الثلاثاء 2016/12/06

آخر تحديث: 01:08 (بيروت)

رأس بعلبك: نزاع عقاري مسلح بالمذهبية

الثلاثاء 2016/12/06
رأس بعلبك: نزاع عقاري مسلح بالمذهبية
يستثمر العقارين شخصان والبلدية تطالب بهما (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease

خرج إلى العلن خلاف عقاري في بلدة رأس بعلبك، تُرجم شكلياً كواحد من الانقسامات السياسية التي خلفتها الانتخابات البلدية، إلا أنه يكشف في جوهره تضارباً على مستوى القرارات المركزية، تحول نزاعاً بين السلطة المحلية المتمثلة بالبلدية والمستفيدين من هذه القرارات.

انفجرت القضية مساء السبت، في 3 كانون الأول، اثر اعتصام نفذ بمشاركة مطران بعلبك للموارنة حنا رحمه احتجاجاً على مذكرة لوزير الداخلية، تصر على إلغاء حماية إجبارية على عقارين في البلدة تصل مساحتهما إلى نحو 29 ألف متر مربع، طالبت بلدية رأس بعلبك بإسترجاعهما، مخططة لاستثمار أحدهما في اقامة مشاريع تجارية وتأجيرها لابناء البلدة.

وكان العقاران قد زرعا منذ العام 2013 بالأشجار المثمرة من ضمن 31 عقاراً غيرهما، ويصل مجموع مساحتها إلى مليون و400 ألف متر مربع، بناء لقرار اتخذه وزير الزراعة حينها حسين الحاج حسن، "لفرض حماية إجبارية عليها، من أجل تحريجها وصيانة الأشجار والنباتات والأعشاب الموجودة فيها" لمصلحة كل من علاء أكرم مهنا وجوزف البشراوي.

إلا أن الحاج حسن عاد عن قراره في السنة نفسها بسبب الانتقادات التي وجهت إلى القرار، وبعدما استمهل ريثما يتم تشكيل تعاونية لـ"المحمية". وذلك بعد ستة أشهر من أعمال تنقيب "شاقة" باشر بها مستثمرا العقارات، كما يؤكدان لـ"المدن". ما جعلهما يتقدمان بشكوى قضائية لدى محكمة رأس بعلبك التي سمحت لهما بمواصلة استثمار العقارات، رغم الاعتراضات البلدية على ضم عقاريها إلى الأراضي المذكورة، وهي اعتراضات "خُنقت" بالمونة السياسية للنائب السابق ألبير منصور، إلى أن بدلت الانتخابات البلدية الماضية التركيبة السياسية للمجلس البلدي.

بعد أيام على تسلم المجلس الجديد مهمته، فوجئ كما يروي رئيسه العميد المتقاعد دريد رحال لـ"المدن" بقرار حماية جديد للعقارات نفسها صادر هذه المرة عن الوزير أكرم شهيب لمصلحة الشخصين نفسيهما، وبصيغة القرار الأول ومع إضافة كلمة الأشجار المثمرة إلى الحرجية كي يتناسب مع "الأمر الواقع الجديد" الذي حتمه زراعة الأراضي بالتفاح والخوخ والدراق وعرائش العنب بدلاً من أشجار السرو والشربين التي تزرع في المحميات. فطعنت البلدية بالقرار أمام مجلس شورى الدولة، بموازاة صدور إحالة من وزير الداخلية إلى محافظة بعلبك للموافقة على طلب البلدية تحرير عقاراتها التي تم الغاء الحماية عنها منذ العام 2013 وإزالة المخالفات التي قامت عليها.

بعدها تقدم كل من بشراوي ومهنا بمراجعة في شأن إحالة وزير الداخلية لدى مجلس شورى الدولة لوقف تنفيذها وإبطالها. وبالفعل صدر في تشرين الأول القرار الإعدادي لمصلحتهما. لكن وزارة الداخلية طلبت الرجوع عنه وردت المراجعة لـ"عدم صحتها وقانونيتها كون العقارات، التي فرض الحماية عليها هي أملاك للبلدية ويقتضي على وزير الزراعة قبل تقرير الحماية الوقوف على رأي المجلس البلدي"، مورداً أيضاً أن "تعيين الأشخاص المستفيدين من هذه الحماية، التي تتم بالتعاون معهم يجب أن تنال موافقة البلدية لكون عملية التحريج سينتج عنها استثمار هو من حق البلدية".

تشنجت القضية أكثر مع تدخل قوة أمنية مركزية لتنفيذ قرار وزير الداخلية بإزالة "التعديات" عن العقارين، وكاد ينفجر الصراع الداخلي في البلدة لولا مساعي التهدئة التي بذلت "حقناً للدماء" بعدما تصرفت الدولة، كما يقول أكرم مهنا والد أحد المستثمرين، "كعصابة من خلال فرض رأيها خلافاً للقرارات القضائية". لتخلص الأمور إلى وضع العقارين منذ 3 كانون الأول بتصرف القوى الأمنية التي ستشرف حتى 13 كانون الأول على إزالة الانشاءات القائمة فيهما تمهيداً لتسليمهما إلى البلدية مجدداً.

في المقابل، تمسك مستثمرا الأرض بالتعويض عن جزء من كلفة استصلاح العقارين والتي قدرت بـ200 ألف دولار بناءً لتقرير خبير محلف، خصوصاً أنهما كانا يتوقعان جني ثمار المشروع في الموسم المقبل. فيما يصر رحال على أن البلدية غير معنية بأي تعويض، "لأن البلدية تسترد ملكها الذي صودر بنفوذ حسّان البشراوي والد جوزف أحد المستثمرين".

ويبدو أن البشراوي ليس وحده الذي يتمتع بالنفوذ في البلدة، بل تُتهم البلدية بأنها تحظى بدعم مشابه من مستشار يقال إنه وراء صدور قرار وزير الداخلية وتطبيقه بسرعة قياسية.

لكن رحال يسأل عن الجدوى من تلزيم 33 عقاراً لفترة غير محددة لمنفعة شخصين فحسب، أحدهما لا يقيم في لبنان، بل سمح له نفوذ والده بفرض أمر واقع، وهو يستعين لإبقائه بسلطة الكنيسة حيناً وبسلطة سرايا المقاومة أحياناً، التي يقول إنها أوحت من خلال بعض أدائها في الفترة الماضية بأنها طرف في القضية، خصوصاً عندما بنت غرفاً لها في محيط الموقع المتنازع عليه.

ويسجل رحال عتبه على المطران رحمة، ذلك أن انحيازه إلى أحد الطرفين أظهر الأمر وكأنه خلاف مذهبي بين أكثرية كاثوليكية وأقلية مارونية، "فيما أبناء البلدة لم يسبق لهم أن ميزوا بين أبناء المذهبين، فكنيستهما واحدة وكذلك مدافنهما. والخلاف كله حول الحقوق والعقارات التي لا يمكن أن يحرم منها معظم أبناء البلدة ليستفيد منها شخصان".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها