الأربعاء 2014/09/17

آخر تحديث: 18:59 (بيروت)

ريفي لـ"المدن": لا أقيم الأحكام العرفية.. وحزب الله ضعيف

الأربعاء 2014/09/17
ريفي لـ"المدن": لا أقيم الأحكام العرفية.. وحزب الله ضعيف
ريفي: حزب الله بدأ بالإنسحاب من سوريا (تصوير: علي علوش)
increase حجم الخط decrease

 

يبدو أنه استطاع أن ينتقل سريعاً إلى العمل السياسي. العسكري، خلع بزّة قوى الأمن ولبس ثوب العدل. في العدلية، يتحوّل وزير العدل أشرف ريفي إلى رجل قانون يتعاطى الشأن العام. ويفكر في ما هو أكثر من تسيير وزارة. هو سياسي له موقفه وآراؤه. ترك السلك الأمني، وذهب إلى السياسة مصطحباً معه صراحته وصلابته. لا يخفي شيئاً، لا يراوغ. لا يُجامل. لكن لهذا الأمر سلبياته التي يبدو أنها لا تعنيه. هو يثق بخياراته.

الحديث معه مُختلف. أجوبته حاضرة. من دون تكلّف. يقول ما يُفكر به. هو على موقفه من حزب الله لكن مصلحة البلاد الآن أهم من كل شيء. التسويات تجوز في السياسة لكن ليس على حساب الوطن، هكذا هو ريفي، أو هكذا يُريد أن يكون في الآتي من أيام سياسية، يبدو أنها ستطول.

 

يبدأ ريفي حديثه لـ"المدن" من الواقع السوري. برأيه أن سقوط النظام اقترب أكثر من أي وقت مضى. اليوم، "الأسد يتراجع على الأرض، ما يحصل في دمشق أكبر دليل، من هنا تأتي المبادرة المصرية التي برأيي لا تطرح بقاء الأسد إنما خروج ذكي له". كيف؟ "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يبدي انفتاحه الآن على النظام  ولكن لن يذهب بعيداً، هناك ضوابط. الأساس، تحويل الحكم إلى حكومة انتقالية والأسد يتحوّل إلى رئيس صوري، قبل أن يُنحّوه تماماً".  

 

يُسهب في الحديث عن "حزب الله"، يقول إنه "مربك جداً اليوم، لم يعد له وجود في سوريا إلا في محيط مقام السيدة زينب وعلى الحدود اللبنانية ـ السورية وتحديداً في القلمون. عملياً هو ينسحب، لا يمكنه أن يكمل، وهو يفاوض لحماية نفسه، ويزرع الألغام على طريق عودته". يضيف: دخل الحزب إلى مكان تسبب له بكثير من الجراح. لكن، حين يخرج من سوريا نهائياً، سنمد يدنا إليه لنحمي البلد، هذا ما كنا نقوله دائماً. نحمي الحدود وبلدنا من كل المخاطر من حولنا. وطنياً نريد حماية البلد. يقول ريفي، ويضيف: فليكسر القرار الإيراني وليعد لنحمي بلدنا بكل السبل المتاحة، عبر الجيش أو اليونيفيل أو الإثنين معاً.

 

المهم بالنسبة لريفي أن يثق الفريق المخاصم للحزب بنفسه. برأيه: "نحن مكون مثلنا مثله. لا أحد يلغي الآخر. لقد حاول ولم ينجح، صمودنا هو الانتصار وبالتالي لنتحد لحماية البلد. الإيراني يخسر اليوم، لكن لا خوف من أن يستثمر بورقته الأخيرة (أي حزب الله في لبنان). حبل "الصرّة" الممتد من طهران إلى بيروت  انقطع لأن قدرته ضعفت. إيران ستحاول حماية حزب الله لا أن تفاوض عبره من أجل مكاسب، يعني صفقة الحد الأدنى من البقاء".

 

انتخابات

المتفائل شبه الوحيد بإجراء الانتخابات قريباً هو ريفي. يقول: "ليست بعيدة إطلاقاً، لكن الانتخابات النيابة مؤجلة، هناك مرحلة انتقالية يمدد في خلالها لمجلس النواب، بعد أن تركب الحكومة العراقية وتتظهر الظروف". ماذا عن ميشال عون؟ "لن يقف بوجه التوافق، لا يستطيع، نذكر ما الذي حصل في العام 2008 قبل الدوحة وكيف أتت التسوية، والآن الظروف أكبر مما كانت عليه والتسوية لن يستطيع أحد أن يقف بوجهها".

 

الأسماء المطروحة، بحسب ريفي، هي: جورج خوري، جان قهوجي، جان عبيد، رياض سلامة. "قهوجي على ما اعتقد بعد عرسال فقد الأمل في أن يصل إلى بعبدا. عبيد لا يمر مسيحياً. السفير خوري مقبول من المسيحيين، وخاصة من الفاتيكان وبكركي، ولا أعتقد أن هناك من يعترض عليه لدى المسلمين". ألم يكن من مهندسي 7 أيار؟ لا لم يكن، ليس بالدرجة التي يُحكى عنها. يجيب ريفي.  

 

المفاوضات

ريفي غير مطلع على المفاوضات بشأن العسكريين. يقول إنها محصورة بين اللواء عباس ابراهيم ووزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس الحكومة تمام سلام. يبدو أن جبهة النصرة بدأت تضغط ولهذا أصدرت هذا البيان التصعيدي. يؤكد ريفي: لا شيء يمكن أن يمرّ من خارج الإجماع. وبالتالي المقايضة غير مطروحة ولا يمكن أن تكون. بالنسبة لي كشخص، لا مانع لدي بالمقايضة، لكن لا إجماع عليها في الحكومة وبالتالي هذا الخيار سقط. علماً أن من هو ضد المقايضة ليس لديه أي حلول أخرى.

تهديد النصرة لفت وزير العدل. يقول: تقديري أنهم لن يقدموا على قتل أي جندي أسير. لكن يريدون شيئاً معيّناً لا أعلم إن كان المال. "داعش" واقعها آخر، ليست بحاجة إلى المال لأن لديها مصادر تمويل كثيرة.

 

"الموقوفون الإسلاميون"

إلى الملف الأكثر تعقيداً وحساسية، ملف الموقوفين الإسلاميين. يقول ريفي: كنت واضحاً في هذا السياق، في نهاية هذا العام نكون قد انتهينا من دراسة الملفات المتبقية وصدرت الأحكام. المحاكمات مجزأة إلى 39 ملفاً قبل أن آتي إلى الوزارة وعمل عليها للأمانة الوزير شكيب قرطباوي بجدية، اليوم نحن نستعجل بإنجازهم. استطعنا إلى الآن إنجاز 24 ملفاً، وباقي 15 ملفاً سننجزها مع نهاية العام، وهي ملفات ليست ضخمة ومعقدة كالتي أنجزناها إلى الآن.


هناك من يتحدث عن الملف من دون إدراك فعلي لطبيعته. بهذا يختصر ريفي الكلام عن تسريع المحاكمات وإنجازها في 3 أيام. يقول: النائب وليد جنبلاط "خبص". لا يمكنه أن يدفع فواتير لحزب الله على حسابنا، ولا ننتظر نصائح. واجباتنا نعرفها ومنذ اليوم الأوّل في الوزارة وضعنا أولوية بالنسبة إلينا تسريع المحاكمات وإنجازها. يضيف: محاكمات في 3 أيام! هل يريد أن نقوم بأحكام عرفية؟ أنا رجل قانون ولا أقوم بأمور كهذه.


وفي هذا الملف أيضاً، الكثير مما يُمكن وصفه بالكارثة. يكشف ريفي أن هناك موقوفاً صدر بحقه حكم بالبراءة. قضى في السجن أربع سنوات. هل هذا معقول؟ نحن اليوم نقوم بكل ما أمكن لننتهي من هذا الملف الشائك والمتفجر. هذا الموقوف يستطيع اليوم أن يقاضي الدولة!


برأي ريفي، السلطة السياسية لم تتجرّأ على فتح الملف طوال 5 سنوات، من عام 2007 إلى العام 2012، لم يُفتح الملف إلا عند قاضي التحقيق لا أكثر ولا أقل. لكن، حين تأخذ السلطة السياسية قرار معركة نهر البارد وبإجماع سياسي، كيف يمكنها أن تتلكأ بما هو أهون، أي المحاكمات؟ يجيب ريفي: تغيّرت الحكومة، كان قرارها واضحاً في هذا الملف. لكن بعد سقوط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، غاب القرار السياسي ونام الملف لسنوات تحت حجج متعددة. لو كان هناك قرار سياسي لكنا انتهينا منه منذ سنوات. قالوا إن لا مكان للمحاكمات، وهذا أسوأ ما يمكن قوله. لو أرادوا لأقاموا محاكمات في ملعب كرة قدم كما حصل في سيتينيات القرن الماضي.

 

عامر الحسن يُخطئ

الوضع الأمني في طرابلس جيد. ماذا عن أسامة منصور وشادي المولوي؟ يقول ريفي: الحق على مخابرات الجيش وبطئها في ملاحقتهما. لماذا هما متروكان؟ يقول: هذا غير مبرر أبداً وأهالي طرابلس لا يوافقون على بقاء هؤلاء الناس ضمن بيئتهم. وبرأيه أن جو أهالي الموقوفين الإسلاميين مقبول نسبياً. نحن اليوم عجلنا بالمحاكمات. وهذا يريّح الشارع. يستغرب أيضاً لماذا أوقف حسام الصباغ، "طالما قبل التوقيف بساعات كان يجتمع هو ومسؤول مخابرات الشمال عامر الحسن، وقبلها التقيا على مائدة سحور رمضانية"، لا يرى أن توقيفه خطاً، لكنه يضعه ضمن سياق "الرئاسيات". اسمه برّاق. لا يمكن القول لا توقفوه. لكن هناك من يريد أن يشتغل سياسة عبر الأمن، وهذا ما يؤذي البلد كثيراً. يقول ريفي.


قهوجي يقول إن داعش تريد أخذ عرسال والامتداد منها إلى عكار وطرابلس لإقامة إمارة لها منفذ على البحر. برأي ريفي أن هذا طموح وارد وليس بجديد، بل قديم، منذ أن كنت في قوى الأمن الداخلي كان بحوزتنا وثيقة تؤكد هذا التوجه. لكن الأهم من هذا أنهم غير قادرين على التمدد بهذا الشكل. لا إمكانية أبداً. السنّي الطرابلسي ليس بيئة حاضنة. صحيح لديه احقان ضد حزب الله لكن بالتأكيد لا يريد داعش.

 

"المستقبل" بطيء

عن عودة الرئيس سعد الحريري، يقول ريفي: سيعود في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. لا يعلم إن كان سيعود قبل ذلك، لكن برأيه، جلسة الانتخاب لن تكون متأخرة وبالتالي الرئيس الحريري سيكون متواجداً فيها بكل تأكيد. يجزم أن انتخابات الرئاسة قريبة، وعينه دائماً على العراق وما سيحصل في الحكومة والتسوية السياسية.

يفصل ريفي بين الحالة الحريرية ووضع تيار المستقبل كتيار. بالنسبة إليه، الأولى ممتازة. الثاني بحاجة إلى عمل أكبر وجهد مضاعف. يقول: في الحالة الحريرية وهذا أبلغته للرئيس الحريري، بالرمزية لا غبار عليه، بالأصوات أيضاً. نحن نخسر العصب قليلاً لكن بالإمكان إستعادته. برأيه تيار المستقبل كتنظيم لا يرد العصب. هذا الأمر في يد الحريري ويُستعاد برعاية مباشرة منه. أمّا التيار فهو "بطيء" نسبياً.

ولكن اليوم، ما هو الشعار الذي سيشد العصب طالما المستقبل وحزب الله متواجدان على طاولة الحكومة؟ يقول ريفي: أنا أفصل. حزب الله كمكوّن لبناني أجلس معه على الطاولة. كمشروع إيراني إنا ضده تماماً. ولكن الشارع السني يتقبل هذا الفصل؟ برأيه نعم، فهو مُجبر على ذلك. بالنهاية نعيش في وطن واحد.

ليس متخوفاً من انفجار كبير في لبنان. هي أشهر معدودة خطرة، لكنّها ستمرّ.

increase حجم الخط decrease