السبت 2016/04/23

آخر تحديث: 19:22 (بيروت)

مؤتمر الحزب الشيوعي: نزاع انتخابي بلا سياسة

السبت 2016/04/23
مؤتمر الحزب الشيوعي: نزاع انتخابي بلا سياسة
من أين يأتي الشيوعيّون بأمين عام لم يكن في القيادة منذ نحو عشر سنوات؟ (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

يقف النقابي حنا غريب، في مؤتمر حزبه "الشيوعي اللبناني"، في جبهة المطالبين بتثبيت المادة الرابعة من النظام الداخلي للحزب، التي تمنع الترشّح إلى الأمانة العامة وعضوية المكتب السياسي لأكثر من دورتين انتخابيتين، وإلى عضوية اللجنة المركزية لأكثر من ثلاث دورات. وهذه المادة كما هي الآن، بالصيغة التي يطالب غريب بالحفاظ عليها، تمنعه من الترشّح إلى الأمانة العامة، وإلى القيادة الحزبية عموماً، لكونه في القيادة منذ ثلاث دورات.

"هذا هو حنا"، يقول عدد كبير من رفاقه، الذين يؤكدون أنه شخصياً "مطلب شعبي" داخل الحزب.

لكن، في مقابل حنا الذي يتشدد بموقفه "لأنه هكذا، وكي لا يُقال إنّه مشى بتعديل النظام الداخلي كي يصير أميناً عاماً للحزب"، هناك من يسعى إلى تعديل تلك المادة. وعلى ما يبدو إن نصف أعضاء اللجنة المركزية، أي نحو 30 من 60، هم من هذا الفريق.

عند هذه النقطة يراوح مؤتمر الشيوعيين الحادي عشر. ونتائج النقاشات في هذا الموضوع تحدد نتائج الانتخابات التي تُفتتح ظهر الاحد، ولن تستغرق أكثر من ساعات.

فقد وصل الشيوعيّون إلى مؤتمرهم بعدما أجّلوا خلافاتهم الأخرى، السياسيّة والفكرية.. إلخ. وقد فعلوا ذلك إنطلاقاً من معيارين قيّميين يحتكمان لهما منذ عقود، وهما: "البقاء في الحزب وتطويره وتجديد خطابه وأدوات عمله ودمه". لكنَّ الأهم من ذلك هو أن المؤتمرين والشيوعيين عموماً، ومن مختلف وجهات النظر، لا يسعون إلى معركة كسر عظم. ويبدو أن لا وجود لفريق قادر على ذلك، أو حتى على خوض معركة انتخابيّة، سواء كانت مبرراتها وشعاراتها سياسيّة أو تنظيميّة أو شخصيّة.

لهذا، تجد المؤتمرين (315 شخصاً) مشغولين بالبحث عن حلول وسط وتسويات. وما لا علاج له في الحسابات تتكفّل به "الروح الرفاقيّة" والعاطفة التي يرتفع منسوبها في المؤتمر، الذي يُعتبر عند الشيوعيين مفصلاً تاريخيّاً لتأكيد "الإلتزام والإخلاص للتضحيات والشهداء والتراث والوحدة" أولاً.

وسط هذا، لا يبدو أن في المؤتمر صراعاً آخر غير "تجديد" الهيئات القياديّة (اللجنة المركزية، المكتب السياسي والأمانة العامّة). لكن هذا ليس معركة. هو، مثلما يُستشف من أجواء القاعة والشوارع المحيطة، أشبه بنزاع على نسبة ملكية ضمن عقار واحد غير قابل للتجزئة. وهو نزاع منزوع العصب السياسي أو الفكري. يبدو بين فئة تحتل "المناصب" القيادية منذ دورتين أو أكثر، ما يجعلها "بريجينيفية" (نسبة إلى ليونيد بريجينيف) إضافة إلى وجوه سوفياتيّة أخرى في صورتها، وبين آخرين صمدوا في الحزب ولم يغادروه ويلتزمون خطابه وسياسته. فداخل الحزب الشيوعي اليوم لا يوجد موالاة ومعارضة بالمعنى السياسي، بل هناك قيادة وهناك أجواء تعارضها أو تنتقدها، لسبب تنظيمي هنا، وتحت عنوان سياسي هناك. والجميع يتحدّث عن "ضرورة إستقلالية الحزب وعودته إلى صفوف الجماهير". وفي هذا السياق يُطرح اسم حنا غريب كـ"مطلب" ذي معانٍ وأهدافٍ عدة: توحيد الشيوعيين وفتح أفق لتغيير الحزب، إعادة استقطاب كثيرين ممن غادروا التنظيم، وإحداث صدمة إيجابيّة وطنيّاً وعند جمهور اليسار.

وسط أجواء البحث عن حلول، ومع دخول المؤتمر ساعاته الأخيرة، تم الإتفاق على تأجيل البت في القضايا التنظيمية ولاسيما المادة الرابعة من النظام الداخلي إلى الأحد، فسحاً في المجال أمام التسويات. وفيما تطول سهرات الشيوعيين، السبت، عشية البت بالعناوين النظامية والتنظيمية وإجراء العملية الانتخابية (الأحد أو الإثنين)، يرجح كثيرون من المؤتمرين أن تُعدّل المادة الرابعة تلك، بحيث تتيح الترشّح لمن هم في الأمانة العامة والمكتب السياسي واللجنة المركزية منذ دورتين أو ثلاث، مع إدخال شرط حصول المرشّح من هؤلاء على نصف عدد الأصوات للفوز. وهذا الحل "المنصف"، بحسب أحد الناشطين لتمريره، تحتاج إليه الأطراف كافة. فإذا لم يمر وبقيت المادة على حالها يعني أن "لا حنا غريب ولا خالد حدادة يمكنهما الترشّح. وهذه أزمة حقيقيّة. فمن أين يأتي الشيوعيّون بأمين عام لم يكن في القيادة منذ نحو عشر سنوات؟". علماً أن هناك خيارات عدة منها الإقتصادي كمال هاني، بحسب بعض التوقعات الخافتة. ما يعني أن "معارضي" القيادة الحاليّة سيتنازلون لها قليلاً كي يمرروا "انتخاب حنا غريب، ووصول أعضاء جدد إلى القيادة"؛ وفريق القيادة مضطر إلى التنازل كي يبقى بعضه في اللجنة المركزية والمكتب السياسي والأمانة العامة. وإذا لم يحصل أي من هذه الحلول فإن المؤتمر، وبالتالي الحزب، سيواجه أزمة يتخوّف منها الشيوعيّون و"يصلّون" لكي لا تنفجر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها