الخميس 2015/06/04

آخر تحديث: 13:22 (بيروت)

صحوة فاتيكانية - أرثوذكسية: نظرية حلف الأقليات سقطت

الخميس 2015/06/04
صحوة فاتيكانية - أرثوذكسية: نظرية حلف الأقليات سقطت
القمة الروحية في دمشق ستسهم في تغيير مواقف عديدة (الصورة: أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

مع بداية الربيع العربي ووصوله  إلى سوريا بالتحديد، شعر الفاتيكان بالخطر، فنمت نظرية الأقليات باعتبار أن ما جرى هو إنتفاضة سنية، وكانت ترتكز هذه النظرية على قوّة النظام السوري وجيشه، لتأمين حماية الأقليات، لكن اليوم وأمام التغييرات في المواقف الدولية من النظام السوري ، وتآكل قوته على المساحة السورية، سقطت هذه النظرية، فلم يعد الفاتيكان وحده يقوم بالتحرّك بل أيضاً الكنيسة الأرثوذكسية، وبغطاء دولي واسع من أجل حماية الوجود المسيحي كمكون أساسي من مكونات هذه المنطقة وليس كطائفة معزولة.
 

الإدارة الفاتيكانية السابقة تمكنت من تعميم نظرية الأقليات، لكنها اليوم في طور التغيّر لسببين، الأول سقوط النظرية مع السقوط العسكري للنظام السوري، والثاني إستقالة البابا بينيدكتوس السادس عشر، ومجيء البابا فرنسيس، وإنتهاج الفاتيكان نهجاً ثورياً بدأت إرهاصاته تصل إلى المنطقة.
 

شكلت إستقالة بينيدكتوس منعطفاً مهماً وإن تأخر وصول إنعكاساتها، فهو استقال لأسباب عديدة، ولم يستطع أثناء توليه لكرسي القديس بطرس مواجهة المافيا داخل الفاتيكان، وما سجلّ بعد إيقاف مصرف الفاتيكان لألف ومئة حساب لمبيضي أموال ومتهربين من دفع الضرائب، ليتبين في ما بعد أن هناك قسماً كبيراً من هذه الحسابات تستخدم لتبييض حسابات لصالح إيران، التي تربطها علاقات وثيقة برئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري المنظرّ الأساسي لنظرية الأقليات المتماهية مع وجهة النظر الإيرانية.
 

يعتبر ساندري المشرف على الكنيسة المارونية في لبنان، وهو الذي أشرف على إنتخاب بشارة الراعي بطريركاً، وهو صاحب نظرية تحالف الأقليات في الشرق. تصفه مصادر أسقفية عبر "المدن" بأنه رجل إيران الأول في الفاتيكان، وكل علاقاته متينة بالأفرقاء المرتبطين تحالفياً وعضوياً بإيران في لبنان، لكن لا تلتقي نظرية البابا فرنسيس مع وجهة نظر ساندري، فكان انتظار لفرصة معيّنة للتعبير عن ذلك.
 

قبل أيام وصل الكاردينال دومينيك مومبيرتي إلى لبنان وهو يحمل صفة قاصد رسولي، أي مبعوث البابا الشخصي، ما يعني أن صفته تتجاوز الكاردينال ساندري والسفير البابوي في لبنان غابريال كاتشيا.
 

وتؤكد مصادر "المدن" أن إرسال مومبرتي يهدف إلى تقديم وجهة نظر البابا على النظريات الأخرى حول المسيحيين في الشرق ومستقبلهم وعلاقاتهم مع مواطنيهم وشركائهم في هذه الدول، ووفق ما تفيد المصادر فإن نشاط مومبرتي واسع إذ لا تنحصر لقاءاته بالسياسة، بل تشمل مختلف الأساقفة ورؤساء الأديرة، ناقلاً إليهم توجيهات صارمة من البابا، تتعلق بمختلف الأمور إن كانت سياسية، أو على صعيد إصلاح الكنيسة بشكل مباشر وبمتابعة من الحبر الأعظم بعد الحديث عن فساد في المؤسسة الدينية.
 

هي سياسة إصلاحية تنتهجها روما، تجاه المسيحيين في الشرق، ستبدأ من تنظيم القمة الروحية في دمشق، والتي تأتي بتنسيق بين الفاتيكان وروسيا، من أجل إطلاق رسالة مسيحية من مسيحيي الشرق إلى المسلمين تناقض وجهة نظر حلف الأقليات، وستؤكد هذه الرسالة أن المسيحيين في الشرق موجودون في هذه المنطقة قبل باقي الأديان، وعليهم إستعادة دورهم الريادي في هذه المجتمعات لا أن يعزلوا أنفسهم عنها، بالإضافة إلى إدانة صريحة للعنف من أي جهة أتى، وفق ما ينسجم مع الرسالة المسيحية ومضمونها المتلخص بإعلاء كرامة الإنسان على أي شأن آخر.
 
وتعتبر مصادر "المدن" أن هذه التحركات هي بمثابة تحسب لأي تغيير دراماتيكي قد يحصل في سوريا، وبذلك يتم فتح جسر حوار مع المسلمين لحقن الدماء، والتأكيد على مبدأ الشراكة. وتؤكد المصادر أن الهجوم على زيارة البطريرك إلى سوريا سيتغير بعد الزيارة، لا سيما أنها تعتبر أن توجه بكركي قد يتغير، وهو مرتبط بالبيان الذي ستخرج به القمة وفق السيناريو المرسوم لها.
 
وعلى جانب السياسة الفاتيكانية حول السلام والعيش المشترك في هذه المنطقة، يأتي تغيير أيضاً في السياسة الأرثوذكسية للتخلي عن نظرية حلف الأقليات، لأن هذه النظرية أثبتت فشلها، لا سيما مع انهيار المجتمع السوري، على الرغم من التمسك الدولي بالحفاظ على مؤسسات الدولة في سوريا لتجنب الوقوع في التجربتين العراقية والليبية، وهنا تؤكد المصادر أن الروس بهذه السياسة يعودون إلى منطلق "جنيف 1" الذي يقول بمرحلة إنتقالية في سوريا من دون الأسد وهذا ما أبلغوه إلى شخصيات عديدة، ومن هذا المنطلق أيضاً جاء التقارب مع الفاتيكان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها