الأربعاء 2017/01/18

آخر تحديث: 00:13 (بيروت)

مشروع غريب في القرنة السوداء

الأربعاء 2017/01/18
مشروع غريب في القرنة السوداء
بدأ ناشطون من المجتمع المدني تحركاً مضاداً للمشروع (Getty)
increase حجم الخط decrease
ماذا يحصل في القرنة السوداء؟ لا شيء واضحاً حتى الآن، رغم ما يُقال عن مشروع سياحي، سيحمل اسم "القمة"، بدأت شركة Realis Development، المملوكة من أفراد من آل غانم، التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، الترويج له.

تقول الشركة إن المساحة المبنية من المشروع ستبلغ 420 ألف متر مربع عند نهاية المشروع، وستكون على ارتفاع 2400م عن سطح البحر في "أجمل المناطق اللبنانية". وسيتكوّن المشروع من فندق ومراكز ترفيه واستجمام، بالإضافة إلى 650 شاليهاً و70 فيلا، مخصصة للبيع أو الإيجار. على أن تنطلق الانشاءات في صيف 2017، حيث ستبلغ الكلفة الإجمالية 500 مليون دولار. لكن مصادر الشركة ترفض الكشف عن تفاصيل المشروع لأنه "لم يُطلق فعلياً بعد".


حلبة تزلج وتلفريك
يطمح المشروع، في أحد أوجهه، إلى تحويل منحدرات جبل المكمل حلبة تزلج. ويتوقع رئيس بلدية بخعون زياد جمال تنفيذ المشروع في السفوح المحيطة بالقرنة السوداء والمحاذية لبلدة بقاعصفرين، لانسيابيتها، وليس في القمة التي ترتفع 3089م. فمنطقة القرنة تدخل ضمن الملكيات العامة التي يُحظر تملكها من الأفراد. وهي من المواقع التي يتعذر الوصول إليها بسبب وعورتها أيضاً.

ورغم بدء شركة آل غانم حملتها الترويجية لمشروع "القمة"، إلا أن بلدية بقاعصفرين تنفي إطلاعها على أي خطط لبناء منتجعات سياحية أو فيلات. ويوضح علي صبرا نائب رئيس البلدية أن المنوى تنفيذه ينحصر في "مركز عادي للتزلج من دون انشاءات" في منطقة الأربعين– مركز عطارة. ووفق صبرا، فإن شركة تلفريك سير الضنية أدخلت آل غانم شريكاً من أجل بدء التنفيذ والاستثمار. لكنه، في المقابل، يلفت إلى أن "ليس هناك شيئاً نهائياً بعد".

ويتحدث صبرا عن حرب شائعات تستهدف "تنفيذ مشروع التلفريك، الذي يعود إلى عهد الرئيس رشيد كرامي"، مؤكداً أن شركة "التلفريك" حاصلة على "دراسة أثر بيئي من شركات عالمية". وفي الفترة الماضية شهدت المنطقة نشاطاً إقتصادياً متزايداً، حيث يسعى عدد كبير من أصحاب رؤوس الأموال لشراء أراضٍ في منطقة جبل المكمل، في موازاة شق أوتوستراد الضنية- الهرمل. ويميّز الخبراء في هذا المجال بين قمم الجبال التي يحظر القانون تملكها على غرار الأملاك البحرية العامة، وبين الأراضي الخاصة في سفوح جبال الضنية، التي يملكها أفراد يحوزون على حجج وسندات شرعية. ويذكر صبرا أن أرض التلفريك، والبالغ مساحتها 40 ألف متر، مملوكة من الشركة منذ زمن.

المياه الجوفية
في مقابل ترحيب البعض بالمشروع لأنه "سيخلق فرص عمل وينشط الاستثمار"، فإن البناء على ارتفاعات عالية يثير شكوك البيئيين. فهذه المناطق الطبيعية تعتبر "مناطق تغذية للمياه الجوفية بفعل تكدس الثلوج وتخزينها بين الصخور". وزيادة النشاط البشري على أحد سفوح السلسلة الغربية من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الملوثات في "منطقة هشة"، وفق الهيدروجيولوجي سمير زعاطيطي. ويسأل زعاطيطي عن آلية استجرار المياه والكهرباء وكيفية معالجة المياه المبتذلة والنفايات، متخوفاً من اعتماد الحرق أو جرها إلى الوديان.

ويتخوّف البعض من أن تطول مدة التنفيذ وما ينتج عنها من ملوثات بسبب شق الطرق وإنتقال الشاحنات والزيوت الخطرة، والحياة اليومية للعمال. بالتالي، إستعادة تجربة إقامة سد بريصا، الذي أصبح نموذجاً للهدر المالي وفشل التخطيط.

نداء نجدة
في خطوة استباقية بدأ ناشطون من المجتمع المدني تحركاً مضاداً للمشاريع التي تضع اليد على المواقع الطبيعية. والحملة بدأت مع مجموعة من اللبنانيين المقيمين في الولايات المتحدة وآخرين في لبنان،  إذ تم إطلاق "نداء نجدة" إلى أكثر من 30 جمعية لبنانية وإقليمية، وتبعه إطلاق عريضة تفاعل معها الآلاف.

وتحاول هذه الحملات ربط مصير المواقع الطبيعية، من الرملة البيضا إلى القرنة السوداء، ببعضها البعض. ويؤكد الناشط علي درويش، من جمعية الخط الأخضر، أن إقامة مدينة على سفح جبل سيلحق بالضرورة بجميع الخدمات المرتبطة بها. ما سيؤدي إلى تضرر البيئة المحيطة. ويستنكر تفلت المتنفذين من أي قيود قانونية، داعياً إلى التمييز بين حق التملك وحق التصرف الذي يجب أن يكون وفق المصلحة العامة.

ويشير درويش إلى عدم حاجة الدولة لإعلان هذه المناطق "محميات طبيعية" لأن مجرد تصنيف الدولة للأراضي سواء أكانت زراعية أم غابات يعني منع استثمارها أكثر من حد معين، كما أن المخطط التوجيهي للأراضي في لبنان يحمي قمم الجبال ويمنع النشاط البشري في المناطق المرتفعة. ويتحدث درويش عن نية للتوجه إلى القضاء من أجل حماية القرنة السوداء، "القمة الوحيدة في لبنان التي تغطيها الثلوج على مدار السنة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها