الأحد 2017/01/22

آخر تحديث: 14:36 (بيروت)

كوستا لا يبيع "مشروب الانتحاري"

الأحد 2017/01/22
كوستا لا يبيع "مشروب الانتحاري"
الحمرا هادئة جداً (المدن)
increase حجم الخط decrease
تبدو أجواء "ما بعد توقيف الانتحاري" في الحمرا، وتحديداً في المنطقة المحيطة بمقهى كوستا، مزيجاً من "حمدالله ع السلامة" والاستغراب من سينمائيّة الحدث في الوقت نفسه.

ففي جوّ لا يختلف عن أجواء أيام الأحد الهادئة جدّاً في الحمرا، يتحاور الناس في ما بينهم أو مع وسائل الإعلام ضمن سياق "صبحيّة ما بعد الانتحاري"، وينقسمون في اتجاهين: مصدّقون للحادثة ومشكّكون فيها. والجامع بين الاتجاهين هو الحديث عن الموضوع بفكاهة.

هكذا، يروي أحد العاملين في كوستا، الذي كان في دوامه ليلة السبت، أنّ "الشخص الذي انتشرت صورته هو نفس الشخص الذي دخل المقهى ليلاً. وكان ضحوكاً طلب فرابوتشينو وجلس في المقهى. وفي جواره كان هناك عدد من عناصر المخابرات، الذين انقضّوا عليه فجأة وضربوه (أي من دون إطلاق نار). ثم فككوا الحزام الناسف وحملوا الانتحاري إلى مستشفى الجامعة الأميركية". هذه الرواية للحدث هي الأقرب إلى التصديق من بين الروايات المتداولة، لأنها، ببساطة، رويت على لسان عامل في كوستا، كان موجوداً عند القبض على المتهم.

الناس الذين صدقوا ما حدث، وأغلبهم من المترددين إلى المقهى أو الذين يعملون بقربه، شكروا القوى الأمنية والمخابرات على الحفاظ على سلامتهم. وفي حين أنّهم لا ينفون غرابة المشهد، أي أنه كيف تمّ توقيفه ولم يفجر نفسه عندما شاهد أحداً ينقضّ عليه، يبقون على إقتناع بأنّه ربّما ارتبك، ولم يعرف كيف يتصرّف، أو ربّما حصلت مشكلة تقنية حالت دون تفجيره نفسه. أو أنّه لم يكن يريد تفجير نفسه في كوستا أصلاً.

وتتناقل بين هؤلاء روايات ورسائل على واتسآب عن علاقة الانتحاري بداعش. وتنتشر بينهم صور له وهو في مستشفى في صيدا بعد أحداث عبرا التي حصلت منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهي صور شبيهة جداً بصورة هويته التي انتشرت. ما يؤكّد لهم أنّه شاب له سوابق. بالتالي، لا يمكن ألا يصدقوا أنّه كان مقبلاً على تفجير نفسه.

لكن دائماً هناك من يشك. وهؤلاء يستغربون قدرة جهاز ما على "توقيف انتحاري". فالأخير الذي قرّر الموت مسبقاً، لماذا تراجع عنه عندما جاءت القوى الأمنية؟ هذه سابقة. ذلك أن الانتحاري إمّا أن يقتل من بعيد أو أن يفجّر نفسه إذا شعر باقتراب أحد منه. وتنتشر رواية تشكيكية أخرى، تسأل لماذا نسي أو تناسى الانتحاري كل حانات الحمرا وشوارع السهر المزدحمة في ليلة السبت وفيها كثر من شاربي الخمر و"الكفّار"، وقرّر الذهاب إلى كوستا، حيث يجلس في الغالب كبار السن، الذين يقرأون الصحف اليومية؟

الغرابة في مشهديّة الحدث، دفعت كثيرين إلى استكمال حياتهم بشكل طبيعي، حتى في الساعات القليلة التالية على التوقيف. ففي مزيان مثلاً، الحانة القريبة جداً من كوستا، ورغم انسحاب بعض الساهرين، إلّا أن آخرين ظلّوا يسهرون حتى الثالثة صباحاً. فيروي أحد العاملين في هذه الحانة أن أحد الزبائن قال: "لا يهمني إذا متّ وأنا أرقص". كما انتشرت رواية تقول إنّ أحد المخبرين الذي يتتبع السوريين في الحمرا عادة، كان من بين الموجودين في كوستا لحظة التوقيف. فهل هذا المخبر "المكشوف" من شأنه أن يكون جزءاً من إيقاف عمل إرهابي بهذا الحجم؟

صارت قصة الانتحاري بين الناس في الحمرا، المصدق منهم والمشكك، نكتة. لا ينتهي أثرها في الحديث اليومي أو على مواقع التواصل الاجتماعي. فإحدى العاملات في كوستا، التي كانت موجودة مساء السبت، قالت ضاحكة، صباحاً، وهي تأخذ طلباً من أحد الزبائن: "لو سمحت لا تطلب نفس المشروب الذي طلبه الانتحاري".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها