"ظروف" الحريري في السعودية: ماذا يُخفي الشعّار والمستقبل؟

كانت لافتةً خطبة مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار، التي ألقاها من الجامع المنصوري الكبير في طرابلس، الجمعة في 10 تشرين الثاني، وتطرق فيها إلى انعكاسات الاستقالة التي قدمها رئيس الحكومة سعد الحريري. أراد الشعار في خطبته توجيه رسائل عدّة. بعضها يتوجه إلى حزب الله، وبعضها الآخر رسائل تمويهيّة وغير مباشرة إلى المملكة العربيّة السعوديّة، كتلك التي تخللت البيان الصادر عن كتلة المستقبل، مساء الخميس في 9 تشرين الثاني.

السؤال المطروح اليوم، هو: لماذا لا يجاهر تيّار المستقبل ودار الفتوى وباقي المفتين والقيادات السياسية من الطائفة السنيّة بتوجيه خطابٍ مباشر إلى السعودية، ويكتفون بالتلميحات التي يتفادون الاعتراف بمضمونها؟

الخميس، تحدثت كتلة المستقبل في بيانها عن مبدأ "عودة" رئيس الحكومة المستقيل، وضرورتها لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان. والجمعة، تحدث الشعار عن مبدأ "غياب" الحريري عن بلده. ما يحتاج من الدولة إلى الاحتضان والاستيعاب وأن تجد حلّاً وفرجاً له.

هذه "العودة" وهذا "الغياب"، يُخفيان اعترافاً مستقبليّاً وسنيّاً، بالظروف القسرية التي تحيط بوجود الحريري في السعودية. فالمستقبل والشعار يتوجهان إلى السعودية عند الحديث عن طلب العودة وأسباب الغياب. لكنّهما في الوقت نفسه، لا يقرّان بذلك مباشرةَ. وهذا ما يصفه مصدر سياسي في طرابلس، لـ"المدن"، بـ"الجبن السياسي- السني" في مواجهة السعودية بأسئلة مباشرة حول مصير رئيس الحكومة، والظروف الحقيقية التي آلت إلى تقديم استقالته المباغتة من الرياض. فـ"بيان المستقبل في مضمونه عنيف تجاه السعوديّة. لكنهم من جهة، يتوجهون بالشكر إلى السعودية، ومن جهةٍ أخرى يخافون الاستفسار عن وضع الحريري".

الشعار الذي أشار في خطبته إلى أنّ "باب الاستقالة خطير، ومضمون الاستقالة اخطر"، ينفي في اتصالٍ مع "المدن"، أن يكون كلامه موجهاً إلى السعوديّة، بينما كان يدعو إلى إدراك أسباب الاستقالة وأبعادها ومضمونها، إذ لا يجوز أن يشعر فريق أنه منتصر وغالب على الآخر، لا بإنتمائه الخارجي ولا بإمكانياته العسكرية.

وفي إشارةٍ إلى حزب الله، يقول الشعار: "أسباب الاستقالة جاءت في مضمون بيان الحريري. فالتسوية بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون وحزب الله، كان قوامها النأي بالنفس، وعدم التدخل في شؤون الآخرين. إذ لا علاقة لنا بسوريا ولا غيرها".

يرفض الشعار التكهن بشيءٍ قبل عودة الحريري إلى لبنان، للوقوف عند الملابسات التي رافقت استقالته. فـ"إذا لم نجد حلولاً جذرية لأسباب الاستقالة، ستتوالى الاستقالات في الحكومات المقبلة". يضيف: "ربما يكون الحريري في عطلة نهاية الأسبوع في السعودية. ومن ليس لديه علم بظروفه، لا يستطيع الجواب".