الجمعة 2016/12/23

آخر تحديث: 10:45 (بيروت)

|7/24| يد الوزيرة وحجابها

الجمعة 2016/12/23
|7/24| يد الوزيرة وحجابها
الموقف الشائع والسلبي من الحجاب يبدو متخلفاً عن الاعتياد (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

قالت الوزيرة عناية عزالدين في أول تغريدة لها، فجر 20 كانون الأول، إنها كسرت السقف. ثم طالبت، بعد ثوانٍ في تغريدة أخرى، بـ"الكوتا النسائية المحقة". وهناك صحافي كتب، بعد أيام من كسر السقف، أن عزالدين تذكر بأمهاتنا الأربعينيات. وأن تعيينها كان "ضربة أستاذ"، في تلاعبه بحنين شيعي إلى ما قبل الحجاب "الأصلي"، بعد يومين تقريباً من صدمة تلفزيون MTV من وجود محجبة في الحكومة.

في اليوم الخامس، بعد تعيين عزالدين، الخميس في 22 كانون الأول، أُكتشف في الصور المتداولة من الجلسة الأولى للحكومة أن الوزيرة الجديدة لا تسلم باليد، التي تحمل فيروساً، كما قيل سخرية منها. أو التي "بوركت إلتزاماً بأمر الإله وحفاظاً على الأصالة"، كما قيل دفاعاً عنها.

الحال أن هذه مواقف لا ترى إلا متصلة، وإن بدت متفرقة ومتواجهة. ذلك أن عزالدين ليست الوزيرة الأولى. لكنها، في مفارقتها عن غيرها، تلبس حجاباً. وهو أساس انشغال الناس بها. وما يخفيه كل هذا الجدال، الذي ينطوي على قدر لا بأس فيه من حالات الصدمة والهلع، أن من عُيِّن في حكومة سعد الحريري الثانية هو الحجاب نفسه، لا عزالدين، المرأة أو الكفوءة أو أخت الشهيد أو مالكة المختبر الطبي، إلى آخره.

هكذا، يبدو أن ما كسر، كما في سرديتها عن نفسها، هو حضورها ليس أكثر. والجدال، في وصوله إلى ما نفترض أنه أصله، يبدو أكثر اتساقاً مع المتداول في الفكر اليومي. فالحجاب شيء، ومن يلبسه آخر. وهو جدال ينحو، إن كان من طرف المدافعين عنه كما رافضيه، منحى التشيؤ. وهذا مدلول الإستهلاك وسلوكه. لكن الحجاب، فوق ذلك، بمقتضياته، بما فيها رفض المصافحة باليد، وبالركون إلى رمزيته الدينية، يستحيل طرفاً ثالثاً بين مرتدياته والآخرين. وهو، في ما يقال إنه فلسفته وعلة لزومه، موجه ضدهم.

لكن الموقف الشائع والسلبي من الحجاب يبدو متخلفاً عن الاعتياد، وما نقول إنه حرية شخصية. ولا يمكن لوجود محجبات بيننا، بغض النظر عن الموقف الثقافي/ الأيديولوجي أو الجمالي منه، أن يكون صادماً أو غير متوقع، إن كن مهندسات أو نواباً أو يعملن في ستاربكس. أو أن يدفع إلى اتخاذ موقف عدائي من مرتدياته، كأنهن كائنات فضائية. هذا ما يؤسف له، في كل حال.

تبقى المشكلة الأولى، من بين مشكلات أخرى أقل شأناً نسبياً، في ما يقوله المدافعون عنه. فعزالدين، الوزيرة الوحيدة في حكومة مؤلفة من 30 شخصاً، يدخل حجابها في خصائص الاحتفاء بها، لأنه رمز الأصالة، مثلاً، أو دليل نجاح مدرسة الإسلام، على ما قيل هنا وهناك. وهي واحدة من بين مئات آلاف النساء، في لبنان، اللواتي وجد مَن يقول لهن إن حجابهن أغلى من دمه. ويمكن، هذه الأيام، الإحالة إلى فايسبوك وتويتر للاستزادة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها