الأربعاء 2016/09/28

آخر تحديث: 15:52 (بيروت)

تثبيت الشيعية السياسية

الأربعاء 2016/09/28
تثبيت الشيعية السياسية
المسألة أكبر من رئاسة الجمهورية
increase حجم الخط decrease
منذ الاستقلال يعيش لبنان عصر الثنائيات أو الثلاثيات السياسية. سمحت التركيبة لتكريس مفهوم الطوائفية المتآلفة في الحكم، منذ ميثاق 1943، والذي أرسى تحالفاً بين الموارنة والسنّة لإدارة الحكم في البلاد، إلى مراحل تلتها وما حوته مما أسماه البعض ثورات، أو البعض الآخر أطلق عليه توصيفات أخرى. لم يستطع لبنان الخروج من منطق الطوائفية الحكمية. من ثنائية بشارة الخوري رياض الصلح، إلى ثنائية كمال جنبلاط وكميل شمعون على قاعدة الغالب والمغلوب، إلى الحقبة التي تلتها وكان عنوانها لا غالب ولا مغلوب لصاحبه صائب سلام. في تلك المرحلة، كانت التحالفات ثنائية، والصراعات ثنائية أيضاً، تحالف مسيحي سنيّ، وتصارع أيضاً بينهما، لتحصيل كل طرف مزيداً من المكتسبات ارتباطاً بأوضاع وتأثيرات إقليمية ودولية.

في تلك الفترة، كان الشيعة طائفة المحرومين في الدولة. مرحلة التطور والتغيّر، تتظهر اليوم، ومن كان مهمشّاً أو مستتبعاً، أصبح هو المقرر.

إبان الحرب، وخلال سعي بشير الجميل إلى توحيد البندقية المسيحية، قال شارل مالك: سنحاول أن نقيم شرعية لما هو قائم حالياً عبر الطرق الشرعية. سبقت المقولة انتخاب بشير الجميل رئيساً للجمهورية، علماً أنه كان يستمد قوته وشرعيته من الشارع. تعني الجملة أن من يريد انتخاب بشير الجميل رئيساً، يهدف إلى قوننة حالته، ولاسيما أنه أصبح يتمتع بسلطة مطلقة في المناطق المسيحية، وأريد لهذه السلطة أن تصبح شاملة على البلد ككل، عبر المؤسسات الدستورية.
يحاكي موقف حزب الله اليوم، موقف المسيحيين في حقبة سابقة، حين تمتعوا بفائض القوة، واستطاعوا الإستفراد بالساحة المسيحية من قبل القوات، ثم فرض الجميل نفسه على البلد ككل. هذا، ما ينجح الحزب في تحقيقه اليوم. "شرعيته" الشعبية بفعل قوته وتوسعه، يسعى إلى قوننتها من خلال المؤسسات الدستورية، بدءاً برئاسة الجمهورية ومجلس النواب وصولاً إلى رئاسة الحكومة، بحيث تصبح المواقع الثلاثة خاضعة له ومعترفة بشرعيته. والجميع يدور في فلك الحزب، ويكون في ذلك استطاع السيطرة على البلد بشكل سلس، وعبر الوسائل الديمقراطية والدستورية.
 
افتتاح مرحلة جديدة من تاريخ لبنان السياسي، هي مرحلة الشيعية السياسية برضى الجميع ومباركة الرئيس سعد الحريري مع ابتسامة عريضة. يرشّح حزب الله من يريد، تجري السياسة بما تشتهي سفنه، لتبقى البصمة الأخرى لدى الطرف الشيعي الآخر وهو الرئيس نبيه برّي. بمعنى أن أصبح رئيس الجمهورية الماروني أو المرشح للرئاسة، بحاجة إلى تقديم امتحانيين لخوض سباقه الرئاسي، امتحان الدخول يقدّمه لدى الشيعة أي حزب الله، والامتحان النهائي يجب أن يقدّمه لدى الشيعة أيضاً، أي الرئيس برّي.
 
ثمة من يشير إلى تقاسم الأدوار بين حزب الله والرئيس بري. لم يكن عون يرى أمامه سوى الرئاسة، فيما الحزب لديه اهتماماته الإقليمية، التي منها يدخل فيما بعد إلى التفاصيل اللبنانية. وبالتالي، كان في مكان ما محرجاً من إصرار عون الضيق، لأنه غير قادر على الضغط على الجميع للسير به، والوقت الإقليمي ليس متاحاً لذلك، لأن الهدف أسمى من مجرّد وصول عون إلى بعبدا. وفي وقت كانت مواقف الحزب العلنية دائمة التأكيد على ترشيح عون، واعتباره المرشح الوحيد للرئاسة، بقي بري على موقفه الرافض لرئيس التغيير والإصلاح.
 
أكثر من ذلك، يسعى الحزب إلى شرعنة العلاقة مع إيران، أي يصبح لبنان شبيها بالوضع في العراق، أي كما كان القرار الوطني اللبناني في يد الوصاية السورية، يصبح القرار في يد إيران.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها