الأربعاء 2016/09/28

آخر تحديث: 01:42 (بيروت)

حزب الله.. زمن الانتصارات الديبلوماسية

الأربعاء 2016/09/28
حزب الله.. زمن الانتصارات الديبلوماسية
غض الطرف عن الممارسات الإيرانية في سوريا يأتي طمعاً بالاستثمارات الغربية
increase حجم الخط decrease

لم يُخيَّل لجمهور حزب الله أنه سيتابع يوماً الأخبار السورية الأخيرة، من دون أن يلحظ أي "مؤامرة كونية" على الحزب و"محور المقاومة". لكن، في الواقع هذا ما يحصل حالياً. فحراك الساحة الدبلوماسية الدولية حول سوريا، يتيح التخمين بأن حزب الله تحول من حزب محلي إلى لاعب إقليمي، يحظى دوره بصمت دولي إن لم يكن بضوء أخضر.

فقد شهدت سوريا في الأسبوعين الماضيين حدثين ديبلوماسيين في مرحلة لها بعدها في تاريخ الشرق الأوسط، لجهة العمل على تشكيله خريطة سياسية جديدة (وربما جغرافية)، تحت مسمى "الحل السياسي" في سوريا: الأول تمثل في تسريب بنود الاتفاق الروسي- الأميركي غير المنجز، والذي مازال محل تجاذب دولي. والثاني تمثل في جلسة مجلس الأمن حول سوريا، وتصريحات مسؤولي الدول المعنية، التي اعطت فكرة عن نظرة المجتمع الدولي للصراع في سوريا. وفي الساحتين، جنيف ونيويورك، كان حزب الله الرابح الأكبر، إن لجهة عدم التعرض ولو بكلمة واحدة لدوره وعملياته العسكرية، أو لجهة عدم تحميله أي مسؤولية عن فشل الهدنة.

في بداية ثمانينيات القرن الماضي، صُنّف حزب الله عالمياً منظمة إرهابية (بعد تفجير السفارة الأميركية وتفجيرات العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس). بعدها بقي الحزب في قوائم الإرهاب الأميركية فقط. لقد تعاملت معه أوروبا باعتباره جزءاً من النظام اللبناني. اليوم، تبدلت القاعدة. ليس بالضرورة في النصوص القانونية، بل بالممارسة العملية. فالاتفاق الروسي الأميركي، استثنى "المنظمات الارهابية" (داعش والنصرة وجند الاقصى) من اتفاق الهدنة الذي لم يدم طويلاً، لكن حزب الله لم يكن ضمنه. وهذا ما يطرح اسئلة جدلية في شأن نظرة الغرب المستجدة لحزب الله والمليشيات الإيرانية، وإن كانت أميركا رفعت حزب الله عملياً عن قوائم الإرهاب، وما هو المقابل؟

هذا ليس كل شيء. فالجلسة الأخيرة  لمجلس الأمن في شأن سوريا، شهدت مشادات كلامية وتبادلاً للاتهامات بين روسيا وسوريا من جهة والدول الغربية من جهة أخرى، لكن اللافت كان موقف دول ما يعرف بـ"أصدقاء الشعب السوري"، التي حصرت مسؤولية "جرائم الحرب في حلب" بالنظام السوري وروسيا، من دون أن تذكر حزب الله والمليشيات الإيرانية التي تخوض معارك حلب وتفرض الحصار على احيائها الشرقية.

عمليا، يرى مراقبون أن روسيا وأميركا والنظام السوري يشتغلون، من حيث يدرون أو لا يدرون، عند الإيراني في سوريا- بالمعنى الحرفي للكلمة. أميركا تلقي بكل جبروتها لمنع تسليح المعارضة وكف يد تركيا والسعودية وقطر، وروسيا تقصف من الجو لتدخل المليشيات الإيرانية على الأرض. أما نظام الأسد فلم يعد له وجود. دوره الوحيد استخدام اسمه غطاء دولياً و"قانونياً" لسيطرة إيران على مزيد من الأراضي السورية وتنفيذ عمليات الترانسفير المذهبي.

المشكلة، بحسب المراقبين، أن الجهات الثلاث تدرك أنها تلعب لمصلحة إيران لا لمصالحها، وأن إيران وحدها ستخرج رابحة من حمام الدم السوري. مع ذلك، تلعب تلك الجهات حتى النهاية، ربما عن اقتناع بأن لا خيارات أخرى، أو ربما غض الطرف عن الممارسات الإيرانية في سوريا يأتي طمعاً بالاستثمارات الغربية في "إيران ما بعد النووي".

في الحالات كلها، فإن أميركا وروسيا اختلفتا على كثير من النقاط، إلا على تكريس قاعدة في السياسة الدولية مفادها أن "الإرهاب" يمارسه السنّة فقط، وأن إيران، خرجت رسمياً هذه المرة، من إطار الدول الراعية للإرهاب للمرة الأولى منذ العام ١٩٧٩. وقد يكون لحزب الله المنتصر (ديبلوماسياً) حسابات أخرى، لقبض ثمن هذه الانجازات الدولية داخلياً وخارجياً. ولا بأس أن يستمر شعار "الموت لأميركا".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها