الجمعة 2017/01/20

آخر تحديث: 01:02 (بيروت)

كلام ظريف "عَ اللبناني"

الجمعة 2017/01/20
كلام ظريف "عَ اللبناني"
جعجع يدافع عن الصناعة اللبنانية للرئيس بينما فريقه لا يكترث لذلك (ألدو أيوب)
increase حجم الخط decrease

عندما بلغ تصريح وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في مؤتمر دافوس الأربعاء عن "التفاهم" مع السعودية في لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية، مسامع خصوم الدكتور سمير جعجع لا شك أنّهم ضحكوا في سرّهم وصفقوا لظريف الذي زعزع نظرية جعجع عن أن "الرئيس ميشال عون صنع في لبنان 100 في المئة". وهم لم يفكروا حتماً بأهداف كلام ظريف الأبعد من لبنان بطبيعة الحال. كذلك عندما سمع جعجع بتصريح الوزير الإيراني فكّر في خصومه وما سيقولنه عن نظريته تلك لا بمقاصد كلام الأخير. وفكّر أيضاً في أنّ عليه أن يدافع عن نظريته تلك أكثر من ذي قبل وهو الذي يتمسّك بنظرياته الإشكالية إلى حين لا تعود بين يديه حجّة قادرة على تأكيدها. وهو سبق أنّ جُرّب في مسائل كهذه. فمثلاً عندما قال: "فليحكم الأخوان"، إثر تسلم "الأخوان المسلمين" الحكم في مصر في العام 2012 ظلّ يدافع عن نظريته هذه إلى أن أسقط حكم هؤلاءـ وقال وقتها إنّ القالب الذي ورد فيه كلامه هو الحرص على العملية الديموقراطية واحترام نتائجها. كذلك عند بروز "داعش" قال إنّه "كذبة كبيرة"، لكنّه عاد وتراجع عن تحليله هذا، وهي من المرات النادرة التي يحصل ذلك. وأخيراً أطلق جعجع نظريته الشهيرة عن الصناعة اللبنانية للرئيس اللبناني وبات يدافع عنها كلما تعرضت للنقد أو التشكيك.. حتى بوجه الوزير الإيراني.

وكان جعجع قال في سلسلة تغريدات الأربعاء: "مع احترامي لوزير الخارجية الإيراني فإن كلامه البارحة عن تفاهم إيراني- سعودي أدى إلى الانتخابات الرئاسية في لبنان غير صحيح". وأكد أنّ "الانتخابات الرئاسية اللبنانية هذه المرة جرت بمبادرات لبنانية بحتة وخطوة خطوة، ما قطع الطريق أصلاً على أي تدخلات خارجية. وفي الأحوال كلها لو كان بالفعل هناك أي تفاهم إيراني سعودي مسبق على الانتخابات الرئاسية فلماذا لم يظهر أي مؤشر على هذا التفاهم قبيل حصول الانتخابات أو عند حصولها. ما يؤكد عدم وجود هكذا تفاهم". وختم بالقول: "إن معالي وزير خارجية إيران حر في نسب ما يريد لنفسه، ولكن هذا لا يعني أن هذا ما حصل، وخصوصاً أن العالم كله يعرف أن لا وجود لقنوات اتصال بين السعودية وإيران في هذه المرحلة". علماً بأنّ ظريف كان قد قال في منتدى دافوس الإقتصادي في سويسرا: "لا أرى سبباً أن تكون هناك سياسات عدائية بين إيران والسعودية. يمكننا العمل معاً لانهاء الأوضاع المأسوية لشعوب سوريا واليمن والبحرين وغيرها من دول المنطقة، كما تمكنا من وقف عرقلة عملية الانتخابات الرئاسية في لبنان، وحققنا نجاحاً".

الأكيد أن جعجع لم يساوره شكّ في أنّ ظريف لن يدخل في سجال معه بشأن هذا الكلام، ليس لسبب إلا لأنّ ظريف لم يقصده في كلامه ولا هو قصد لبنان وانتخاباته الرئاسية. ظريف هدفه غير ذلك كلّه. لذلك تساءل مراقبون في بيروت عن داعي ردّ جعجع على الوزير الإيراني بينما المعني بالرد هو وزير الخارجية السعودي إذ إنّ كلامه يعني بلاده أولاً. وفق هؤلاء فإن كلام ظريف موجه إلى الإدارة الأميركية الجديدة للقول لها إنّ ايران مستعدة للتعاون لحلّ قضايا المنطقة، بعدما كانت إبان التفاوض على الملف النووي ترفض الحديث عن هذا الأمر وتفصل بين القضايا الإقليمية والملف النووي. ويرى هؤلاء أنّ ما يدفع إيران أكثر في اتجاه مثل هذا الكلام هو مواقف الرئيس الأميركي المنتخب دولاند ترامب "العدائية تجاه إيران" وتهديده الدائم بمراجعة الاتفاق النووي معها. كذلك عندما تعلن إيران استعدادها للتعاون مع السعودية من دافوس، فهي تقول بطريقة غير مباشرة إن الأخيرة هي من يرفض التعاون معها، وهذا جزء من الدعاية الإيرانية في الغرب.. وثمّة رأي آخر يرى أن موقف ظريف هذا مرّده إلى التباين الروسي- الإيراني بخصوص مفاوضات أستانة المزمع عقدها في 23 الجاري، ولاسيما بعد الاعتراض الإيراني على دعوة روسيا الإدارة الأميركية الجديدة إلى هذه المفاوضات.

بالعودة إلى التناول اللبناني لموقف ظريف، فإنّ المستغرب أن يدافع جعجع وحده عن الصناعة اللبنانية لرئيس الجمهورية وأن لا ينبري أي من وزرائه أو نوابه أو أركان حزبه للقول إنّ الرئيس أنتجه توافق لبنانيٌ، حتى لو كان هذا الكلام يحتاج إلى تدقيق. ربما يعتبر العونيون أنّ كلام ظريف يقوي موقفهم أكثر باعتبار أنّ الرئيس محمي بمظلة سعودية- إيرانية وليس بمظلة لبنانية هشّة. لكن جعجع حساباته مختلفة، إذ إنّ سعيه هو التأكيد أنّ مبادرته بترشيح عون هي ما أوصله إلى قصر بعبدا بالدرجة الأولى، وهو ما ألمح إليه في ردّه على ظريف.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها