الأحد 2016/05/29

آخر تحديث: 10:25 (بيروت)

اليسار البلدي

الأحد 2016/05/29
اليسار البلدي
يمارس بعض اليسار داخل بيئته الإقصاء الذي يشكو منه (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease

احتفى اليساريون والديمقراطيون بأدائهم الانتخابي البلدي، وشاركهم المعترضون والمتضررون والمستبعدون من نعمة التحالفات واللوائح، الإشادة بمستوى الاعتراض الذي أبدته التكتلات المتشكلة على عجل، في وجه من استوثقوا من سلطتهم وسطوتهم من أبناء التمثيل الطائفي والمذهبي الواسع.

استعراض الصورة الانتخابية من دون تجميل أو تقبيح، يترك مكاناً لممارسة معترضة تنوعت أسبابها ودوافعها بين محافظة لبنانية وأخرى، وداخل كل بلدة وقرية، بالانسجام مع المكونات السياسية والمحلية التي أقبلت على الانتخابات وفق حساباتها، التي فيها من العام السياسي عنصر الغلبة والاستقواء، وفيها من الداخلي الخاص، ما ينتمي إلى موروث العائلات وتوازناتها، وإلى التبدلات التي طرأت على هذه التوازنات، أقله من تاريخ الانتخابات البلدية السابقة وحتى يومنا الراهن.

لكن عمومية الصورة الانتخابية البلدية، لا تحجب السمات المشتركة التي أظهرتها الممارسة السياسية في ميدان اللعبة الاقتراعية، ومنطق الشراكة هذا جمع كل الأطراف، أولئك الذين يتحدرون من مواقع عائلية "تقليدية"، والذين ينتمون إلى أحزاب يسارية وغير يسارية، هذا بالإضافة إلى جمهرة من الذين أطلق عليهم إسم المستقلين، أو الديمقراطيين.

التوقف أمام مسلك اليسار ومن جرى مجراه من أبناء الوسط الديمقراطي العام، يشكل ضرورة مهمة، لأن هذه البيئة مجتمعة، تنتدب ذاتها لتكون طليعة العمل المعترض على واقع الحال اللبناني السائد، والمعارض لسياسات القيمين عليه. على سبيل التواصل والمراكمة، نطق كثيرون من بين جمهور هذه الكتلة بما مفاده: أن الحركة الاعتراضية في موسم الانتخابات البلدية، تشكل امتداداً لممارسة الحراك الشعبي الذي أضاف جديداً إلى اليوميات السياسية، عندما تصدى لمسألة النفايات، وعندما لامست بعض الشعارات مضمون التشكيلة الطائفية الحاكمة والمتحكمة.

السمة المشتركة الأولى التي جمعت بين المتنافسين، كانت صيغة عرض التسوية كمخرج في العدد الأكبر من البلدات، ولم يشذ عن ذلك اليساريون عموماً، إلا في عدد قليل من الأماكن، التي لا يرقى مجموعها إلى التعامل معها كظاهرة ينتظمها خط سياسي بلدي عام. لم تكن الصيغة التسووية مرفوضة يسارياً، لسبب مبدئي عند طرحها، بل هي رفضت، حيث جرى رفضها، لأسباب تتعلق بالحصص، والنقاش الذي دار غالباً، ظل ميدانه حساب الأعداد، وحيث لم تتطابق وجهات النظر "العددية"، ذهب المتنافسون إلى المباراة التي اعترف الجميع بأنها حق "ديمقراطي" لكل المتدخلين.

السمة الثانية، هي اشتراك اليساريين والديمقراطيين، في لوائح قوى الأمر الواقع، على ما كان عليه الوضع في الجنوب اللبناني، مما يستكمل سمة "اللامبدئية" الأولى، ودائماً بمقياس يساري، إذ كيف يجتمع الرفض والقبول تحت سقف سياسي واحد، خاصةً في غياب النطق اليساري المستقل، الذي لم يبادر أهله إلى تشكيل لوائحهم سلفاً، أي أنهم فاوضوا من حالة اللاتشكل الانتخابي المسبق، وتحدثوا من وضعية اللانطق السياسي المستقل الواضح الذي يشرح رؤيتهم للسياسة السياسية التي تتحكم بالانتخابات البلدية، أو بغيرها من الانتخابات.

السمة الثالثة، هي تبعثر صفوف الكتلة اليسارية والديمقراطية، بحيث جاءت الممارسة الغالبة مفصلة على قياس الأحزاب والشخصيات المنفردة، أو التي تمسكت بتمييز أفرادها، وإلى التبعثر يضاف التزام اليساريين، حيث جرى قبولهم، بشروط اللوائح التي انتموا إليها، لجهة عدم "التشطيب"، والاقتراع لأسماء مرشحيها بكثافة وبانضباط تامين.

أما السمة الرابعة، فهي حقيقة الاختزال الذي يرضاه بعض أطراف اليسار، فيبتهج هذا البعض بتسميته إعلامياً، قائداً لحملة الاعتراض، ويقبل أن يشار إليه بالإسم، متجاهلاً أنه جزء من وسط ديمقراطي ويساري عام. هنا يمارس بعض اليسار داخل بيئته، الإقصاء الذي يشكو منه، ويُسلِّط عليه من خارج هذه البيئة.

ثمة ممارسة موضعية ذات نكهة سياسية لافتة، ومعها برز نهوض حماسي أبدى استعداداً لعمل سياسي مغاير، لذلك فالمطلوب قراءة هذا الجديد الذي أضاء يوميات العملية البلدية، مثلما من الضروري حسن الاستخلاص من القراءة، ليصير متاحاً البناء الواقعي، فقط الواقعي، على ما بدا من الموسم الانتخابي الحالي، أنه وقائع لا تخطئها البصيرة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها