية، حققتا له ما أراد، وسط انحدار في شعبيته، وحملات كثيرة شنّت ضده، عدا عن الأزمة المالية التي يمرّ بها. أشهر قليلة على التسوية التي وصفها البعض أنها تسليم الحريري كل أوراق اعتماده وقوته إلى خصومه، حتى تعرّض لضربة قاسمة أخرى، وهي تقديم الاستقالة، بسبب فشل التسوية. وجد نفسه عاجزاً حتى عن الردّ على ما سيق بحقه. لم يستطع توضيح موقفه، فيما تولى ذلك مقربون منه. ولكن، كل منهم باتجاهات مختلفة.

وصف الحريري بالمخطوف، أو المحتجز. ورغم إصراره على نفي ذلك، إلا أن الموجة كانت أقوى من أي نفي أو مقاومة. مدّ إليه حبل نجاة فرنسي، تلقّفه، لكن إلى أين سيقوده؟ لا جواب واضحاً بعد. ثمة من يتخوف من أن يؤدي ما جرى إلى غياب الحريري عن المشهد السياسي لسنوات أخرى. التعب مبرر. الصفعات المتتالية توجب إيجاد فترة استراحة. فالرمال المتحرّكة في بحر المنطقة، تغلب السباح الغارق. سيسعى للوصول إلى شاطئ آمن لالتقاط أنفاسه.

في المقابل، هناك من يبسّط الأزمة، ويتحدث عن خيارات بديلة. عودته إلى بيروت بعد زيارته فرنسا والإصرار على الاستقالة وتصريف الاعمال لحين إجراء الانتخابات النيابية، أو البحث عن تسوية جديدة، بشروط جديدة من قبله. لكن حزب الله غير مستعد للتنازل، باستثناء بعض الأمور الشكلية، كوقف الهجوم الإعلامي على السعودية. فيما الخيار الثالث قد يكون بتسوية شاملة للوضع في المنطقة ككل. وهذا يحتاج إلى أشهر وربما سنوات من الانتظار.

لم تمرّ مسألة المقايضة بسلاسة على الواقع اللبناني. قلب السعودون الطاولة، فيما الإيرانيون لا يتجاوبون. هم ماضون بتصعيدهم. ويعتبرون موضوع المقايضة أبعد من لبنان، وهي أن اليمن مقابل البحرين وليس مقابل لبنان. فيما حزب الله غير مستعد لتقديم أي تنازل، وهو يعتبر نفسه في موقع مرتاح. وحققت له هذه الأزمة إنجازات متعددة. بالإضافة إلى تحقيق تقدّم لإيران على حساب السعودية. وحزب الله يعتبر أن ليس هناك تسوية مع الحريري وقد تم خرقها، لأن التسوية في الأساس كانت محصورة في انتخاب عون رئيساً للجمهورية وعودة الحريري إلى رئلسة الحكومة، بدون الدخول في تفاصيل المنطقة، ولم يتم بحث مسألة النأي بالنفس عن سوريا، أومطالبة حزب الله بالانسحاب من هناك.

حتى لو عاد الحريري إلى لبنان، سيكون هناك إشكاليات وعقبات كثيرة في طريقه. لم يعد تيار المستقبل كما كان. ولا يبدو أنه سيكون قادراً على استعادة لملمة الأوضاع، وتحصين وضعه، بعد ما تعرض له. وهناك من يعتبر أن هذه مرتبطة بالقرار السعودي، لأن لدى الحريري تعاطفاً داخلياً. بالتالي، يجب معرفة موقف السعودية من الحريري، وكيف ستكون عودته، أم أنها ستصر على خيار التصعيد. وهذا يقتضي البحث عن شخصية أخرى.

بمعزل عن هذه التفاصيل، فإن الأزمة انتقلت إلى مكان آخر، لا يتعلّق بمصير الحريري أو وضعيته. السؤال الأساسي هو ما الذي أرادته السعودية من قلب الطاولة؟ وهل حققت ذلك، أم راكمت خسارة بخسارة الحريري موقعه اللبناني؟ لا جواب حتى الآن. هذا ينتظر التطورات في المنطقة. وما يمكن أن تقدم عليه السعودية في خطوات جديدة، بعد حملة تحشيد دولية. لم يعد الحريري هو القضية، بل أصبحت، وجهة السعودية، وهي إما الهجوم أو مراكمة الخسائر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها