الجمعة 2018/04/20

آخر تحديث: 22:46 (بيروت)

نهاية حزب سرحان عبد البصير

الجمعة 2018/04/20
increase حجم الخط decrease

لم يعد البيت حرماً آمناً.

سلّم نفسك يا سرحان، البيت كله محاصر، سنضرب في المليان. الجلوس في البيت تهمةٌ وأحياناً خيانة، البيت صار مكاناً معادياً. المواطن الجالس على الكنبة يشكك في يقين الانتخابات. قال الأسد: "إن الوطن ليس لمن يسكن فيه ويحمل جواز سفره، وإنما لمن يدافع عنه ويحميه". قال الراوي: "ويرقص فيه"، وقال أيضاً: لمن يبيعه. إسرائيل تدافع عن "أرضها التاريخية" وترقص فيها أيضاً! ويسعى وزير مصري إلى فيسبوك مصري راقص قد الدنيا، سيكون إشعارات بإعجابات، والمشاركة فيه هي في حب الرئيس، وجمع الفكة، وتحيا مصر، ويحيا سعد، وليس فيه تعليق، وإن كان، فتعليق المشانق. هذه قاعدة أرسطية استعمارية: الأرض لمن يعمل فيها. الرئيس العربي الجمهوري، سيعاقب كل من لا يحضر عرسه الانتخابي، ويبارك له فوزه على خصمه اللهو الخفي. الغياب عن الانتخابات، رفض لدعوة الرئيس، الدولة أنفقت الملايين على الصناديق، وجنّدت الموظفين، ونصبت القضاة، وملأت الدويات (جمع دواة) بالحبر الفوسفوري، والمواطن قاعد في البيت يتفرج على رامز تحت الجلد، الويل له، للمواطن وليس لرامز، خلِه تحت الجلد.

وداعاً يا أكبر حزب في الوطن العربي، رافقتكم السلامة يا حزب الكنبة، مع السلامة، لا معتزلة بعد اليوم، وداعاً يا أهل العدل والتوحيد، لا مكان في هذه الأقطار الشّماء الآمنة المستقرة، لأمثال سرحان عبد البصير (أو عبد المشير) الذي كان يهوى إطعام الأرانب، ولم يخرج من جحره، إلا بعد جريمة تحت شقته، ليشهد على قتل راقصة اسمها عنايات أبو سكة. أما المواطن العربي، فسيشهد على قتل راقصة، هي الأمّة هذه المرة. الوطن لمن يرقص فيه. دعوه يرقص دعوه يهز. المواطن طبعاً، وليس رامز، خلِه تحت الجلد.

كانت الأنظمة الطغيانية التقليدية، تنظر بعين الرأفة والرحمة للحياديين السلبيين، وقد طمعت فيهم في عصر الكاميرا، فهي تريد عرساً ديمقراطياً كبيراً، وها هي ذا تخرجهم من جحورهم. من أغلق عليه داره، فهو غير آمن. البشائر تهلُّ من مصر التي بدأت بعقاب الموظفين المتخلفين عن الواجب الانتخابي، وتصريحاتٌ سوريةٌ من أمراء زنازين، ورؤساء مسالخ بشرية، تهدد بعقاب كل من وقف على جبهة الحياد الخائنة في هذه المعركة الفاصلة. أكبر حزب عربي مهدد بالموت.

العرب بين خيارين، إما دين بالإكراه، أو وطنية بالإجبار. الدين والوطنية خاتمان في يد السلطان، والإكراه في الدين قتل للدين، وفي الوطنية ذبح للوطنية.

مصطلح "حزب الكنبة" حديث، حسب موسوعات الشبكة العنكبوتية، يعبر عن الأغلبية الصامتة، الجالسة على الكنبة أمام التلفزيون، العازفة عن السياسة بأشكالها كافّة. بعض التعريفات تحصرها في قطاع من الشعب، يتجاهل كل إغراءات الانخراط في الأحزاب أو المشاركة في الحياة السياسية. الدول الملكية القبلية حتى الآن تنعم بحزب الكنبة. لعل اسمه الأنسب فيها: حزب البساط.

 عضو حزب الكنبة مواطن، متوكل على غيره، ويبلغ عدد أعضاء الحزب في أمريكا الديمقراطية تسعين مليوناً، فالانتخابات عملية مجهدة، إن لم تكن مكلفة للجيب، فبلوغ الصندوق بالمواصلات له ثمن، فهي غرم بالوقت، وكان الوصول إلى الصندوق في مصر في أفضل انتخابات مصرية يستغرق خمس ساعات، وقد أهدرت خمسة انتخابات ماراثونية نزيهة وشريفة. سرحان عبد البصير، وهو غير سرحان محمود دوريش، كان يخشى من الدفع، الصندوق يعني الدفع.

وإذا كانت مصر الفكة، قد تطرفت سياسياً، وبدأت بملاحقة أعضاء حزب الكنبة بالغرامة، وشرعت عليهم سيف الحق وسكين الواجب، فإن سوريا البعثية، كانت قد سبقتها، وقضت على الأحزاب كلها، الدينية واليسارية، وقضت على حزب الكنبة أيضاً، فالناس كلهم مربوطون بكف السلطة، ومراقبون في دولة الأخ الأكبر، والفرق بين مصر وسوريا، أن مصر دولة كبيرة، وكثيرة العدد، يصعب السيطرة عليها، لكن الفقر خير معين للسلطان. وقد وردت أنباء بالقضاء على حزب الفول المصري أيضا، فهو مهدد بالموت. ثمة من يؤمن بأن الفول يعمل من المصري غول، الدكتور عكاشة يقول، على المشرحة على طول.. هاهي دولة عربية ثانية، تمضي شطر كوريا سياسياً، بظهور المواطن الفوسفوري المشع، الذي تراه المخابرات في النهار والليل.

وكان فقهاء السلطان، يمهدون لحزب الكنبة، ويباركونه، ويذكّرون العامة بالحديث النبوي "وليسعك بيتك"، وهو يعارض آيات كريمة، مثل: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ.. وأحاديث صحيحة، مثل: من لم يهتم بشؤون المسلمين فليس منهم، وإذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها..


 أبشِّر القارئ العربي، فلا تزال طائفة من هذه الأمة على الدين ظاهرين، لشعوبهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهذه الطائفة لا تزال على الباطل الوثير، مستقرة على الكنبة، أقول هذا القول وأنا أنظر إلى كراسي الرؤساء العرب الكبيرة، في قمة الظهران، الكراسي الملكية الرويال بالحجم العائلي، كل كرسي كنبة، فلكل رئيس ظهران، ولبعضهم سبعة أمعاء! هؤلاء هم فلول حزب الكنبة العربي البديل.

وداعاً حزب الكنبة، أهلاً حزب السرير.

حزب الكنبة المتحركة، قادم على عجلات، سيليه حزب السرير، وعسى ألا يكون تابوت قاطع الطريق الإغريقي بروكست، الذي كان يمثل بالجثة، ليس حباً في الدم والتمثيل بالجثة و"السينما بالشعب" و"المسرح بالوطن"، وإنما لكي تناسب قامة الضحية مقاس التابوت. الرجل كان قاطع طريق، وليس قاطع جثث وأرحام.

رحم الله عنايات أبو سكة.

يا شابة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب