السبت 2016/12/17

آخر تحديث: 00:07 (بيروت)

كفرنبرخ: مكب نفايات في مكان خطر

السبت 2016/12/17
كفرنبرخ: مكب نفايات في مكان خطر
تأهيل "الموقف" سيكلف 142 ألف دولار (بلدية كفرنبرخ)
increase حجم الخط decrease

يستعد أهالي قضاء الشوف لافتتاح مكب كفرنبرخ الجديد، الذي سيستقبل نفايات 11 بلدة من بينها الباروك، الورهانية والبترون، لحصر المكبات العشوائية التي انتشرت في المنطقة نتيجة إقفال مطمر الناعمة واستثناء الشوف وعاليه من خطة الحكومة. لكن هذا الاستعداد لن يمر بكرنفال ابتهاجي بسبب تجربة الأهالي الأليمة مع مطمر الناعمة، والتحذيرات العديدة التي أطلقها خبراء الهيدروجيولوجيا، في شأن حساسية الموقع الذي تم اختياره.

يؤكد الباحث في حقل المياه الجوفية والخبير الهيدروجيولوجي سمير زعاطيطي، بناءً على قراءة مفصلة للخريطة الجيولوجية لموقع المكب، أن الموقع لا يصلح لأن يكون مكباً أو مطمراً للنفايات، وغير مناسب جيولوجياً وهيدروجيولوجياً، بسبب الكسور الأرضية الموجودة بكثرة في محيط كفرنبرخ، التي تسمح، بعد هطول الأمطار، بإيصال السوائل بشكل سريع وخطير إلى المخازن الجوفية. عليه، المشكلة ليست في التربة فحسب، بل في جوفها. إنطلاقاً من ذلك يستدعي اختيار المكان المناسب اجراء فحوص تؤكد صوابية اختياره.

مكب جديد
لاتزال هوية هذا المكب مبهمة، فهل هو "موقف" أو مطمر. فكل ما يتداوله المعنيون هو أن موقع المكب يقع في كفرنبرخ التي ترتفع 1050 متراً عن سطح البحر، وتبلغ مساحته 10400 متر، سيستخدم منها 4000 متر لجمع النفايات، وسيجري تأهيله بكلفة تبلغ 142 ألف دولار، رغم تأكيد رئيسة بلدية كفرنبرخ وسام الشامي، لـ"المدن"، أن العقار عبارة عن "موقف" للنفايات. وبالتالي، هو ليس مطمراً ولا حتى مكباً عشوائياً.

وتشير الشامي إلى أن تجميع النفايات في "الموقف" مؤقت، ولن يتعدى العامين، وفق العقود التي وقعتها البلدية مع مجلس الانماء والاعمار ووزارة البيئة، وذلك إلى حين انشاء مشروع المنطقة الكبير، الذي سيعالج نفايات الشوف وعاليه، وفق خطة الحكومة.

أما عن الآلية التي ستتبع فهي كالآتي: ينقل ما تنتجه هذه القرى من نفايات، وتقدر بنحو 14 طناً يومياً، إلى معمل السويجاني، حيث ستنقل في المقابل كمية ممائلة، لكن من عوادم النفايات المغلفة والمعلبة إلى مكب كفرنبرخ، على أن يتأمن نقلها من المكان كل ستة أشهر، وفق الشامي. لكن، إلى أين ستؤخذ هذه العوادم؟ لا إجابة واضحة. لكن الشامي تؤكد أن المكب سيقفل في حال لم تنقل العوادم، كي لا يتحول المؤقت دائماً. أما عن اختيار العقار، فتقول الشامي إنه تم بعد دراسات أجراها الخبير الجيولوجي راجي معاصري. وقد اختار هذا العقار تحديداً لكونه الأفضل في كفرنبرخ.

يستغرب الناشط البيئي بول أبي راشد، الابتعاد الدائم عن الحلول البيئية والبسيطة والاتجاه نحو المشاريع غير البيئية بكلفة مرتفعة وبخطر كبير. وتجربة عبيه وبريح خير دليل. ويقول أبي راشد إن تنفيذ مشاريع ظرفية ومرحلية والتغاضي عن الحلول المستدامة يهدف إلى تمرير مشاريع أكبر في المستقبل القريب. ويؤكد لـ"المدن" أنه مهما اختلفت هوية العقار وتسمياته فإن العوادم أو النفايات ستلوث حتماً المياه الجوفية وستكون النتيجة واحدة، إذ تتسرب العصارة إلى الأسفل. وإذا كان إيجاد "موقف" ضرورياً، فأين هي دراسة الأثر البيئي، التي يفترض مناقشتها مع المجتمع المحلي؟ ولماذا لا تلجأ البلديات إلى مشاريع مماثلة لما جرى في بريح؟

ما يحصل اليوم، يعيد طرح العديد من الأسئلة، ولاسيما في ظل تجربة سيئة مع ملف النفايات. لكن السؤال الأهم، إلى أين ستنقل النفايات الخطرة والعوادم التي لا يتم تسبيخها وإعادة تدويرها؟ ولماذا هذه الكلفة المرتفعة، علماً أن ما يتم الإفصاح عنه يوضح بشكل صريح أن هذا المكب لن يحل أزمة قضاء الشوف كما كان متوقعاً من المسؤولين في المنطقة أن يفعلوا. وهل سيكون هذا المكب خطوة أولى في اتجاه ما هو شبيه بمطمر الناعمة في المستقبل؟

تجربة بريح
قبل أيام، استكملت بريح، وهي قرية مجاورة لكفرنبرخ، مشروع فرز النفايات بدعم من جمعية الأرض– لبنان. احتاج تركيب مركز معالجة النفايات إلى نحو أسبوعين وبكلفة لم تتخطَ 10 ألاف دولار. ويمكن القول إنه ينتج صفر نفايات، إذ يعمل وفق نظام فرز النفايات وإعادة تدويرها وتسبيخها، على أن يتم تخزين النفايات المتبقية، التي تبلغ كحد أقصى نحو 5 في المئة من مجموعها، في حفرة لديها قدرة استيعابية تفوق العام، إلى حين ايجاد بديل عبر الحكومة أو أي طرف آخر. وقد خلق هذا المركز فرص عمل لبعض أبناء القرية في الجمع والفرز والتسبيخ.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها