الإثنين 2015/03/30

آخر تحديث: 16:57 (بيروت)

الحرب على.. والحرب في...

الإثنين 2015/03/30
increase حجم الخط decrease

بدأ الأمر من ليبيا، في 16 شباط/فبراير الماضي، حين قصفت القوات الجوية المصرية معسكرات لتنظيم "الدولة الإسلامية" في الأراضي الليبية، رداً على إعدام التنظيم 21 قبطياً مصرياً، وبث مشهد ذبحهم الوحشي في تسجيل فيديو.

أذيع التسجيل الداعشي في المساء، وردّت مصر بالضربة الجوية  في الفجر، وانتفضت الصحف والوكالات والمواقع الإلكترونية لمواكبة أول قصف جوي مصري خارج الحدود منذ عشرات السنين. وهنا، بدأت المشكلة.

أردنا صياغة العنوان الصحافي فلم نعرف. هل هو:  "مصر تقصف ليبيا"؟ أم "تقصف داعش في ليبيا"؟ هل هي حرب "على" ليبيا كما اعتبرها برلمان طرابلس؟ أم حرب "في" ليبيا لقهر المتطرفين الأجانب ومساندة  الشرعية الدولية التي يتمتع بها برلمان طبرق؟

كُتبت العناوين والمانشيتات وأعيدت صياغتها مرات عدة، لتنتهي في معظمها إلى أن مصر نفذت ضربات "في ليبيا" وليس "على ليبيا"، كما أن الضربة الجوية الثانية  لم تكن ستضرب "الأراضي الليبية" بل ستضرب "في داخل الأراضي الليبية".

إلا أن تلك الضربة الثانية لم تحدث، مصرياً على الأقل، بل نفذها طيران حكومة طبرق ضد قوات طرابلس. أما "داعش"، السبب في هذا كله، فقد لملم رجاله ومعداته "وذاب" في الصحراء إلى حين. غير أن مشكلة العناوين، إذ سكنت قليلاً، ما لبثت أن استيقظت بصورة أكبر مع اليمن.

مقارنة بالضربات المحدودة في (على) ليبيا، تبدو ضربات التحالف الخليجي على (في) اليمن أكبر وأشرس بكثير. تبدو تلك حرباً بالفعل، لا مجرد ثأر وتهديد. قصف واسع في (على ) كافة الأرجاء اليمنية، وهدف سياسي يتمثل في إزالة سلطة الحوثيين المستجدة وإعادة الرئيس "الشرعي".

على النمط الأميركي، يظهر المتحدث باسم قوات التحالف، مؤكداً أن "قواتنا ستزيد الضغط على الحوثيين، ولن يكون هناك مكان آمن لهم". فتكاد تنسى، لوهلة، أن الحوثيين يمَنيين أيضاً. ثم تتذكر، حين تعود إليك مرة أخرى مشكلة "على" و"في".. هل تُعدّ عمليات التحالف قصفاً على اليمن أم قصفاً داخل أراضيه؟ وألا يعد قصف قوات يمنية، قصفاً "على" اليمن ذاته؟ أم أن الطلب  الرئاسي من الرئيس الشرعي يجعل من الرئيس وطناً وخصومه غرباء؟

ثم تتتابع تقارير الوكالات الأجنبية فتكتشف أن بعض أنصار الرئيس الشرعي، إنما يقاتلون معه بطموح "الاستقلال" بالجنوب كخطوة تالية. والاستقلال هي الكلمة المهذبة، والانفصال هي الكلمة الصعبة، وقد يصير الانفصال انفصالات عديدة كما علمتنا الحروب. لليمن ماض عريق في الانفصال على أية حال. أما ليبيا فقد انفصلت أجزاؤها عملياً، وصار لكل جزء برلمانه وحكومته وقواته وإرهابيوه أيضاً. من هنا، قد لا يكون لسؤال "الحرب على" و"الحرب في" سوى إجابة تطلب التحديد أولاً: أي يمن تقصد حين تقول "اليمن"؟ وعن أي دولة تتحدث حين تقول "ليبيا"؟ 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب