الجمعة 2014/12/19

آخر تحديث: 18:21 (بيروت)

عرسال قلقة: "داعش" على الأبواب

الجمعة 2014/12/19
عرسال قلقة: "داعش" على الأبواب
عرسال والجرود التي تشهد صراع وجود، وتقدم لداعش (تصوير: علي علوش)
increase حجم الخط decrease

عرسال تحتضن أكثر من 80 ألف نازح سوريّ. هذا الرقم الذي قارب أكثر من مرة المئة ألف وتحديداً بعد معركة يبرود. أهالي البلدة رحبوا بأخوانهم السوريين. الأحداث توالت. معركة القلمون كانت المفصل. في تلك الجرود الواسعة، صار المسلحون يسرحون ويمرحون كما يحلو لهم. اعتبروا أن على الجميع طاعتهم. وهكذا، بدأت الأمور تتجه من سيّء إلى أسوأ.  

 

بعد معركة القلمون التي استطاع فيها النظام السوري مدعوماً من قوات النخبة من "حزب الله" فرض سيطرته على العديد من البلدات والقرى واخراج اهلها منها بالاضافة الى المسلحين، كانت وجهتهم عرسال وجرودها، وقد دخلت البلدة مرحلة الاكتظاظ السكاني العارم حيث سجل 120 الف نازح في بلدة لا يسكنها اكثر من 25 الف، وفي هذه المرحلة سجل انشاء قواعد ومراكز تجمعات للمسلحين في جرود عرسال وحددت مناطق عسكرية ممنوع الاقتراب منها ومنع العديد من أصحاب البساتين من الوصول الى أراضيهم وبدأت تعديات المسلحين وتشبيحهم يطالان ابناء عرسال وقرى الجوار من قصف وخطف مقابل فدية.

 

أواخر حزيران من العام 2014 كان نقطة تحول مهمة وخطيرة في العلاقة بين اهل عرسال والمسلحين حين اقدموا على قتل الشاب محمد عز الدين بدون سبب واضح. قيل في حينه أنه شتم الذات الالهية وبعد ذلك بأقل من شهر دخلوا بوضح النهار وقتلوا والد هذا الشاب وهو يصلي في بيته، فشعر الأهالي بالخطر الداهم وخاصة بعد تعرض فتيات للإهانة والشتائم بسبب ارتدائهن بنطلون الجينز.

 

أتت معركة عرسال بين المجموعات المسلحة السورية والجيش اللبناني بعد احتلالهم للبلدة لتضع النقاط على الحروف، وتظهر حقيقة الواقع المر الذي يمر به أهالي عرسال مع شعورهم بخيبة الأمل لما لاقوه من افعال مقابل احتضانهم ودعمهم للثورة في سوريا، وخلال المعركة نزح القسم الاكبر من أهالي هذه البلدة لأنهم لا يريدون ان يكونوا تحت سلطة هذه المجموعات، وخلال المعركة أيضا وما بعدها خرجت فئة قليلة في عرسال تروج لأخلاقيات "جبهة النصرة" وأميرها ابو مالك التلي مع اختلاق روايات لاثبات ذلك مقابل همجية ورعونة المجموعات الاخرى وخاصة داعش.

 

انتهت المعركة، وبعدها فرض الجيش اللبناني سيطرته على التلال المحيطة بعرسال، فأصبحت المناطق الجردية الخارجة عن سلطة الجيش مرتعاً لهذه المجموعات تمارس فيها تعدياتها على ابناء هذه البلدة وممتلكاتهم والتهمة جاهزة: مواطن لبناني عميل ومتعامل مع الدولة اللبنانية. والتهمة الاصعب: عميل لـ"حزب الله". لهذا السبب فقد غادر العديد من ابناء عرسال بلدتهم واعمالهم مع عائلاتهم خوفا من ارهاب هذه العصابات، وتحاول هذه المجموعات فرض سلطتها وشرائعها في اماكن تواجدها.

 

اليوم، يُسمع على ألسن أبناء هذه البلدة أن هذا مسموح وهذا ممنوع في "إمارة وادي حميد"، على سبيل التهكم والسخرية، وهذا الوادي عبارة عن منطقة صناعية تضم العديد من المؤسسات والمصالح، وقد حدث العديد من حالات التسلل الى داخل عرسال والتعدي على بعض الاهالي وتنفيذ عمليات خطف طالت العديد من المواطنيين ومنهم من خارج عرسال وهذا أحرج ابناء هذه البلدة ووضعهم في موقع المسؤولية مما دفع بلدية عرسال الى تجنيد العشرات من اجل حفظ الامن والمراقبة في ظل غياب الاجهزة الأمنية من داخل عرسال،  ووصلت الأمور بهذه المجموعات الى تهديد الشيخ مصطفى الحجيري "ابو طاقية" بالقتل وهو المتهم من قبل الاجهزة الامنية والاعلام بدعمهم والتعامل معهم.

 

الأمور إلى أسوأ في البلدة. عرسال خارجة عن كل منطق. هي اليوم تحت رحمة جماعات تمتهن القتل. يسمع الأهالي الكثير من الأخبار. واقع ما يحصل في الجرود يُقلقهم. الدولة الإسلامية قرّرت أن تسيطر على القلمون. هذا الخبر وحده يجعل الأهالي في قلق وترقب. قيادة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) استقدمت قيادات جديدة لهذا التنظيم من خارج المنطقة وبدأت مشروع توحيد البندقية المتطرفة و"الجهادية" تحت راية هذا التنظيم بالوسائل المتاحة ان كانت ترهيبا او ترغيبا وصولا الى المعارك والتصفية الجسدية.

عليه، يعيش أبناء عرسال وقرى الجوار(راس بعلبك، القاع) حالة من الترقب والخوف والشائعات بانتظار الأيام القادمة وما تحمله من تطورات ومفاجآت، في ظل ما يعرف عن هذا التنظيم من شراسة ودموية، وراجت شائعات كثيرة في الأيام القليلة الماضية عن احتمال شن داعش هجمات على عرسال ورأس بعلبك خلال اعياد الميلاد ورأس السنة، وهذه الشائعات تثير البلبلة والريبة بين المواطنين.

 

بالرغم من انتشار الجيش وتدعيم مواقعه، تبقى عرسال على فوهة بركان قابل للانفجار في اية لحظة، فهي في مشهدها الراهن اشبه بثكنة عسكرية مطوقة من كل الجهات، وفي جرودها من الشرق شبح داعش ومن الغرب نار حزب الله وبيئته الحاضنة، وابناء هذه البلدة وحياتهم وممتلكاتهم ضحية حتى إشعار اخر.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها