السبت 2015/04/25

آخر تحديث: 00:39 (بيروت)

شبيحة آل ميركل

السبت 2015/04/25
increase حجم الخط decrease

تفضّل أحد الظرفاء السوريين، وقد قلّ الظرف وشحّ مثل الخبز والماء وثاني أكسجين الحرية، بفعل الهولوكست البرميلي والكيماوي.. فصدّر على صفحته خريطة لجمهورية ألمانيا "العربية"، وعليها أسماء كل المحافظات السورية مع قراها الشهيرة بالثورة والغضب والأنقاض؛ تلبيسة والرستن والقصير ومسكين ..!

لي صديق ظريف يتكلم مع أمه التي خلفها وراءه في الريحانية، وتريد أن تطمئن عليه، فيقول لها عبر  بلورة السكايب السحرية: يا أمي الحياة صعبة، مثل سوريا وأسوأ، آل ميركل وشبيحتها يفسدون الحياة في برلين، "الهِر" فواز ميركل يشفط بالسيارات و"يقوّص" بالرشاشات في الشوارع، وشيخ الجبل الميركلاني يخطف الحسناوات من الشارع، وهلال الميركل يتاجر بالمارغوانا من مينائه الخاص، والِهر شرير شحاطة كل يوم بالتلفزيون يقول: تسقط الملائكة، ولا تسقط أنجيلا ميركل.. ميركل  إلى الأبد...

الأم الطيبة التي تصدق ابنها وقلبها، وتكذب عقلها وعينيها، فقد ربّته كل شبر بنذر: يوه.. غير معقول.. تقول بطيبة نادرة: يعني من تحت الدلف لتحت المزراب! طيب ارجع ابني على الريحانية. أردوغان ابن حلال، وحافظ قرآن هل رأيت بحياتك رئيساً عربياً يتلو القرآن الكريم وفي عزاء!

وضعت ملكة النحل الطائرة، في أوروبا، حواجز كثيرة، أمام اللاجئين، وهي تتعاون مع الشرطة التركية واليونانية والبلغارية وسائر الدول المحبة لشعوبها فقط، لمنع وصول النازحين والحالمين ببلاد الاستعمار. وتمّ أخذ العلم بأنّ "الدبور" العربي الذي يصل إليها سباحة أو زحفاً، بطل. من تطأ قدمه أرض أوربا  المقدسة ينال حق اللجوء. لكن التحدي كبير أمام اللاجئ السوري، مخترع الأبجدية، والجمهورية الوراثية، ومسلسل الفانتازيا التاريخية.. فالكاتب الكولومبي الشهير الحائزة على نوبل غابريل غارسيا ماركيز أضاع "ماكوندو" في رواية مائة عام من العزلة الشهيرة، فعثر عليها السوري في ضيعة ضايعة بعد خمسين سنة من العزلة لا غير. وهو ما يسمى في أدبيات السياسة بحرق المراحل.

وها هو السوري يصبح بطلاً في الغرب. أول أخبار بطولاته التي نسمعها في الأخبار: طفل سوري اسمه أحمد، يتفوق على أقرانه الألمان، وينال لقب إمبراطور القراءة في بلدة ألمانية. سوري ينال بطولة الشهر في السويد -فلكل شهر بطل، بينما بطلنا هو إلى الأبد- بعد تسليمه هاتفاً اشتراه من سوق المستعمل، وتبيّن له أنه مسروق. ماني حسيني شاب سوري من مدينة القامشلي لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره، أصبح أول شاب من أصول أجنبية يرأس شبيبةَ حزب العمال النرويجي! وقد اعتدنا أن يكون رئيس الحزب مومياء في أرذل العمر! صبي سوري عازف على البيانو ينال الجنسية التركية بفضل مهارته في العزف، ثم يكون الصبي سبباً في نيل تركيا جائزة دولية كانت سوريا أولى بها! يقول الشاب يوسف الذي وصل إلى ألمانيا بعد أن طار في سبع عواصم أفريقية وأوربيتين: ستفتح سورية بالتكبير.

سيواجه السوري مصاعب الولادة الجديدة، وقد فقد وطنه وأهله ولغته وعاد أميّاً، فثمت سوري يقتحم مكتب  مدير مدرسته، للسؤال عن طريقة الحصول على بيت أجرة! وسوري آخر يرفض تسليم هاتفه الجوال في درس تعليم اللغة، ويقول لها" بلطي البحر"، واعرفي مع من تتكلمين! أما الاستخفاف بإشارة المرور فهو طبع.. وهو غلاب. لكن السوري سيتغلب على الطبع فقد كان دائما قادرا على التطبع بطبع جديد.

ستوفر القارة العجوز فرصة كبيرة للسوري المهمش "واللاجئ" سابقا في بلاده، الذي كان يدبر الوسائط والشفاعات للحصول على ساعة كهرباء أو أذن في تركيب ساعة ماء في بيته المبني في العشوائيات، حتى انه لم يعد يمشي جنب الحيط، لأن الحيطان لها آذان وأسنان..

ويذكر الأب عبد الحميد أن المدرسة، قبل سنوات، في الوطن المهجور أرسلت مع طفلته بيداء رسالة تدعوه للمشاركة في حفل تكريم ابنته المتفوقة، فاستلم الرسالة مذهولا، فالجوائز والأوامر كلها كانت شفهية في عصر البعثية الباطنية!  

رفضت زوجته الذهاب لأنها تعتقد أن المدرسة غير عادلة، وأنها منحت الدرجة الأولى لابنة المديرة والدرجة الثانية لابنة المعلمة في الطابق الذي يعلوهم في العمارة، وقد استدعت الزوجة الطفلة الجارة وأجرت فحصا ذكيا وسريا لها وتأكد لهما أن الطفلة لا تستحق إن تنال أي درجة.

المهم أن عبد الحميد لبى الدعوة "البعثية" المكتوبة، فوجد أمام المدرسة سيارات حكومية فاخرة بأرقام عسكرية، تنتظر خروج  زوجات الضباط المعلمات لإيصالهن إلى بيوتهن، بعد المعركة مع العدو، والعدو هو العلم وليس الجهل، مع سواقين جنود سعداء بالخدمة العسكرية لزوجات الضباط، ومؤكد أنهم حصّلوا الخدمة بشفاعاتٍ ورشىً، فوجد نفسه واقفا، يستمع إلى خطاب المديرة الذي لم يسمع فيه جملة عربية صحيحة، وماهي إلا لحظات حتى  اقتحم ضابط محتج الحفل وأفسده لعدم نيل ابنته أي درجة! وقال محاججاً: كيف أنا ضابط وابنتي تنال الدرجة الخامسة ورتبتي أعلى من رتب أولياء الدرجات الأربعة الأولى! فالضابط ذكي وينجب متفوقين  ومتفوقات!

الشاب يوسف يحضر إلى درس اللغة الألمانية لابسا زي المجاهدين ويضع عمامة على رأسه وكأنه الملا عمر. وهو يجاهد في غض بصره عن فتنة الآنسة الألمانية ويقول  لزملائه: برلين هي روما.. وستفتح بالتكبير.

فيرد عليه زميله السوري عبود الذي يعاني من متلازمة الحذر وهو غاضب من شراء مسلمين كنيسة في هامبورغ  وتحويلها إلى مسجد ويضرب أخماسا بأسداس وشيشاً بيبشس: أخي.. أنت "ستشمسنا "، ما هذا الزي؟ لم يبق إلا أن نقبل يدك وذيلك وأنت تحضر الدرس يا مولانا. هذا درسُ تعليم لغة وليس درساً لشيخ الطريقة الكفتارية.

أرسلت إدارة مدرسة "غوته شوله" دعوة مكتوبة إلى أسرة الطفلة بيداء، فيلبي الوالد عبد الحميد النداء، ففاجأته المدرسة بتكريم وثناء على تفوق ابنته على سائر أقرانها الألمانيات في جميع المواد بما فيها الألمانية، وجاءت الصحافة للتصوير فرفض عبد الحميد بشدة، الأمر الذي أثار الغرابة والدهشة لدى الإدارة، ففسرها لهم، بأنه  لا تزال له بقية من الأعمام في سوريا، وهو يخشى عليهم، ويريد أن يبقى جنديا مجهولا، فاقترحوا عليه تصويرها باسمها الأول فرفض أيضا!

بالأمس اقتاد "الشبيحة" الألمان سيدة لاجئة ضربت طفلتها إلى "الفرع" فممنوع ضرب الأطفال.. وبحمد الله لم تكن سورية!

هذا طباق جائز: احتل اليهود بمكرهم فلسطين وسيحتل السوري بألمه العالم .

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب