السبت 2016/04/30

آخر تحديث: 09:49 (بيروت)

الإنتخابات البلدية في زحلة.. تاريخ من المعارك الشرسة!

السبت 2016/04/30
الإنتخابات البلدية في زحلة.. تاريخ من المعارك الشرسة!
الصراع مستمر بين الأحزاب وخصوصية زحلة!
increase حجم الخط decrease

ليس ما يحكى عن "أم المعارك" في زحلة، سابقة في المدينة التي تتحضر لإنتخاباتها البلدية في الموعد الأول المحدد لها في 8 ايار. بل تعيش زحلة في "دوامة" معارك دائمة لإثبات الأحجام السياسية، لولبها "الكتلة الشعبية" ومن توالى على زعامتها من آل سكاف.

اللافت في استحقاقات "كسر العظم" التي خاضتها المدينة عبر تاريخها أنها تبدأ بمشروع توافق، سرعان ما يسقط على مسرح النيات المكتشفة، لتتجلى "الديموقراطية" بشكلها الأبهى في إنتخاباتها سواء اسقطت رموز السلطة فيها او سقطت زعاماتها المحلية او الحزبية.

منذ ما قبل الطائف خيضت معارك الإنتخابية في زحلة بوجه "الكتلة الشعبية" تحت عنوان "رفض إحتكار القرار السياسي"، فردت الأخيرة بوصف المواجهة إعتداء على وجودها المتوارث منذ أكثر من 80 عاما، وواجهته في الصناديق بشعارات "بيت الزعامة المفتوح" و"التصدي لمحاولة نقل قرار المدينة الى مكان آخر".

أبرز هذه المعارك قبل الحرب الأهلية اللبنانية هي تلك التي خاضها الشاعر سعيد عقل في العام 1963، في مواجهة "الزعامة السياسية التقليدية" المتمثلة بجوزف سكاف، فإتهم عقل بخوض معركة العهد الشهابي، وما كان يعرف بالمكتب الثاني على البيت السكافي، لتشتعل الحرب السياسية، لكنه في النهاية لم يحقق سوى خرق محدود للائحة "الكتلة"، فحضر عقل جلستين للمجلس، وغادره بعد ان اتهم الأعضاء بالأمية.

بعد اتفاق الطائف، لم تتبدل عناوين المعركة التي خيضت في زحلة، والتي طغى عليها جميعها الطابع السياسي. ولا يزال عنوان "قرار زحلة" والمحافظة عليه، يشكل العنوان الذي تخوض على اساسه "الكتلة" معاركها البلدية منذ عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي، وحتى مرحلة ما بعد سقوط سكاف النيابي المدوي بمواجهة تحالف "14 آذار" في العام 2009. فيما أسماء المرشحين وخصوصا لرئاسة البلدية تتكرر بين دورة واخرى وتتنقل بين معسكر وآخر.

رئيس البلدية السابق أسعد زغيب الذي يدعمه حاليا تحالف الأحزاب المسيحية يخوض المواجهة الثانية مع "الكتلة"، بعد أن كان قد فاز متحالفاً مع سكاف بمواجهة نسيبه الرئيس الياس الهراوي في اول إنتخابات بلدية جرت بعد إتفاق الطائف في العام 1998. ورئيس البلدية الحالي جوزف دياب المعلوف الذي فاز متحالفاً مع سكاف في العام 2010 على اللائحة المدعومة من "القوات" أسقطه سكاف في معركة المواجهة مع الهراوي سنة 1998، بعد أن كان سكاف نفسه قد طرح اسمه كمرشح توافقي في إنتخابات سنة 1997 التي جرى تأجيلها.

ليست أسماء المرشحين التي تعطي المعارك زخمها، حتى لو أخذت في الإعتبار قوة عائلاتهم التجييرية في عملية تشكيل اللوائح. بل تتحول الأسماء إلى أدوات في معارك "كسر العظم السياسية" والتي تتدخل فيها كل العناصر وخصوصا المادية. لتصبح كل إنتخابات في زحلة إستفتاء حول الزعامة  التقليدية ونزعة تخطيها.

تعلق أهالي زحلة بالبيت الكاثوليكي لم يكن وحده ما أمن فوز سكاف في جميع الإنتخابات البلدية المتعاقبة، بل تأثرت معاركها بتدخل عوامل  أساسية، منذ عهد الهراوي، وحتى آخر انتخابات بلدية جرت سنة 2010. سقط الهراوي في عقر داره في أول إنتخابات بلدية جرت في عهده، عندما خاضها على رأس تكتل من القوى المتناحرة ضمت الى نجله النائب السابق روي، الوزيرين خليل الهراوي ونقولا فتوش، و"الكتائب"، في وجه وريث "الكتلة" الياس سكاف. كان سكاف قد إستقطب خلال هذه المعركة عطف الزحليين الذين إستاؤوا من الإدارة السورية للإنتخابات النيابية التي سبقتها سنة 1996، وعملها على جمع التناقضات في لائحة مناوئة لها، بعد ان سعت الى تقزيم دور سكاف، بإعلان اللائحة من خارج بيته ومن دون اي دور له فيها. فكان لفوزه نكهة التفلت من سطوة السلطة السورية على قرار المدينة.    

المواجهة نفسها مع الهراوي - بعد خروجه من قصر بعبدا - خاضها سكاف في إنتخابات 2004، وانما هذه المرة بالتحالف مع فتوش، الذي بقي محافظا على العهد الذي قطعه لسكاف بترئيسه كتلة نيابية أعلنت من منزله في إنتخابات الـ2000 النيابية. ليبدأ في هذه المعركة بروز دور الأحزاب المسيحية، بعد أن كانت طيلة الفترة الماضية تعمل بشكل مستتر خوفا من سطوة النظام الأمني السوري الذي أحكم قبضته في البقاع، فتسنى لـ"التيار الوطني الحر" سماع صوت زعيمهم مسجلاً لاول مرة في المدينة، حتى لو استتبع ذلك حملة ملاحقات وإعتقالات طالت مجموعة من الشبان ومن بينهم سليم عون الذي انتخب لاحقا نائبا عن المدينة.

هذا الدور السياسي للأحزاب المسيحية في زحلة لم يتبلور بشكل واضح الا في إنتخابات العام 2010 البلدية، عندما دخلت "القوات" في مواجهة مباشرة مع "الكتلة"، فيما شارك "التيار" بالإنتخابات بمرشح "إستفتاء لشعبيته"، فجيرت أصواته لمصلحة لائحة السكاف، بعد خسارتهما سويا الإنتخابات النيابية في سنة 2009.

طرحت الكتلة الشعبية في إنتخابات 2010 البلدية شعار "زحلة بتحكي ونحن منسمع" لتخوض معركتها تحت عنوان رفض تحكم الأحزاب بقرارها. فكان لترددات معركة الإنتخابات النيابية التي أسقطت سكاف مع لائحته أثر كبير في مساعي إبقاء "البيت" مفتوحا بتوافق ضمني كشفت عنه وجهة الصوت السني كما الشيعي في صناديق الإقتراع لمصلحة سكاف.

في انتخابات 8 ايار المرتقبة، يبدو العنصر الجديد الذي دخل على معركة زحلة البلدية، هو مضي فتوش لأول مرة بمعركة منفردة في لائحة مكتملة، فيما تبدو زحلة منقسمة بين تيارين، الاول وفي لسكاف حتى بعد موته، والثاني مع تكريس دور الاحزاب من خلال المصالحة المسيحية. فإي من هذه المعسكرات سيكتب لها الغلبة، الجواب تحدده الكتلة الناخبة الصامتة في زحلة والتي تبدو الأكبر حجما في المدينة ويقود رأيها إحتدام المعركة بعناوينها السياسية. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها