الجمعة 2018/04/06

آخر تحديث: 08:14 (بيروت)

"حِزْب الله" يكافح الفساد

الجمعة 2018/04/06
"حِزْب الله" يكافح الفساد
increase حجم الخط decrease
من غرائب هذه الانتخابات أن "حزب الله"، القوة العسكرية الإقليمية التي لا تعرف حدوداً من المصنع الى البوكمال، بات مضطراً للتحدث في شؤون الناس، مثل الاقتصاد والخدمات، وهي من صغائر المسائل في عالم الصفقات الإقليمية والصواريخ الباليستية والحروب بالوكالة. ذاك ان الحزب نفسه مسكون بهذا الصراع. كلما غاص مسؤول في هذه الصغائر لبرهة، انطلق بعدها كالطير المحرر يتنفس الصعداء بكلام عن المؤامرات الكونية والخطط الأميركية والتدخلات الخليجية لكسر حلقة في سلسلة انتصارات لا تنتهي.

قبل أسبوعين، أعلن الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، أن مكافحة الفساد أولوية بعد الانتخابات وعماد برنامجه فيها، لكن الحزب لم يسمِّ فاسداً واحداً، أو حتى يعلِّق على تورط في قضية هدر أموال عامة. الحزب موجود في البرلمان منذ ربع قرن، وفي البلديات وبينها بيروت منذ عقدين، وفي الحكومة منذ 13عاماً بالتمام والكمال، فلماذا قرر اليوم مكافحة الفساد، وبأنه لا يُحتمل؟ مثل هذا التبدل الجذري يفترض 3 احتمالات:

الأول هو أن المؤامرات الكونية انتهت، وبات الحزب قادراً على التفرغ لمثل هذه القضايا. لو كان ذلك صحيحاً، على الحزب اعلان نهاية المؤامرات، وبدء عهد جديد يتمحور حول قضايا التنمية وتعزيز الخدمات والشفافية وعودة السياحة.

والاحتمال الثاني، وهو السيناريو السوبرماني، أن ضرباً جللاً من الفساد قد وقع، ما استدعى تبدلاً سريعاً في الاستراتيجية لإنقاذ الوطن من هذا الخطر المحدق به. في هذه الحالة أيضاً، من حقنا كمواطنين وناخبين أن نعرف من سرق، وماذا، كي نكون على بيّنة من الأمر.

اخيراً، أن "حزب الله" دخل هذا الاستحقاق الانتخابي وشعر بأن الحديث عن القضايا الكبرى والمؤامرات لم يعد كافياً، وأن هناك حاجة فعلية لاجتراح قضية جديدة يبيعها للناخبين، لا سيما أولئك الناقمين في دائرة بعلبك-الهرمل.

في كل الحالات، أعلن الحزب نيته مكافحة الفساد عبر "تشكيل إطار تنظيمي خاص تكون مهمته مواجهة الهدر والفساد"، لكن هناك وزارة مخصصة لهذا الشأن ويتولاها وزير حليف للحزب. لماذا تشكيل إطار جديد ما دامت لديكم وزارة كاملة متخصصة؟ وهل الإطار التنظيمي لمكافحة الفساد مُسلَّح أيضاً؟

الجزء الثاني من الخطة الموضوعة لمكافحة الفساد، تكمن في إبراز الأدلة ضد أي متهم بالفساد داخل الحزب لملاحقته. يعني لو كان هناك فساد داخل الحزب، على صاحب الشك والاتهام التحقيق في المسألة وجلب الأدلة، على أن يتصرف الحزب مسلكياً بعدها. العرض مغرٍ جداً، لكن المشكلة تكمن فقط في إيجاد ادلة مُقنعة في ظل المؤامرات الكونية المتواصلة بلا كلل او ملل.

وهذه المؤامرات تسللت خلال الأسبوع الماضي الى واجهة الحديث السياسي في الانتخابات، وكأن الكلام عن الفساد ومكافحته لم يكن. رئيس المجلس السياسي في "حزب الله"، ابراهيم أمين السيد، أعاد النقاش الانتخابي الى نصابه بالتصريح الآتي: "اميركا وحلفاؤها وأتباعها يعتبرون الانتخابات النيابية اللبنانية المزمع اجراؤها في السادس من أيار المقبل، ما هي الا للانتقام مما جرى في سوريا ومن حزب الله لأنه في مواجهة اسرائيل". ولهذا السبب، يجب الترفع عن صغائر الناس والالتفات الى القضايا الكبرى، لأن "الذي خاض معركة وصراعاً، رسم مصير المنطقة بنجاح وتفوق وانتصار، ليس عليه عندما تأتي الانتخابات ان يقوم بجولات على العائلات الكبيرة والصغيرة ولبس الطقم". فالهدف اكبر من تفاهات اسمها اقتصاد ووضع مالي وخدمات بل "نذهب للتصويت لحماية المقاومة وحماية المسار، وحماية خياراتنا السياسية ومن أجل وجودنا في هذا الصراع، ومن أجل ان نرسم مصير هذه المنطقة ومستقبلنا ولو بدائرة سياسية صغيرة اسمها الانتخابات في لبنان".

والحزب في مناطقه ودوائره لا يريد انتخابات وبرامج وتنافساً، لكنه مضطر لها، لذا فالاستحقاق برمته يُمثل بالنسبة اليه مناسبة لتجديد الالتزام بالعهد والنهج، والبرامج لله. رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد، شرح للناس بكل صراحة "ان 6 ايار في الجنوب ليس يوم انتخابات، 6 ايار هو موعد استفتاء".

هو استفتاء لاستمرار الوضع على حاله الى أبد الآبدين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها