السبت 2016/12/10

آخر تحديث: 10:07 (بيروت)

الحريري وريفي: وساطة لم تولد

السبت 2016/12/10
الحريري وريفي: وساطة لم تولد
هل يجرؤ ريفي "سُنيّاً" حيث يجرؤ الآخرون؟ (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
كانت لزيارات مسؤولين عرب إلى "بيت الوسط"، بدءا من المبعوث الملكي السعودي ثامر السبهان وصولاً إلى وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن الثاني، وقع المفاجأة لدى جمهور سني انهكته التساؤلات عن حقيقة العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والدول العربية. جاءت الزيارات، وما رافقها من اشادات بمبادرات الرئيس الحريري، في لحظة اشكالية بعدما هُيِّئ لكثيرين أن "التيار انتهى" (المستقبل) أو في أحسن الحالات أصيب بكدمات سياسية وتنظيمية يصعب الشفاء منها. عوامل عدة أدت إلى ضياع الشارع السني في متاهات التساؤلات، على وقع تعرض "التيار الأزرق" لانتكاسة في الانتخابات البلدية، وسط غياب الدعم العربي المالي والسياسي. وعوامل عدة تبدد هذه الصورة، على وقع عودة الحريري إلى المشهد السياسي من أبواب مبادرات نالت غطاءً عربياً واعادت ترطيب الاجواء بين "بيت الوسط" ودول عربية، كانت قد جفت في مراحل ليست بعيدة.

حصل الحريري على جرعة الدعم العربية العلنية، وسرعان ما شخصت الأنظار في اتجاه البيت السني، وما وصفته المصادر بـ"علاقة الحريري ببعض من تمايزوا عنه داخل كتلة المستقبل"، وآخرين "انقلبوا" عليه أو كادوا في أحلك الظروف. ولم تكن الجرعات العربية للحريري، والقرار السعودي الذي سمعه مسؤولون سنة في لبنان على لسان المبعوث الملكي السعودي ثامر السبهان ومفاده أن "المملكة لم تتخل عن الحريري"، إلا فاتحة أسباب عودة "المتمايزين" إلى حضن بيت الوسط.

أما الوزير أشرف ريفي فوضعه مختلف. فـ"اللواء"، الذي تلقف الدعم العربي لبيت الوسط عن طريق الصمت التام والابتعاد عن الإعلام كي لا يزيد الشرخ، خلفت مواقفه، وفق مصادر مقربة من الحريري، "جرحاً عميقاً" في بيت الوسط. لأن ريفي، برأي المصادر نفسها، لم يكتف بالتمايز عن الحريري، بل "انقلب" عليه وذهب إلى حد "الحرتقة" على "الشيخ" في دول عربية وصولاً إلى إعلان "نهاية الحريري". ويزداد جرح زعيم بيت الوسط حين يتذكر أنه قدم لريفي ما لم يقدمه لأحد. فهو من رشح "اللواء" إلى رئاسة الحكومة قبل ان يتم التوافق على اسم الرئيس تمام سلام، ومن ثم رشحه لتولي وزارة الداخلية إلى أن وصل إلى وزارة العدل بفعل التسويات".

كثر الحديث مؤخراً عن وساطة يقوم بها أحد "الحريصين على البيت السني عموماً والمستقبلي خصوصاً"، لمصالحة الحريري وريفي، إلا أن عوامل عدة أدت، على ما يبدو، إلى تجميدها قبل أن تنطلق. ورغم نفي بيت الوسط ما يتردد في هذا الاطار، علمت "المدن" أن وساطة سرية سوق لها أحد الأطراف الداخلية، اصطدمت بمواقف حازمة من بيت الوسط. وبحسب مقربين من الحريري، فإن العلاقة مع ريفي لا تحتاج إلى وساطة أو مصالحة. فاللواء ريفي، وفق المصادر نفسها، هو من انقلب على الحريري، وعودته إلى بيت المستقبل تعني ببساطة عودته عن انقلابه ليعود إلى بيت الوسط فرداً في منظومة سياسية لا وفق مبدأ الاعتراف به كحيثية شمالية كما يطمح ريفي.

وتقول المصادر ان "اللواء" يعلم تماما اليوم موقع الحريري في ظل عودته إلى المنظومتين العربية والمحلية. فعربياً، اظهرت الزيارات التي قام بها مسؤولون عرب إلى بيروت وبيت الوسط أن الحريري هو خيارهم اللبناني، وآخرها زيارة وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن الثاني الذي قال للحريري، وفق المصادر، إن "بيت الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني هو بيتك". أما محلياً، فيعلم اللواء المتقاعد أيضاً، برأي المصادر نفسها، أن الأوضاع الشمالية عادت إلى نصابها، وأن التيار يحضر لمعركة نيابية في طرابلس والشمال منطلقاً من أرضية قوية وستصبح أكثر قوة مع الخطة التي باشر بها التيار.

لكن مقربين من الطرفين، الحريري وريفي، تحدثوا عن ضرورة فتح قنوات تواصل بين الأطراف السنية اللبنانية كافة للاتفاق على خريطة طريق من شأنها أن تحمي وجودهم السياسي المتمثل باتفاق الطائف وبصلاحيات السلطة التنفيذية ورئيسها، وسط التقدم الإيراني في المنطقة.

وتختم المصادر متسائلة: تجرأ سمير جعجع مارونياً حيث لا يجرؤ الآخرون وتحدث عن "نكران الذات" مرشحاً خصمه السياسي، ميشال عون، لأرفع منصب ماروني في الجمهورية اللبنانية. كل ذلك في جو دولي يسير بصفقة كبيرة مع طهران على حساب سُنة المنطقة. أمام هذه الصفقة الدولية هل يجرؤ ريفي سُنيّاً حيث تجرأ ماروني؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها