الإثنين 2017/01/16

آخر تحديث: 00:58 (بيروت)

النوارس فضحت فشل الحكومة.. فقتلتها

الإثنين 2017/01/16
النوارس فضحت فشل الحكومة.. فقتلتها
قتل النوارس مخالفة للقوانين والاتفاقيات الدولية (Getty)
increase حجم الخط decrease

"طيور طيران الشرق الأوسط (MEA) أهم من طيور النورس". هكذا، كان رد رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، على اجراءات صيد الطيور المحلقة في محيط مطمر كوستابرافا. تعتبر الشركة أن قتل هذه الطيور سيضمن سلامة الطيران. استياء المواطنين والخبراء البيئيين من تلك الاجراءات التي اعتبروها "تهرباً" من إصلاح الخطأ الأساسي، وهو إزالة مطمر كوستابرافا المحاذي للشاطئ والمطار، والذي يضر بصحة الناس والبيئة على حدّ سواء، يطرح السؤالين الآتيين: ما هي أهمية طائر النورس بيئياً؟ وما هي القوانين التي تحميه من الصيد، علماً أنه ليس من الطرائد التي يمكن أكلها؟

النورس، واسمه العلمي  (Larus)، وفق مجلة "صيد"، هو أحد الطيور المائية التي تتبع فصيلة النورسية، التي تراوح أحجامها ما بين 30 و75 سنتم ووزنها ما بين 120 و1750 غراماً. للنورس أجنحة طويلة وعريضة وأذيال مربعة. المنقار والأرجل صفراء عند معظم الفصائل، وعادة ما يكون لون الجزء العلويّ من جسم طيور النورس البالغة رمادياً، بينما الجزء السفلي أبيض اللون. تختلف ألوان النورس ما بين الأبيض والأسود والبني والرمادي مع تغيّر الفصول، ومع اختلاف عمر الطائر.

خلال فترة التزاوج تشكل طيور النورس مستعمرات كبيرة بالقرب من المسطّحات المائية وتصيح صاخبة. تستعمل طيور النورس الأعشاب المائية لتبني أعشاشها على الأرض أو بين الصخور في المناطق الرملية الصخرية أو الجزر أو على منحدرات يصعب الوصول إليها بغية توفير الحماية لها ولبيضها من الرياح وبعض الأعداء كالثعالب والغربان وغيرها. تبيض الأنثى بمعدل ثلاث بيضات بنية مبقّعة مرة واحدة في السنة. يقوم الأبوان برعاية الصغار حين يفقس البيض، وبعد مرور 7 أسابيع تبدأ الصغار بالطيران.

تتغذى طيور النورس على القمامة بشكل رئيسي، فهي تنظّف الشواطئ بالتهامها الفضلات، كما أنها تتغذّى على الأسماك والدّيدان والحشرات والرخويات المائية وبيوض وصغار الطّيور. وهي تملك غدداً متخصصة تمكنها من شرب الماء المالح والعذب من دون أن تصاب بأي ضرر. يعيش طائر النورس بالقرب من الأجسام المائية الساحلية والداخلية، كضفاف البحيرات والمستنقعات والأنهر وشواطئ البحار. طيور النورس في أشكالها الأربعة عشر الموجودة في لبنان لا تعتبر طريدة صيد، وهي محمية دولياً حسب اتفاقية حماية الطيور المائية الاورازية -الأفريقية (AEWA).

يقول مدير مركز الشرق الأوسط  للصيد المستدام ورئيس تحرير مجلة "صيد" أدونيس الخطيب لـ"المدن" إن "هذا الطير ليس طريدة صيد وله خصائص بيئية مهمة، إذ إنه ينظّف شواطئنا من النفايات، وتجمّعه بكثرة يعدّ مؤشّراً على عدم صحة البحر"، مضيفاً: "أينما وجد النورس، نعلم أنه يوجد تلوّث".

ويشير الخطيب إلى أن مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام أعلن العام 2017 عام النورس، بصفته ضحية الجهل وكاشف الحقيقة، إذ أنه "أعاد ملف الفشل إلى الواجهة كي يتحرك الناس من جديد دفاعاً عن صحتهم وصحة أولادهم". وهو يعتبر أن "ما رأيناه من قتل للنورس في لبنان لا يعد صيداً، بل جريمة بحق النورس".

أما من الناحية القانونية، فقتل النورس يخالف اتفاقيتين دوليتين وقّع عليهما لبنان. وهما اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسّط (Barcelona Convention for the Protection of the Mediterranean Sea Against Pollution)، واتفاقية حماية الطيور (Agreement on the conservation of African-Eurasian Migratory water birds)، التي وقّع عليها في العام 2002. لكن من يعاقب لبنان في اخلاله بهذه الاتفاقيات؟ "لا أعلم من سيحاسب لبنان. فنحن ضربنا بعرض الحائط كل هذه الاتفاقيات، لكن يمكن للاتحاد الأوروبي مثلاً أو غيره اتخاذ عقوبات بحق لبنان"، يقول الخطيب.

فيما يرى الخبير البيئي ناجي قديح أنه لا "يمكننا حصر خطر قتل النورس بالناحية البيئية، إذ إنه فضح أن المسؤولين اللبنانيين مستعدون لمخالفة القوانين العالمية واللبنانية من أجل مصالحهم الشخصية ومن أجل الدفاع عن جريمة مطمر كوستابرافا". فـ"هم يعالجون النتائج لا الأسباب"، خصوصاً أن "لا أحد يصطاد النورس، وهو ليس من طيور الصيد، إذ إنه لا يؤكل"، واصفاً "صيادي" النورس بـ"المجرمين".


كش المطمر
نفذت مجموعة طلعت ريحتكم، في 15 كانون الثاني، اعتصاماً في ساحة الكولا، تحت عنوان "لسلامة الطيران كش المطمر"، احتجاجاً على قتل طيور النورس وطريقة معالجة ملف النفايات، ولـ"مطالبة الدولة والعهد الجديد بايجاد حلول جذرية، وليس اصطياد طائر النورس الذي يحدث خللاً بيئياً. وكنا قد أشرنا سابقاً إلى أن الحل هو اعتماد سياسة تدوير النفايات وفرزها من المصدر". وكان التحرك قد بدأ في حرم مطار بيروت الدولي، وتقرر نقله إلى ساحة الكولا، بعدما "منع جهاز أمن المطار الإعلاميين من دخول حرم المطار ومحيطه لتغطية الاعتصام".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها