الإثنين 2017/10/16

آخر تحديث: 08:20 (بيروت)

سياسيون يقرأون فنجان العقوبات: شيطنة حزب الله

الإثنين 2017/10/16
سياسيون يقرأون فنجان العقوبات: شيطنة حزب الله
لا يمكن الجزم بالتأثير المباشر لهذه العقوبات على لبنان (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

لن تقتصر العقوبات المالية الأميركية الجديدة على حزب الله، كما نصّ قانون "حظر التمويل" في العام 2015، بل إنّ التعديل المقرّر هذه المرة سيشمل أيضاً الأشخاص والمنظمات والمؤسسات الذين يتعاملون مع حزب الله، في مسعى جديد من إدارة الرئيس دونالد ترامب لتشديد الخناق على الحزب المدعوم من إيران. فما هي تداعيات هذه العقوبات وتأثيراتها السياسية على لبنان؟ وكيف يُتوقّع أن تنعكس على ملامح المرحلة المقبلة؟

يهدف قانون مكافحة التمويل الدولي لحزب الله إلى تجفيف منابع التمويل، من خلال مراقبة حركة الحزب المالية داخل المصارف الدولية، لاسيما اللبنانية منها. ويتضمن المشروع زيادة القيود على قدراته لجمع الأموال والضغط على البنوك التي تتعامل معه. وسيُحَظّر على الحزب ومؤسساته وكل من يموّلونه أو يدعمونه، استعمال العملة الخضراء في معاملاتهم المالية وستجبرهم على استخدام الليرة اللبنانية، على أن ينسحب هذا التدبير على من يحوّلون أموالاً لمصلحة الحزب من خارج لبنان.

لا شك أنّ هذه العقوبات تأتي في اطار إصرار واشنطن على تحجيم نفوذ ايران عسكرياً ومالياً. لكن، السؤال الذي يطرح اليوم: هل الادارة الأميركية في صدد تهديد اقتصاد لبنان ونظامه المصرفي وزعزعة استقراره؟

تتضارب وجهات النظر ازاء هذه القراءة. ففيما يعتبر البعض أن الادارة الأميركية تتطلّع إلى استقرار لبنان، بحيث لا يعود مصنفاً ضمن الدوائر الساخنة في المنطقة والملتهبة حالياً، هناك من يعتقد أنها رغم إدراكها أثر هذا القانون على لبنان وأضراره الاقتصادية، فهي ترى في التشدّد حيال ايران وحزب الله نقطة رابحة لها مع الأميركيين وإسرائيل والمحيط العربي.

لكن، من خلال ما سُرّب حتى الآن، يتّضح أنّ ما وافق عليه مجلس الشيوخ هو معاقبة أي دولة أو منظمة أو مؤسسة تتعاطى مع حزب الله من خارج لبنان. أي أن الهدف الأميركي يكمن في فرض عقوبات على الحزب، لكن من دون التأثير على الاقتصاد والنظام المصرفي اللبناني. فـ"العقوبات تستهدف ايران بشكل خاص"، يقول سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبّارة، في حديث إلى "المدن". فإذا كانت الادارة الأميركية والكونغرس اتفقا على شيء فإنما على محاسبة ايران على ملفات المنطقة، وستأتي الضغوط على ايران من خلال حزب الله، لكن من دون تخريب الاقتصاد اللبناني. فـ"مصلحة كلّ الأفرقاء على الساحة الدولية، من ايران إلى الولايات المتحدة فروسيا، تقتضي اليوم تأمين غطاء أمني وسياسي للبنان، كي يحافظ على استقراره إلى حدٍّ ما".

صحيح أنّ كل التطمينات في العالم لا يمكن أن تجنّب اللبنانيين الشعور بالقلق جرّاء العقوبات، خصوصاً أولئك الذين يجمعهم بالحزب تحالف أو تفاهم سياسي، غير أنّ العقوبات بحد ذاتها ستطال كل من يتعاطى مع الحزب على المستوى المالي لا السياسي. ويستبعد عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب آلان عون أن تكون لأي طرف في لبنان علاقة ماديّة مع الحزب. بالتالي، لن تترك العقوبات أي انعكاسات سياسية في الداخل، وذلك انطلاقاً من قناعة راسخة اليوم أن "من مصلحة اللبنانيين الحفاظ على التسوية التي توصّلوا إليها للتعايش معاً بسلام، رغم الاختلافات".

غير أنّ وجهة نظر معاكسة يعبّر عنها مقرّبون من تيار المستقبل تدحض هذه المقاربة للملف. فـ"ارتفاع منسوب العقوبات التي يورّط الحزب بها بيئته الحاضنة يعكس إصرار الادارة الأميركية على تحجيم الحزب ليس اقتصادياً فحسب، بل سياسياً أيضاً. وذلك من خلال ضرب علاقته مع القوى المتحالفة معه، تمهيداً لإضعافه بما يسهّل ضربه. وهي استراتيجية معروفة وتُنتهج ضد القوى والتنظيمات المصنّفة إرهابية. لذلك، ولتضييق الخناق أكثر عليه، يعاقب الجانب الأميركي الدولَ والأحزاب السياسية التي تتعامل معه وتقدم له الدعم، ويتشدد في تطبيق العقوبات".

وما تريده الولايات المتحدة "هو شيطنة حزب الله"، وفق رئيس لقاء سيدة الجبل النائب السابق فارس سعيد. بمعنى أنّ "هذه العقوبات تهدف إلى تحويل الحزب إلى عامل اضطراب وعبء على الشعب اللبناني، في وقت يقدّم نفسه أمام اللبنانيين كضمانة للاستقرار المالي. هذه هي فلسفة العقوبات، وستنجح من دون شك لأنها باتت أمراً واقعاً". ويتوقّع سعيد أن "تشهد المرحلة المقبلة اشتباكاً سياسياً بشأن نفوذ ايران في المنطقة، التي يشكل لبنان جزءاً منها، فتعود أجواء التشنّج لتخيّم عليه، وذلك على خلفية ما يهدد المنطقة من صعوبات بدءاً بمستقبل العلاقات الأميركية- الإيرانية بشأن الملف النووي، مروراً بالعقوبات، والتهديدات الإسرائيلية، وليس انتهاءً بالتقارب السعودي- الروسي".

لا يمكن الجزم بالتأثير المباشر لتلك العقوبات، خصوصاً أنها تستهدف حزب الله بشقّه الاقليمي وليس شقّه الداخلي. فإذا كان هناك قرار بمحاصرة الحزب وإيران، ليس بالضرورة أن ينعكس ذلك على الدولة اللبنانية. وعلى الأرجح أن لا تقدّم العقوبات أو تؤخر في شيء. فادارة ترامب لم تقرّر بعد سياستها الجديدة في لبنان والمنطقة، فضلاً عن التوجّه لديها لحوار جدّي في المنطقة مع روسيا ولعقد اتفاقيات ثنائية. لكن، المؤكد أنّ الملف محفوظ في مكان آمن داخل الأدراج الأميركية، وهو يستعمل لتسليطه على رقاب الحزب المصنّف إرهابياً، وفق اللزوم، وتبعاً للمزاج الأميركي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها