الثلاثاء 2016/06/28

آخر تحديث: 08:17 (بيروت)

التفجيرات تسابق التسويات.. وبرّي يوسّع مبادرته

الثلاثاء 2016/06/28
التفجيرات تسابق التسويات.. وبرّي يوسّع مبادرته
إذا لم تنجز التسوية فالأمور ستتجه نحو الأسوأ (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
كما جرت العادة، وعند كل عملية إرهابية تضرب لبنان، يجمع الساسة على ضرورة تنحية الخلافات جانباً، والشروع في اجتراح تسوية سياسية تخرج البلد من مأزقه. ساعات قليلة على الكلام الإيجابي، وحتى يعود الأفرقاء إلى خلف متاريسهم السياسية الخلافية. فلا تسوية تجد طريقها إلى الحلّ، ولا العيون تشيح عن التطورات الإقليمية التي أصبح لبنان ورقة معلّقة على حبالها. ما يحصل اليوم، هو تماماً ما حصل بعد تفجيري برج البراجنة، آنذاك طرح الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله مبادرة للخروج من الأزمة على قاعدة اتفاق على سلة متكاملة. وقد لاقاه الرئيس سعد الحريري في منتصف الطريق، مبدياً استعداده لذلك، خصوصاً أنه قبل فترة على مبادرة نصر الله كان الحريري قد التقى النائب سليمان فرنجية في باريس ورشحه للرئاسة.

في السياق السياسي، ثمة اليوم ما يشبه تلك المرحلة، مع بعض الإختلافات والمفارقات، في السياسة العامة. هناك من يعتبر أن ترشيح فرنجية والنائب ميشال عون للرئاسة، قد سقط على الرغم من تمسكهما بترشيحيهما، ومن خلفهما من دعم هذين الترشيحين، وبالتالي فإن الخيار اليوم بحال الدخول في جولة مفاوضات جديدة بين الأفرقاء تقتضي البحث عن مرشح توافقي، يضمن تنفيذ "إتفاق السلة" إذا ما حصل. ومن المفارقات، أن "السلة" اتخذت طابعاً جدياً وتفصيلياً أكثر، مع طرح الرئيس نبيه برّي لمبادرة جديدة، على طاولة الحوار، قوامها قانون الانتخاب، الحكومة المقبلة، وإجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، وفي حال الفشل في التوصل إلى ذلك الإتفاق، فالأجدى الذهاب إلى "دوحة لبنانية".

بعيد التفجيرات الإنتحارية فجر الإثنين وليله، التي ضربت بلدة القاع الحدودية، خرج السياسيون مجدداً للتشديد على وجوب إنجاز الإستحقاقات، ولا سيما الانتخابات الرئاسية، ولكن الدوامة لا تزال نفسها، الخلافات حول العناوين الجوهرية ومضامين أي حلّ للأزمة هي السائدة، فيما تقتصر القواسم المشتركة على الإطار الكلامي.

وكشفت مصادر متابعة لـ"المدن" أن الرئيس نبيه برّي سوف يُدخل بعض التعديلات إلى المبادرة التي اقترحها، إذ يرى أن تعيين حاجب فئة خامسة بات بحاجة إلى عقد طاولة. وتتضمن المبادرة بحلتها الجديدة بنوداً قانونية دستورية، سياسية، إقتصادية، مالية، وإدارية (موضوع ملف أمن الدولة). وتكشف المصادر عن أن برّي يستعد لتقديم ورقة مكتوبة تشمل كل المشاكل والحلول المقترحة على الخلوة التي ستعقد في عين التينة بعد نحو الشهر والنصف.

عملياً، يساند النائب وليد جنبلاط رئيس مجلس النواب. وفيما يتخذ برّي على عاتقه تسويق الطرح لدى "حزب الله" للإسراع في إنجاز الإستحقاقات لأن الوضع داهم بشقيه المالي والأمني، وهذا ينذر بمخاطر كبيرة، فإن جنبلاط سيأخذ على عاتقه العمل على إقناع الرئيس سعد الحريري بضرورة السير في التسوية المقترحة، وبعيداً من انتظار أي حلول إقليمية.

ولكن، ثمة عقبتين محليتين تعترضان أي تسوية، الأولى هي إصرار النائب ميشال عون على ترشيحه، والثانية هي رفض "حزب الله" بأي شكل أن يأتي الحريري رئيساً للحكومة، بخلاف ما يريده بري وجنبلاط. والثانية هي رفض "المستقبل" وما تبقى من قوى "14 آذار"، منطق السلة الكاملة، خوفاً من أن يمس إتفاق الطائف. وبالتالي، فإن هذا الفريق يرفض إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية. وعليه، فإن هذه الهواجس المستقبلية، تدفع التيار إلى طرح شروط مضادة من شأنها تعقيد الأزمة أكثر، وهي البحث في سلاح "حزب الله"، ومن يملك قرار السلم والحرب، وإعادة بث الروح في إعلان بعبدا. الأمر الذي يرفضه الحزب بشكل قاطع.

من هنا، فإن كل هذه الطروحات، تبدو "طبخة بحص" لا يمكن أن تنضج، وبالتالي فإن كل فريق سيبقى خلف متراسه، في انتظار أي تطور إقليمي، من المرجح أنه سيطول. وعليه فإن التغيير فيما بعد، قد يحمل احتمالين لا ثالث لهما، إما الذهاب إلى رئيس توافقي مقابل رئيس حكومة وسطي لتجنّب الحزب مجيء رئيس حكومة "سعودي"، على أن يكون ذلك مرفقاً بسلّة تفاهمات "سياسية"، أو دخول البلاد في المجهول الأمني في ضوء المخاطر التي تحيط به، مع التصعيد المرتقب الذي قد تشهده المنطقة، وبالتالي العودة إلى الطاولة والحلّ الجدي بعد عملية عسكرية أو أمنية تفرض على الجميع الدخول في طريق الحلّ.

ما يجري الآن، يشبه إلى حدّ بعيد، ما جرى قبيل اندلاع الحرب الأهلية في العام 1975، شيء من التاريخ يعيد نفسه، المطالبة بالإصلاحات، تعديل النظام السياسي، الحديث عن مخيمات اللاجئين، صعود النزعة الفدرالية بشكل سريع تلقائي، الحنين إلى السلاح المحلّي والأمن الذاتي، كل ذلك يضاف إلى الأزمة السياسية المستعصية، التي إن لم تجد طريقها إلى الحلّ، فإن سياق الأمور، يشير إلى ما هو أسوأ من العام 2008.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها