السبت 2016/12/10

آخر تحديث: 10:53 (بيروت)

طرابلس: ارتفاع أسعار القبور

السبت 2016/12/10
طرابلس: ارتفاع أسعار القبور
رفع التسعيرة ليس هو المشكلة بل ثمّة انتهاكات (جنى الدهيبي)
increase حجم الخط decrease

إقرارُ دائرة الأوقاف الإسلامية تسعيرة جديدة لدفن الموتى في مدينة طرابلس، لم يمرّ من دون غضبٍ شعبيٍ مُضاد، دفع الدائرة إلى التراجع عن قرارها، الذي تسبب لها بـ"إحراج" علني كبير.

لكن القرار، وإن لم يدخل حيّز التنفيذ، يطرح علامات استفهام، سواء على أداء دائرة الأوقاف وخلفية قرارها، أو من ناحية أوضاع المقابر التي تعاني في طرابلس من الفوضى والإهمال، وكذلك، من "المتاجرة والاستغلال"، وفق وصف رئيس رابطة مخاتير طرابلس والشمال ربيع مراد، في حديثه إلى "المدن".

ضجّ الرأي العام بالقضية، عندما تسرب إلى مواقع التواصل الاجتماعي بيان رسمي موقع، يشير إلى رفع تسعيرة "إكرام الموتى" على الشكل الآتي: "إذا كنت تملك قبراً قديماً، عليك أن تدفع 600 ألف ل.ل بدل التسعيرة القديمة 350 ل.ل، التي كانت مقسّمة بين 250 ألف ل. ل. تُقسّم بين مكتب دفن الموتى مقابل الغسيل والكفن، و100 ألف ل.ل. إلى الرجل الذي يحفر القبر. أمّا إذا لم تكن تملك قبراً، فعليك أولاً أن تحصل على موافقة خطيّة من الدائرة كي يصبح لديك قبراً مقابل مليون ل. ل. تتضمن التكاليف المذكورة سابقاً".

وقف التنفيذ
القرار الذي لم يشرح موجبات الزيادة، أثار موجة احتجاج تدفقت على دائرة الأوقاف من كلّ الاتجاهات. إذ "كيف يتصرف أهالي الموتى الفقراء حيال قرار تعجيزي؟ ومن أين يؤمنون المبلغ؟ وعلى أيّ أساسٍ تمّ رفع التسعيرة من دون شرح آلية صرفها؟ وهل تحسين العمل في المقابر يتطلب تحميل المواطنين كلفتها؟". هذه الأسئلة وغيرها، تناقلها المواطنون في بيانٍ موحد، ولم تستطع دائرة الأوقاف تقديم مبررات قرارها، فتراجعت عنه لاحقاً.

ورغم أنّ ورقة البيان المُوقّعة من دائرة الأوقاف، تسربت إلى صفحات فايسبوك ومجموعات الواتساب، ينفي رئيس القسم الديني في دائرة الأوقاف الإسلامية الشيخ فراس بلوط، في حديث إلى "المدن"، أن يكون القرار قد صدر رسمياً عن مجلس الدائرة، ويضعه في خانة "الاقتراح". ويقول: "واجهنا حملة وصلت إلى حد التشكيك بنزاهة عملنا، في الوقت الذي كان مجرد اقتراح توصيةٍ سنرفعها إلى مجلس الدائرة، على أن تدرسه اللجنة القانونية المسؤولة عن ملف الموتى. كل اقتراح له موجباته، لكن المشكلة أن الناس لا تحاول فهم مضامين الاقتراح، فتكتفي بالاعتراض. وبما أننا لا نريد الظهور بموقع الاستقواء على المواطنين، قررنا عدم ادخال الاقتراح حيّز التنفيذ".

من جهتها، اقتنعت لجنة من الناشطين الذين مثلوا صوت المواطنين المعترضين في نقاش مع دائرة الأوقاف، بوجوب رفع تسعيرة "إكرام الموتى"، ذلك أنّ "المقابر لديها حراس وتحتاج إلى تسييج مداخلها. وبعد عدّة أعوام، قد لا يجد الطرابلسيون مكاناً يدفنون فيه جثّة طفلٍ صغير". يضيف بلوط: "لم نجد تعاوناً من المجالس البلدية على مدار سنوات في ملف إكرام الموتى. فنحن نديره وحدنا رغم الصعوبات التي تعترضنا، إذ إن المؤسسات التي تُعنى بشؤون الموتى، كانت تعمل على مزاجها، فجمعناها وألزمناها بتسعيرة واحدة. وفي طرابلس، يوجد نحو 10 مقابر تتوزع بين الميناء والغرباء وباب التبانة وباب الرمل، وكلها تحتاج إلى إعادة تنظيم، باستثناء مقبرة أبي سمراء التي تُملَّك ويشتري الناس فيها قبورهم بـ900 دولار".

تجارة المقابر
يعتبر مراد أن العمل برفع التسعيرة أو وقفها ليس هو المشكلة، بل ثمّة مشاكل فساد وانتهاكات، تعاني منها مدافن طرابلس، بسبب سلوك القائمين عليها والمستفيدين من استغلالها لمصالح فرديّة.

يضيف: "لم ننسَ بعد فضيحة العام 2015، عندما جرى نقل جثة أحد الموتى إلى قبرٍ آخر، بالإضافة إلى صفقات البيع والشراء للمدافن بقيمة 5 آلاف دولار، وتشييد المخازن والمباني للاستثمار في داخل المدافن، وأيضاً، الممارسات غير المشروعة، فتحولت المقابر إلى بؤر لعصابات تتعاطى المخدرات وتشرب الكحول. كل ذلك في ظلّ تعتيمٍ مريب، من دون تدخل دار الفتوى وقيادات طرابلس والمجلس البلدي".

وإذا كانت أزمة اكتظاظ المدافن في طرابلس، ازدادت بعد توافد اللاجئين السوريين، الذين ارتفعت نسبة وفياتهم مع ارتفاع نسبة الولادات، فـإن "أصل المشكلة يعود إلى استيلاء دائرة الأوقاف على ملف الموتى والمؤسسات العاملة في شؤون الغسيل والدفن، فأصبح راضخاً إلى السلطة الدينية، بدلاً من أن يكون في عهدة القانون والبلدية، التي يفترض بها أن تتولى مسؤولية تنظيم مدافن طرابلس".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها