الجمعة 2018/04/20

آخر تحديث: 00:15 (بيروت)

ما قبل الدمار الشامل

الجمعة 2018/04/20
ما قبل الدمار الشامل
increase حجم الخط decrease

قبل شهور، وفي سياق التهديدات المتبادلة بحرب واسعة النطاق بين ايران واسرائيل، حملت تسريبات اعلامية تهديداً صريحاً باستهداف القوات الأميركية في سوريا والعراق. ذاك أن الحديث عن المشاركة الأميركية المباشرة بالحرب إلى جانب اسرائيل، بات واقعاً اليوم، سيما لو أخذنا على محمل الجد التهديدات بضرب الأراضي الايرانية نفسها، وهو يحتاج إلى تدخل على هذا المستوى أبدت واشنطن استعدادها له.

لذا فإن هناك من يقرأ الإصرار الأميركي على الإنسحاب من سوريا سريعاً، وهو غير مفهوم ومُستهجن من حلفاء واشنطن، في إطار تقليص الانكشاف الأميركي في المنطقة أمام الميليشيات الموالية لإيران. واللافت أيضاً أن صحيفة "واشنطن تايمز" اليمينية أشارت أمس إلى انسحاب مشابه من العراق حيث ازداد عدد المستشارين الأميركيين والقوات الخاصة خلال العمليات القتالية ضد تنظيم "داعش".

وهذه قراءة متشائمة إلى حد كبير للانسحاب الأميركي. والمتشائمون هذه الأيام، وهم كُثُر، يرسمون سيناريو مُظلم تتألف حلقاته من تصعيد تلو الآخر حتى الحرب الواسعة النطاق. يُنتج هذا السيناريو حالة محلية واقليمية فرانكشتاينية تتشكل على وقع أسوأ الاحتمالات في كل مرحلة.

كيف يرى المتشائمون مسار التصعيد؟

بداية، السياق الزمني شديد الأهمية. في السادس من أيار المقبل، تُنظّم الانتخابات اللبنانية، تليها بستة أيام تلك العراقية. وفقاً لهذه الرؤية، ستشهد الانتخابات الأولى تقلّصاً لكتلة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ودخول حلفاء سُنّة ومسيحيين جدد لـ"حزب الله" إلى البرلمان حيث سيُمثلون غالبية بسيطة. في العراق، يُحدث تحالف الحشد الشعبي مفاجأة ويدخل البرلمان بكتلة سيكون لها أثر كبير في السياسة العراقية.

في اليوم ذاته، وتحديداً في 12 أيار (مايو) المقبل، من المقرر أن ينسحب الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي مع ايران. هنا، سيكون على أوروبا اتخاذ أحد القرارين، إما الدخول على الخط لحماية مبيعات النفط الإيرانية من أي عقوبات أميركية مقابل التزام طهران الاتفاق، أو تفادي المواجهة مع واشنطن وعدم التحرك وترك الاتفاق لمصيره المحتوم. لو مضت أوروبا بالخيار الأخير، وهو محتمل جداً، فإن التصعيد بين ايران من جهة، والولايات المتحدة واسرائيل من جهة ثانية، سيتسارع بخطى ثابتة.

في 14 أيار (مايو)، أي بعد يومين من اتخاذ قراره بشأن الاتفاق النووي، سيفتتح الرئيس الاميركي دونالد ترامب السفارة الأميركية في القدس المحتلة.

أول رد في سياق هذا التصعيد سيأتي في لبنان، وعلى شكل حكومة تستثني الحريري وبقايا قوى "14 آذار" منها. وهناك في بعض التصريحات السياسية خلال الشهور الماضية، بعض التلميحات في هذا الاتجاه. ألم يذكر الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله في أحد خطاباته الأخيرة أن الانتخابات ستوفر فرصة لتشكيل "حكومة وطنية"؟ الأرجح أن يكون شعار مكافحة الفساد أيضاً استرداداً لبعض عهد الرئيس اللبناني السابق اميل لحود و"حكومته الوطنية" حينها بقيادة سليم الحص.

أول تحرك لهذه الحكومة "الوطنية" سيتمثل بتوقيع الاتفاق (المُجمّد حالياً من قبل الحريري) للتعاون العسكري مع موسكو، وبالتالي إنهاء الدور الأميركي في بناء الجيش اللبناني، والتمهيد لوجود "موقت" للقطع الحربية الروسية (كما تقضي بنود الاتفاق الآن). ومن ثم يُطبع لبنان علاقاته مع النظام السوري على شكل زيارات حكومية ووزارية على أعلى المستويات بعد زوال الحاجز الرئيسي.

وفي ظل هذا "الغطاء" الروسي، ستُرسم معالم المواجهة المقبلة بين ايران وإسرائيل في لبنان وسوريا وربما على الأراضي الإيرانية أيضاً.

هذا السيناريو التشاؤمي ليس حتمياً وفيه شوائب في كل محطة، لكنه في حال تحقق، سيقودنا باتجاه نتيجة واحدة: دمار شامل لا قيامة بعده.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها