الأربعاء 2017/10/25

آخر تحديث: 21:14 (بيروت)

جريمة قتل القضاة الأربعة: بماذا اعترف "أمير داعش"؟

الأربعاء 2017/10/25
جريمة قتل القضاة الأربعة: بماذا اعترف "أمير داعش"؟
فكت العصبة عزلتها وبات بإمكان مسؤوليها زيارة صيدا (خالد الغربي)
increase حجم الخط decrease
الثلاثاء، في 8 حزيران 1999، أغتيل أربعة قضاة في قصر العدل القديم في مدينة صيدا، بعدما هاجم مسلحان قاعة المحكمة. والقضاة هم الرئيس الأول لمحكمة استئناف الجنوب القاضي حسن عثمان، المستشار لدى محكمة استئناف الجنوب القاضي عماد شهاب، رئيس الغرفة لدى محكمة الدرجة الأولى المستشار القاضي وليد هرموش، المحامي العام الاستئنافي القاضي عاصم أبو ضاهر. الأربعاء، في 25 تشرين الأول 2017، صدر القرار الاتهامي ووجه الاتهام إلى عصبة الأنصار الإسلامية، وقد جاء فيه:

أولاً: اتهام المدعى عليهم أحمد عبدالكريم السعدي الملقب بأبو محجن ومحمود حسين مصطفى الملقب بأبو عبيدة وإبراهيم جمال لطفي ووسام حسين طحيبش وحسين محمد شاهين وجهاد عويدات السواركة الملقب بأبو همام بمقتضى الجنايات المنصوص عليها في المواد 335 و549 و549/201 عقوبات والظن بهم بمقتضى المادة 72 أسلحة.

ثانياً: اتهام المدعى عليهما محمد قاسم طاهر وفريد سطام حجو بمقتضى الجناية المنصوص عليها في المادة 408 عقوبات.

ثالثاً: اتباع الجنحة بالجنايات للتلازم.

رابعاً: إصدار مذكرة إلقاء قبض بحق كل من المدعى عليهم المذكورين أعلاه وسوقهم مخفورين إلى محل التوقيف التابع للمجلس العدلي ليحاكموا أمامه.

خامساً: إصدار مذكرة تحرّ دائم لمعرفة كامل هوية كل من أبو الوليد (جزائري الجنسية) وشخص تونسي كان يقود السيارة التي استعملت في الجريمة وهي من نوع ب أم دبليو وأشخاص آخرين يحتمل تورطهم فيها.

سادساً: تدريك المدّعى عليهم بالاشتراك الرسوم والنفقات القانونية.

سابعاً: إيداع الأوراق حضرة النائب العام لدى المجلس العدلي تمهيداً لإحالتها إلى المرجع المختص.

في 5 نيسان 2017، وفي ظهوره الأول أمام المحكمة، قال عماد ياسين، الذي قيل إنه أمير داعش في عين الحلوة، وقد ألقى الجيش اللبناني القبض عليه في أيلول 2016، إنه "بعد تنفيذ عملية اغتيال القضاة، علم أن أبو محجن هو من أمر بها لضرب هيبة الدولة اللبنانية، وكلف بها الفلسطيني حسان الشهابي، وفلسطينياً سورياً، وأردنيا ملقباً بأبو همام، لتنفيذها". وقد تكون معلومات ياسين هي ما ساعد في اصدار القرار الاتهامي.

وكانت "المدن" قد اتصلت بالشيخ أبو شريف عقل، الناطق الرسمي باسم العصبة، للوقوف عند رأيه بالقرار الاتهامي، فأبلغها أن بياناً رسمياً ستصدره العصبة في وقت لاحق بشأن الموضوع. أما ديما عثمان، ابنة القاضي الشهيد حسن عثمان، فاكتفت بالقول: "ان شاء الله تنتصر العدالة لدماء والدي ورفاقه".

وصحيح أن ما صدر هو قرار اتهامي وليس حكماً قضائياً، والقضاء سيستمر في العمل للوصول إلى معرفة الحقيقة كاملة. لكن، القرار أعاد صورة سابقة عن العصبة، التي جهدت على مدار سنوات طويلة لمحوها، عبر الانتقال من مجموعة متطرفة إلى فصيل معتدل مسالم، لا يتوسل العنف والإرهاب في طروحاته، ويذهب إلى أقصى حدود التعاون مع مخابرات الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية.

ويؤكد متابعون أن القرار الاتهامي بحد ذاته أعاد الاذهان إلى صورة العصبة في مربعها الأول، حين كانت توصف بأنها أحد أذرع القاعدة أو جماعة التكفير والهجرة، خصوصاً بعدما ظهرت في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي بمظهر الراعي والمخطط والمدبر لأعمال إرهابية وأمنية خطرة قضت مضاجع الأمن اللبناني وأمن عين الحلوة. وكان مجرد التلفظ باسم العصبة التي أسسها الشيخ هشام الشريدي، الذي كان مسؤولاً في حركة فتح وشارك في حرب المخيمات قبل أن تصبح هذه الحركة عدوه الأول (أغتيل في العام 1991)، يخيف ويرعب. ورغم تواري أميرها أبو محجن إلا أن العصبة ومسؤوليها عززوا من حضورها "الأمني".

راكمت العصبة تجارب وخبرات في مجالات عدة، خصوصاً في بناء شبكة أمان سياسي وشعبي، وبات لديها من القوة ما يتيح لها اعتماد خطاب معتدل نقيض ماضيها. وفي العام 2002، قامت العصبة بتسليم أبو عبيدة المتهم بقتل العسكريين الثلاثة في منطقة الفوار (صيدا) إلى الجيش اللبناني. وقد أعدم لاحقاً بعد محاكمته. عملياً، كان هذا التاريخ بداية تعاون العصبة مع السلطة الأمنية اللبنانية، ومع الوقت بدا أن تسوية ما غير معلنة جرت بين القوى الأمنية اللبنانية والعصبة عناوينها تنظيف سجلات العصبة وعدم شيطنتها ثمناً لانتهاجها نهجاً معتدلاً.

هكذا، فكت عزلتها وبات بإمكان مسؤوليها زيارة صيدا وأحياناً مع توفير حماية أمنية لبنانية. برغماتية العصبة لم تؤثر عليها تطورات محلية لبنانية وإقليمية، بل انفتحت على قوى لبنانية جديدة وبنت علاقة جيدة مع حزب الله ومتنت علاقات ووطدتها مع الجيش اللبناني.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها