الإثنين 2016/08/29

آخر تحديث: 05:34 (بيروت)

سوريا: المفاوضات تغير خريطة إنتشار حزب الله

الإثنين 2016/08/29
سوريا: المفاوضات تغير خريطة إنتشار حزب الله
حزب الله أبلغ الجميع بانه سيركز قواته في دمشق والقلمون
increase حجم الخط decrease

تعتري الإزدواجية مواقف مسؤولي محور الممانعة. ففي الوقت الذي يبدون فيه الإرتياح إلى إجهاض المشروع الكردي على الحدود الشمالية لسوريا، يبدون أيضاً الإرتياح لعمليات التطهير الجارية في محيط العاصمة دمشق لتوسيع حزام الأمان حولها. يعارض الممانعون قيام أي كيان كردي بحجة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ولا يعارضون رسم حدود كانتون مذهبي بالدم والنار يطلقون عليه إسم سوريا المفيدة.

التحول في الموقف ضد الأكراد ينذر بترتيبات دولية على المسرح السوري بين الدول المتخاصمة. منذ بداية الدعم الأميركي للأكراد كان هناك التقاء بين إيران وتركيا على رفض ذلك المشروع، إلى أن حانت لحظة التدخل التركي في سوريا لإجهاض هذا الحلم. ويقول أحد المتابعين إن التدخل التركي مرتبط بجملة إتصالات على طريق إيجاد حلّ للأزمة السورية. وهذا الطريق يبدأ بإنهاء "ظنّ الأكراد أنهم بيضة القبان في المنطقة الحدودية الفاصلة بين سوريا وتركيا".

تشير مصادر مطلعة وقريبة من حزب الله إلى أن الخطوة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كانت منسّقة مع إيران وروسيا والولايات المتحدة. وتلفت إلى أنه لا يمكن القيام بهكذا خطوة خاصة بعد محاولة الإنقلاب بدون الحصول على ضوء أخضر من هذه الدول الثلاث. ولا تفصل ذلك عن إتفاق داريا الذي سيكون مقدمّة لتسويات أخرى مشابهة في المحيط القريب للعاصمة دمشق. وتعتبر المصادر أن سيطرة المعارضة المدعومة من تركيا على جرابلس قابلها إنهاء ملف داريا وخروج سكانها منها. وهذا سيحصل في المعضمية آخر المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في الغوطة الغربية، ليتم التوجه فيما بعد إلى الغوطة الشرقية وحي جوبر. وتلفت المصادر إلى أن المفاوضات في شأن ملف داريا كانت منجزة منذ ثلاثة أشهر، إلا أن تطبيقها يأتي في صالح محور الممانعة للإشارة إلى تحقيق شيء إيجابي تزامناً مع التدخل التركي.

ينظر أحد قادة محور 8 آذار إلى ما جرى في داريا بعين الإرتياح، على قاعدة أنها أيقونة الثورة وأكثر المعاقل المعارضة القريبة من العاصمة تمّ خنقها، وإخراج المعارضين والمسلحين منها، "علماً أنهم من نوعية لا يستهان بها". وهذا الكلام بالنسبة إليه للإستدلال على ما هو آت في سوريا، وخصوصاً في حلب. ويعتبر أن الترتيبات الحاصلة تخدم النظام وأن الأنظار ستتجه إلى حلب، ليس لناحية المعارك إنما من جهة التسوية التي تُصاغ هناك. ويلفت إلى أن الهدنة ستستمر في حلب بلا معارك مفتوحة، بمعزل عن بعض الإشتباكات هنا أو هناك. وفيما هناك من يشير إلى أن الشمال السوري، وتحديداً حلب وإدلب وجزء من ريف حماه، سيكون خاضعاً لسيطرة المعارضة المدعومة من تركيا، تنفي المصادر القريبة من حزب الله ذلك، لافتة إلى أن المسألة خاضعة للتفاوض بين الإيرانيين والأتراك وعلى الخط أيضاً الروس والأميركيين. وتعتبر أن الجيش السوري قد يدخل حلب ، أو على الأقل، بعض المناطق فيها، بموجب اتفاق.

تذهب المصادر أكثر من ذلك، إلى حد اعتبار أن الجيش السوري سيدخل حلب كما دخل الجيش التركي جرابلس. وفيما تنفي مصادر في الجهة المقابلة ذلك، يعتبر من هم في صف حزب الله أنه لن يكون هناك حاجة إلى خوض أي معركة هناك، لأن التفاهم سيكون بوقف المعارك، وعندها فإن حزب الله سينسحب من تلك المناطق إلى المناطق الداخلية وتحديداً في حمص والقلمون ومحيط العاصمة دمشق وعلى طول الخط الحدودي الممتد بين لبنان وسوريا.

لا شك أن المفاوضات تلحظ ضرورة إنسحاب الحزب من المناطق السورية، ولاسيما البعيدة من لبنان نسبياً. وهنا، تقول المصادر إن الحزب أبلغ الجميع أنه حين يأتي وقت الإنسحاب، سيحتفظ بنقاط وجوده في العاصمة، وفي القلمون لأنها تعتبر منطقة عمقه الإستراتيجي. وتؤكد المصادر أن هذا ما سيحصل في الفترة المقبلة إذا ما حصل إتفاق في شأن حلب، لافتة إلى أن ذلك سيكون حاجة للحزب لأنه أرهق بفعل المعارك التي يخوضها منذ سنوات على أغلبية الجغرافيا السورية.

عليه، فإن كل الأمور معلّقة على مجريات الأمور في حلب، إن كان الحزب سينكفئ من الشمال أم لا. وإذا ما حصل ذلك، فسيكون للحزب نشاط عسكري آخر، وقد يكون الأخير في محيط العاصمة تزامناً مع المفاوضات التي ستستمر بين الدول في شأن العديد من الجبهات والمناطق العالقة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها