الإثنين 2015/07/27

آخر تحديث: 17:42 (بيروت)

بيئة حزب الله المتماسكة

الإثنين 2015/07/27
بيئة حزب الله المتماسكة
increase حجم الخط decrease

فكرتان رئيسيتان هيمنتا على خطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله الأول بعد الإتفاق النووي بين طهران والمجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية.

صرف نصرالله جهدا لا بأس به لتطمين جمهوره أن ما بعد النووي كما قبله بخصوص الموقف العقائدي من أميركا التي “ستبقى الشيطان الأكبر، قبل الإتفاق النووي وبعد الإتفاق النووي”، وأن إيران لا تترك حلفاءها ولا قضاياهم. كما إستسهل في أكثر من موقع في الخطاب التذكير برعاية أميركا لما يسميه المشروع التكفيري، بإعتباره السمة والصفة لكل من يخاصم محور المقاومة. وإستدل بهذا الدعم الأميركي للتكفيريين والإرهابيين لتطمين ناسه أن القضية لم تذوِ مع التوقيع النووي بل اتخذت عنواناً جديداً لها إسمه إسقاط المشروع التكفيري الأميركي، مع ما يعنيه هذا من عمر جديد يضاف الى عمر مشروع المقاومة وما يأتي مع هذا المشروع من دعم ورعاية مادية ومعنوية أشار اليها نصرالله بوضوح.

لم نُحَل على التقاعد، هي رسالة نصرالله الى جمهوره وبيئته بعد النووي.

الفكرة الثانية التي ترتبط بالأولى، تجلت في حرص نصرالله على تفكيك خطاب خصومه في الداخل اللبناني، والحملات التي تطال حزب الله وبيئته بما خص معنويات هذه البيئة ومدى قبولها أو رفضها وتململها من خيارات حزب الله والأثمان الهائلة التي تدفعها نتيجة هذه الخيارات لا سيما في سوريا. فأكد على تماسك قاعدته وبيئته التي تبذل الدماء منذ العام ١٩٨٢، مقللاً من بعض الأصوات التي تخرج هنا او هناك، في إعتراف موارب ان ثمة من يتململ، وثمة من لم تعد لديه طاقة على الإحتمال.

الفكرتان مترابطتان في عقل نصرالله. بيئتنا متماسكة لأن القضية مستمرة وأميركا هي الشيطان، لا يغير في طبيعتها شيء.

يكشف هذا التبسيط عن أزمة أعمق، دعك عن كون الخطاب نفسه يفرغ هذه الخلاصة من مضمونها، أقله في الجزئية الأميركية.

فأميركا هي الشيطان وهي من تنتج الإرهاب والإرهابيين وترعى التكفير، في الوقت نفسه الذي تتحالف فيه إيران علناً مع الولايات المتحدة لمحاربة داعش في العراق عبر ميليشيات الحشد الشعبي. وعلى جمهور نصرالله أن يصدقه أن أميركا هي من تنتج الارهاب وأن يستمع في المساء الى قراءة عناوين الصحف، التي تصدرها في الأيام الماضية خبر طلب واشنطن من الحكومة العراقية تغيير إستراتيجية المعركة لتحرير الانبار. خبر واضح وفج حول الإدارة الأميركية المباشرة لمعركة تشارك فيها ميليشيات الحشد الشعبي، التابعة كما ميليشيا نصرالله الى الولي الفقيه.

هل ثمة من يصدقه؟ الإجابة المرعبة نعم. وما قاله نصرالله صحيح حول تماسك بيئته، ليس لأن ما يقوله صحيح، بل لأن صحة ما يقوله ليست مهمة.

دعونا لا ننسى أنه وعلى الرغم من كل شيء نجح نصرالله في تجييش بيئته في الموضوع اليمني الذي لا صلة عقائدية بينه وبين الشيعة!  

دعك من كل الإعتراضات، صغيرها وكبيرها، وما يحلو لخصوم حزب الله ترويجه والنفخ فيه. لا توجد حالة إعتراض حقيقية على حزب الله، تعبر عن نفسها، أو على نحو أدق لا توجد حالة شيعية معترضة يمكن تحويلها الى حالة سياسية داخل بيئة حزب الله.

وحين أقول بيئة حزب الله، فأنا أعني البيئة المباشرة، بوصفها بيئة عقائدية مغلقة.

أما التمايز الشيعي في داخل البيئة الأعم، كجمهور حركة أمل الأقل عقائدية بكثير من حزب الله، أو المناصرين الذين تغويهم فكرة المقاومة ولكن باتوا يرتبكون في فهم مشروعها مع طول عمر أزمة سوريا وإنعدام أي حلول واضحة لها في المستقبل المنظور، فهؤلاء، ليسوا مرشحين لتحويل إعتراضهم المكتوم الى أي فعل سياسي في أي وقت قريب. يفاقم من صعوبة ذلك غياب أي مشروع عربي شيعي لإختراق الطائفة وإصطفافها، يوازي كفاءة إيران في اختراق الطوائف الأخرى وإستمالة نخب وقيادات وحيثيات فيها.

صدق نصرالله حين قال إن بيئته متماسكة. ولكن هذا مما لا يدعو للفخر ولا للإطمئنان. أحسب أن أزمة الشيعة في لبنان والمنطقة هي، تماماً، في تماسك بيئة حزب الله وتصدرها واجهة التعبير عن الشيعة في لبنان والمنطقة بحكم أنها القوة القاطرة لصورة الشيعة وخطابهم.

تماسك بيئة حزب الله هي المشكلة، حتى اشعار آخر. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها