الإثنين 2018/02/19

آخر تحديث: 06:38 (بيروت)

بعثان يتنافسان جنوباً

الإثنين 2018/02/19
بعثان يتنافسان جنوباً
increase حجم الخط decrease

لم تكد حملة الانتخابات في الدائرة الثانية جنوباً تبدأ حتى ورد اسم "حزب الطليعة" بين المتشاورين لتأليف القائمة المعارضة للثنائي الشيعي.

و"حزب الطليعة" كما تداولت اسمه وسائل الإعلام وبينها "المدن" أيضاً، ليس سوى حزب "طليعة لبنان العربي الاشتراكي" المعروف بين الناس وفي الإعلام بـ"البعث العراقي". وأمينه العام أيضاً عضو في القيادة القومية برئاسة عزة الدوري نائب الرئيس العراقي السابق، والأمين العام الحالي لحزب البعث العربي الاشتراكي (المُنحل) في العراق.

بيد أن الحزب كان فَقَدَ اسمه، أي "حزب البعث العربي الاشتراكي"، لمصلحة الفرع السوري في لبنان، اثر دعوى رفعها الأخير مطلع تسعينات القرن الماضي، وحُسمت سريعاً لمصلحته، باعتباره الطرف الأقوى وحزب السلطة. عام 2003، قدم الحزب طلب ترخيص بإسمه الجديد، لكن لم يحصل على الموافقة سوى عام 2007، أي بعد سنتين على خروج النظام السوري من لبنان.

في هذه الانتخابات، سيترشح الحزبان على طرفي نقيض هائل في السياسة، ليس محلياً فحسب بل أيضاً اقليمياً أو "قومياً". ذاك أن مجرد وجود حزب "الطليعة" في الجنوب والبقاع، بحرسه القديم وعناصره الجديدة، غير متوقع لسببين أساسيين.

أولاً، تعرض الحزب في كافة أنحاء لبنان لحملات اعتقال واسعة شنها النظام السوري وأنصاره، وصل عدد ضحاياها في إحدى المرات إلى 160 معتقلاً دُفعة واحدة، أمضوا سنوات طويلة في سجون الأسد (الأب والابن). لذا فإن استمرار الحزب بعد هذه الحملة الطويلة الأمد، وأيضاً بعد سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين، مثار تعجب. فهو كان يخوض في لبنان معركتين موازيتين: ضد الإحتلال الاسرائيلي، والأخرى شنها النظام السوري وحلفاؤه عليه. في مواجهة اسرائيل، شارك الحزب منذ السبعينات في عمليات سقط في إحداها 3 من آل شرف الدين في الجنوب، وباتت إحدى العلامات الفارقة في سردياته التاريخية وخطابه. كان للحزب أيضاً 92 مُعتقلاً في معسكر أنصار، وتذكر قيادته تنفيذها عشرات العمليات بعد عام 1982 سقط فيها 7 من عناصره. أما المعركة مع النظام السوري، فشملت، إلى المعتقلين والمخفيين، الاغتيال المباشر أيضاً، وكان أبرز ضحاياه الشاعر موسى شعيب الذي قُتل اثر خروجه من منزله بالضاحية الجنوبية عام 1980.


ثانياً، استمرار الحزب في الجنوب والبقاع تحديداً مفاجئ، نظراً للإصطفاف المذهبي الحالي في لبنان والمنطقة. فبحسب قيادة الحزب، ما زال الفرع الجنوبي بين الأكثر فاعلية ونشاطاً وحضوراً.

وهذا مثار استغراب لأن الحزب، وبحسب قيادته الحالية، لا يرى فارقاً بين "الحشد الشعبي" و"داعش" كونهما يُمثلان مشروعاً مذهبياً في المنطقة. ذاك أن الغزو الأميركي للعراق متصل تماماً بالتمدد المذهبي الإيراني، وفقاً لهذا المنطق. وإيران هنا ليست دولة مقاومة، بل هي مُحتلة للأحواز العربية، ومُكملة للاحتلال الأميركي في العراق.

والحزب يفتخر بمشاركته في القتال إلى جانب الجيش العراقي في "معركة قومية" مع إيران التي احتجزت لعقدين أسرى لبنانيين، لم تُفرج عنهم سوى بعد وساطة من رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري. كان آخر هؤلاء الأسرى حسين علي قيس من بلدة نحلة (شمال مدينة بعلبك). أطلقت السلطات الإيرانية قيس بعد 21 عاماً على احتجازه مع مئات الأسرى الآخرين في ظروف صعبة.

ليس الحزب في موقع عداء مع ايران فحسب، بل له أيضاً تاريخ دموي معها. لكن كيف يستمر، ولو بشكل محدود، في جنوب لبنان؟

ربما يعود ذلك جزئياً إلى تاريخه في الجنوب حيث كان بين أوائل مؤسسيه في الخمسينات الطبيب علي جابر الذي استقطب شباناً جدداً من أبناء القرى من خلال نشاطه الاجتماعي والخدماتي، بحسب ما أورد الزميل حازم صاغية في كتابه عن "بعث العراق". يُضاف إلى هذا التاريخ، نشاط اجتماعي وخدماتي تضاءل خلال السنوات الماضية، لكنه استمر من خلال مؤسساته.

واللافت أن الحزب الذي تولى قيادته المحامي حسن بيان بعد وفاة النائب السابق الدكتور عبد المجيد الرافعي، خاض الانتخابات البلدية الأخيرة قبل سنتين، وسجل اختراقاً في كفررمان بالتحالف مع الحزب الشيوعي.

ووفقاً لقيادته،  يُنظّم الحزب فاعليات دورية في بلدات جنوبية كان آخرها في بلاط وحولا. والأخيرة تقع على شريط حدودي زاره قبل أسابيع أحد أبرز وجوه "الحشد الشعبي"، قائد ميليشيا "عصائب الحق" قيس الخزعلي. لربما مرّ الخزعلي دون أن يعلم، من أمام مهرجان لأنصار عزة الدوري.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها