الثلاثاء 2016/10/25

آخر تحديث: 02:32 (بيروت)

|24/7| واسطة ملكة الجمال

الثلاثاء 2016/10/25
|24/7| واسطة ملكة الجمال
التشكيك لا يبدو بلا سياقات ثقافية واجتماعية (Getty)
increase حجم الخط decrease
تشهد حفلة انتخاب ملكة جمال لبنان، هذه السنة كما كل سنة، تشكيكاً في صدقيتها. يقول الجمهور، قبل الحفلة وبعدها، إن فلاناً، وهو نافذ سياسياً أو مالياً، تدخل لاختيار واحدة من المتسابقات دون غيرها. ما يبدو دائماً أنه قابل للتصديق. لكن الشكوك، بغض النظر عن حقيقتها، تبقى جزءاً من هذه اللعبة المتلفزة. تماماً كتنافس المشاهدين على ترشيح واحدة من المستعرضات أجسادهن وثقافتهن للفوز، عند دخولهن وخروجهن من المسرح.


على أن التشكيك لا يبدو بلا سياقات ثقافية واجتماعية. نحن نعيش في اجتماع يميل إلى الإقصاء، وغلبة النفوذ. لكن أيضاً الجمال، الذي لا يمكن تخيل تنافس عادل فيه، يميل بنا بداهة إلى الاختلاف. كأن نقول إن هذه الصبية جميلة، وتملك جسداً خارقاً، فيما تلك، التي أختيرت هي الأخرى من بين مئات المرشحات- اللواتي لا نعرف كيف أقصين أصلاً- قبل الحفلة النهائية، ليست جميلة أو حتى "بشعة".

لكن، كيف يمكن للجمال، وجهاً وجسداً، أن يكون معيار انتقاء؟ ومَن يحكم فيه؟

لا يبدو هذا السؤال المعاصر، المثقل بهموم المساواة ورفض تسليع المرأة وجسدها، بعيداً من فكر المنظمين. اخترعوا الأسئلة، ليتيحوا للمرشحات النطق. ثم اكتشفنا، مثلهم مثلنا، أن الأسئلة تنافس الأجوبة ارتباكاً وغباءً. لكن اللعبة يجب أن تستمر، وبأقل الأضرار الممكنة. والاختيار أو التفضيل يبقى مأزقاً عاماً ويومياً.

وإذا كانت الجميلات هن الجميلات، على ما يقول محمود درويش في "انتهازية عاطفية مقبولة"، وفق ما وصف قصيدته في إحدى أمسياته، فإن التراتب مفروض علينا، كجزء من تواطؤ اللعب، كما فرض على المرشحات أنفسهن. واحدة من أولئك النساء، اللواتي يحبن، بغض النظر عن طموحاتهن المستقبلية، أن يعرضن أجسادهن وثقافتهن، وهما جزء من رأسمالهن الرمزي في هذا العالم، ستكون الملكة. واحدة فقط.

من جديد، نقول إن فلاناً تدخل لدعم مرشحة. والمرشحة الفائزة عرفت هويتها قبل ساعات من الحفلة، كما يتناقل الناس في اليومين الماضيين. لكن أين المشكلة؟ المنظمون لا يكذبون علينا. لكننا، وهذه المشكلة، نصدق ذوقنا الجمالي، ليس إلا. ففي آخر المسألة، مَن اختار ساندي تابت، ومَن قبلها مِن ملكات الجمال، كما في الآلية المعلنة، كانت لجنة تحكيم مؤلفة من عدد قليل من الأشخاص، اختيروا اختياراً لأسباب غير مفهومة، وليس من عموم المواطنين، الذين ستمثلهم لاحقاً الملكة في منافسات عديدة. وهذا العدد القليل، في تمثيله المعنوي والذوقي، يمكنه أن يكون فرداً واحداً، أي فلاناً نفسه أو أي واحد منا، وليس مجموع 4 ملايين مواطن. ولن تفرق كثيراً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها