الأحد 2017/01/15

آخر تحديث: 13:29 (بيروت)

قوانين بالية.. من "الرجل المريض" والإنتداب

الأحد 2017/01/15
قوانين بالية.. من "الرجل المريض" والإنتداب
يسري المنع في قوانين الانتداب الفرنسي على ملابس البحر المثيرة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
بعد الضجة التي أثارها قرار إقفال محال بيع الكحول في بلدة كفررمان الجنوبية، والذي علله رئيس بلديتها بالإستناد إلى القانون العثماني الصادر في العام 1910، والذي ينص "على أنه لا يجوز فتح محال خمر في الأماكن الإسلامية"، طرحت تساؤلات حول كم النصوص القانونية التي أصبحت بالية، لكنها لاتزال جزءاً من التشريعات اللبنانية، إما منذ الانتداب الفرنسي أو منذ الحكم العثماني.

فبحسب رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية المحامي بول مرقص، "فإن بعض القوانين التي وضعت خلال الحكم العثماني أو الإنتداب الفرنسي لم تتم مراجعتها لتتوافق مع الحياة الاجتماعية الجديدة". ويقدّم مرقص، في حديث مع "المدن"، مثالاً على ذلك: "القرار رقم 33 الصادر في 5 أيار عام 1941، الذي ينص في مادته الأولى على منع النساء من ارتداء الشورت، على جميع الأراضي الواقعة تحت الانتداب الفرنسي وفي أي مكان يصل إليه نظر الجمهور، وتشترط المادة الثانية من القانون أن يستر اللباس مجمل الصدر من النحر حتى الساقين. وتحدد المادة الرابعة من القانون فرض غرامة قدرها 250 ليرة سورية، وهي عملة من عهد الانتداب، لم يعد معترفاً بها هذه الأيام، على من تخالف القانون".

ورغم مرور عشرات السنوات على انتهاء الانتداب الفرنسي، لم تتم عملية فحص القانون بعد تشريعه. ويلفت مرقص إلى أن "الشورت ليس المحظور الوحيد، حيث يسري المنع على ملابس البحر المثيرة، والتي يخضع مرتديها للملاحقة القانونية، ويحظر ارتداؤها على الرجال والنساء على السواء في الأماكن العامة".

أمثلة كثيرة يطرحها مرقص حول نصوص قانونية لم تعد ذات قيمة. ومنها: "القانون الصادر في 19 تشرين الأول 1945، والمتعلق بمنع رفع غير العلم اللبناني في المونديال، والقانون العثماني الصادر في العام 1912 الذي يرعى انتقال الأراضي الأميرية والموقوفة عند المسلمين، الذي لايزال مطبقاً لدى المحاكم السنية".

ومن القوانين التي يمكن أن توصف بالبالية "قانون القيمومة"، أو نظام الوصاية لمساعدة فرد عاجز على مستوى القدرات العقلية في العائلة. فالمشرع اللبناني لم يدخل على هذا القانون عبارات مثل الزهايمر أو كوما أو باركينسون. ما يضطر القاضي إلى إصدار قرار يصف مريض الباركنسون أو الزهايمر أو الذي يعاني من غيبوبة، بـ"المجنون" أو "المعتوه". وهما كلمتان كانتا تستخدمان في العهد العثماني، ليتمكن من تحديد قيم على أملاكه.


وبما أن الأمثلة القانونية المذكورة أعلاه، لم تعد صالحة في وقتنا الراهن، يطرح سؤال حول الجدوى من الإصرار على إبقائها. يجيب مرقص: "يختلف خبراء القانون حول مسألة إلغاء القانون أو الإبقاء عليه. فاستناداً إلى التاريخ القديم مثلاً، كانت بعض القوانين القديمة في الإمبراطورية الرومانية تسقط بالتقادم في حال عدم تطبيقها لوقت طويل، فيما يرفض قانونيون آخرون إلغاء القوانين التي لا تطبق، لأن ذلك في رأيهم قد يسبب خللاً في التشريعات".

أما وزير الداخلية السابق زياد بارود فيقول لـ"المدن" إنه ليس كل ما هو قديم يعتبر سيئاً قطعاً. فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن قانون الجمعيات هو قانون عثماني، "لكنه يكرس حرية الجمعيات ويحترم المادة 13 من الدستور. وهو رغم صدوره في العام 1909 إلا أنه يعتبر حتى تاريخه قانوناً ليبرالياً". يضيف بارود: "هناك مرسوم اشتراعي صدر في العام 1977، ويعتبر مقارنة بقانون الجمعيات العثماني قانوناً حديثاً، بيد أنه سمح بالتوقيف الاحتياطي للصحافيين. من هنا، فإن المقارنة هذه تجعلنا نقول إن الإشكالية لا تكمن في مدى قدم القوانين، بل في مدى تلبيتها لأهداف القواعد القانونية حالياً".

وفي هذا الإطار، يؤكد بارود أن "هناك حاجة لفتح ورشة إصلاحية شاملة، تحديداً على مستوى قانون العقوبات الصادر في أربعينيات القرن الماضي". ويلفت بارود إلى أن "ما يجري اليوم هو فتح ورش تعديل قانونية بالمفرق، استجابة لضغوط ينتجها حدث معين، بينما يفترض العمل على تحديث قانون العقوبات برمته، لأنه يتعلق بالحقوق القانونية للمواطنين، ونصوصه ملزمة لجهة التطبيق، إذ إن القاعدة تقول إن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص القانون".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها