شغلت قصة الطفل الفلسطيني أحمد عابدي، البالغ 10 سنوات، الذي توفي في المستشفى الإسلامي في طرابلس، صباح الأربعاء، في 21 كانون الأول 2016، الرأي العام اللبناني. وقد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الأربعاء، بيان نُسب إلى الطبيبيّن الشرعييّن بلال صبلوح وشفيق صافي، اللذين عيّنتهما النيابة العامة للكشف عن جثّته، يُفيد بأن وفاة أحمد سببها "إلتهابات وتغيّرات في جهاز الكولون تعود لأكثر من 5 أيام، وأن التصلّب في شرايين رأسه، ليست بسبب الضربة على الرأس"، التي اتُهمت بها معلمته س. ز، في مدرسة المديّا التابعة لوكالة الأونروا في منطقة الزاهرية.
على إثر هذا البيان، الذي قيل إنّه مأخوذٌ من التقرير الطبّي الشرعي، انقسمت الآراء بين إدانةٍ وسائل الإعلام التي تناولت الخبر بتهمة "الإساءة إلى المعلمة"، وبين تشكيكٍ بالبيان بحجّة "أنّه يحاول لملمة القضية والتغطية على تصرف المعلمة"، التي هي في طبيعة الحال، لم تقصد "عمداً" إلحاق الأذيّة بتلميذها أحمد، عندما "خبط رأسه في الباب الخلفي لمقعده في الصف".
لكن، وفي زوبعة هذا الجدل، تبيّن أن مجريات التحقيق في النيابة العامة، وحيثيات تقرير الطبيبيّن، تسيران في اتجاهٍ مختلف. ففي حديثٍ إلى "المدن"، ينفي الطبيب بلال صبلوح أن يكون التقرير النهائي قد صدر رسميّاً من النيابة العامة، ذلك أنّهم في انتظار النتائج المخبرية ونتائج الزرع في تشريح جثّة أحمد. ويقول: "سمعنا تداول أخبار كثيرة عن نتائج الطب الشرعي، إلا أنّ التقرير لم يصدر بعد في صيغته النهاية. فقد أنهيتُ مع الطبيب صافي المرحلة الأوليّة من الفحوصات، ووضعنا لدى النيابة العامة نتائجها التي نمتنع عن تسريبها حفاظاَ على سريّة التحقيق. إضافةً إلى أننا نحتاج إلى ما لايقلّ عن 5 أيامٍ أخرى، قبل إصدار التقرير بصيغته النهائية، لحسم سبب وفاة أحمد".
وفي الوقت الذي كان فيه والد أحمد، قبل أن يرضخ إلى طلب النيابة العامة، يرفض تشريح جثّة ابنه حفاظاً على حرمتها، يشير لـ"المدن" إلى أنّ "العائلة رغم فاجعتها ستبقى في انتظار قرار النيابة العامة للكشف عن الحقيقة، وستسير وفق موجبات القانون". ويأسف لأن تنتشر شائعات عن التقرير الطبي قبل أن تُصدره النيابة رسميّاً.
من جهته، يقول المحامي راغب رعد لـ"المدن"، إنّ "أحداً لا يريد تحميل المعلمة التهمة تعسّفاً، لأنّه في القانون، وإن كانت الضربة هي سبب وفاة أحمد، نعرف أن ذلك لم يكن عن قصد، والقضاء يأخذ هذه الناحية في الاعتبار. لكن المشكلة أبعد من ذلك، وتتخطاها إلى فوضى واضحة في مدارس الأونروا، وإهمال طبي وسوء اهتمام. وما يجب تأكيده، أن أحمد لم يكن يعاني من أي مرض عضوي، وإنما الجلطة نتجت عن تراكمٍ في الألم لحدثٍ مفاجئ، واحتمال كبير أن تكون الضربة هي السبب، لأنها تسببت بتورّم واصفرار ودوخة وتقيؤ، غير أننا لا نستطيع التصرف بأيّ إجراء قبل أن يصدر التقرير الطبيب الذي سيحدد قرار النيابة بحقّ المعملة".
وفي حين أنّ المعلمة لاتزال موقوفة قيد التحقيق لدى قوى الأمن الداخلي، في انتظار قرار النيابة العامة بإبقائها أو إخلاء سبيلها، يستمر مكتب الأونروا في طرابلس في تحفظه عن التعليق على الموضوع. ولدى سؤاله في اتصال مع "المدن" عن آلية التنسيق مع وزارة التربية في هذه القضايا، يشير اتلموظف المجيب إلى أن شؤون مدارس الأونروا، لا تتدخل فيها الوزارة، إذ "يختصر التنسيق على الإطار العام وفي البروتوكولات الرسمية فحسب".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها