الأحد 2017/10/15

آخر تحديث: 08:16 (بيروت)

ترامب يتكلّم وإيران وحزب الله يتمددان

الأحد 2017/10/15
ترامب يتكلّم وإيران وحزب الله يتمددان
الحريري ينأى بنفسه عن ترامب والتصعيد السعودي (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

لم تتخط الاستراتيجية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه إيران، الإطار الكلامي. حمل خطابه تصعيداً إلى حدّ بعيد، لكن ذلك لا يمكن الركون إليه لاستشراف آفاق المرحلة المقبلة. لذلك، حتى الآن، يضع بعض الدول وبعض الدبلوماسيين كلام ترامب في إطار التصعيد الكلامي أو الإعلامي على إيران، لأنه يريد عكس صورة أميركا القوية التي لا تقبل الرضوخ. وبحسب هؤلاء فإن واشنطن ستواجه مشكلة حقيقية إذا ما أرادت تغيير الاتفاق النووي أو تعديله أو الغاءه، لأنه أولاً هو إتفاق دولي لا يخص أميركا فحسب، والتراجع عنه يجب أن توافق عليه تلك الدول، وهي ليست في هذا الوارد. كذلك، لهذا الإلغاء أو التعديل إنعكاسات سلبية على الموقف الأميركي، لأن مَن يتراجع عن هذا الاتفاق، قد يتراجع عن كثير غيره في السنوات المقبلة.

في المقابل، فإن إيران تسعى إلى تلقف هذه الهجمة الترامبية بالتقدم بمبادرة للدخول في حوار جديد مع الولايات المتحدة، بشأن ملف الصواريخ البالستية. وهو ما تريد طهران مقايضته بإعادة فتح ملف الاتفاق النووي. وهذا ما عرضه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على نظيره الأميركي ريكس تيلرسون خلال لقائهما في الأمم المتحدة.

ليس معروفاً إلى أين سيصل تصعيد ترامب ضد إيران، لكن الأكيد إذا ما قُرن هذا الكلام بأفعال ووقائع، لن يكون هناك خيار بديل من الصدام العسكري، ولاسيما أن التجربة أثبتت أن الحصار المالي والضغط الإعلامي على دول ومنظمات، لا تؤدي إلى إنهائها، بل هي قادرة على الاستمرار وممارسة مهماتها ودورها ونشاطها. وإيران ما قبل الاتفاق النووي خير مثال على ذلك. صحيح أن ترامب وصف حزب الله بالإرهابي، لكنه لم يصف الحرس الثوري الإيراني بأنه إرهابي، إنما اعتبر أنه يمارس نشاطات إرهابية. وهناك فرق بين المصطلحين.

تعتبر المصادر، أن حملة ترامب وتصعيده، لن يخرجا عن السياق الكلامي والإعلامي، أما الواقع فمغاير. وترى أن التصعيد الأميركي يهدف إلى الإيحاء بأن واشنطن ستبقى معارضة للسياسات الإيرانية، وستستمر في العمل لضمان أمن حلفائها في المنطقة، ولاسيما الخليجيين. في المقابل، يعتبر آخرون أن ترامب يصعّد لأجل تمرير مزيد من صفقات الأسلحة مع دول الخليج. وما كان لافتاً هو سرعة المملكة العربية السعودية بالترحيب بالاستراتيجية الأميركية ضد إيران. وما استكمله الوزير ثامر السبهان من تغريدات تعقيباً على كلام ترامب، والتي تناول فيها حزب الله بشكل غير مباشر. إذ كتب: "بكل تأكيد، المملكة تؤيد جميع السياسات المحاربة للإرهاب ومصدره وأذرعه. وعلى دول المنطقة جميعاً أن تتوحد في مواجهه قتل الشعوب وتدمير السلم الاهلي". أضاف: "لا يتوقع حزب الإرهاب ومَن يحركه أن ممارساته القذرة ضد المملكة ودول الخليج ستكون بلا عقاب. المملكة ستقطع يد من يحاول المساس بها". وتؤكد مصادر متابعة أن هذه المواقف منسقة بين السعوديين والأمركيين.

لا شك أن لهذه التغريدات وقعاً وانعكاساً في لبنان، إلا أن الرئيس سعد الحريري، سارع إلى اعتبار أن لبنان غير معني بالتصعيد الأميركي ضد إيران، لأن لبنان بلد صغير وغير قادر على التأثير بهذه الأزمة. واللافت في موقف الحريري انفصاله عن التصعيد السعودي، ويدل على أن رئيس الحكومة متمسك بالتسوية القائمة، وغير مستعد للاطاحة بها.

وتعتبر المصادر أن في لبنان الوضع معقد. ففي سوريا هناك حرب قائمة ويمكن أن تحصل المواجهة هناك، أما في لبنان فلا يمكن تغيير الواقع إلا من خلال دخول العامل الإسرائيلي على الخطّ. وحتى الآن، فإن ذلك مستبعد رغم الأجواء والتحليلات التي تتوقع استعداد تل أبيب لإطلاق حملة عسكرية ضد حزب الله، ومن شانها تدمير بنيته وقوته وقدراته. ولا شك أن هذا، إذا ما حصل، يعني أن الجميع سيتضرر. وهذا ما لا طاقة للبنان على احتماله.

في ظل استبعاد قرن الأقوال بالأفعال، هناك من يصرّ على اعتبار أن هناك حدثاً ما سيحصل، لأن امكانية التسوية غير قائمة، في المدى المنظور. وما يمكن منع ذلك فقط هو لجوء الكونغرس الى رفض طروحات ترامب، وعدم منحه التشريعات اللازمة للقيام بأي عمل عسكري. بالتالي، لا أحد يعرف الحدود التي سيصل إليها تصعيد ترامب. لكن استمرار الوضع على ما هو عليه، يعني عملياً تأجيل الإشكال أو تأجيل معركة محتومة، مقابل إطلاق يد إيران في المنطقة أكثر فأكثر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها