الجمعة 2018/01/19

آخر تحديث: 10:10 (بيروت)

إصلاحيون وفضلات للسُلطة

الجمعة 2018/01/19
إصلاحيون وفضلات للسُلطة
من نشاطات المجتمع المدني للمطالبة بقانون انتخابات على أساس النسبية (غيتي)
increase حجم الخط decrease
مع بدء العد العكسي للانتخابات النيابية، وانطلاق بازار الترشيحات، يختلط الحابل بالنابل. صار الجميع إصلاحيين وتغييريين. حتى مرشحي السُلطة أعلنوا شعاراتهم الإصلاحية والتغييرية، وكأن فصيلاً من المخلوقات الفضائية كان يحكمنا من بُعد خلال السنوات الماضية.

وسط هذه البلبلة، يبقى بعض التمحيص مفيداً. إلى الآن، يبدو أن هناك 4 مجموعات أساسية ستخوض الانتخابات. أولاً، لوائح السُلطة الواضحة والخالصة للأحزاب التقليدية. وهذه نراها تتشكل في غالبية الدوائر، لا سيما الجنوب والبقاع وبيروت. ثم هناك اللوائح الهجينة المحسوبة على السلطة، لكنها تضم مستقلين، مثل تحالف أو تفاهم "الحد الأدنى" بين شامل روكز - صهر رئيس الجمهورية ميشال عون، ووزير الداخلية السابق زياد بارود في كسروان. وهذا تحالف غريب الأطوار.

فعلاً، ما هي أسس تفاهم "الحد الأدنى" بين روكز ومرشحي "التيار الوطني الحر" من جهة، وبارود من جهة ثانية؟ بالتأكيد، لن يستطيع فرد واحد مثل بارود فرض أجندته "الإصلاحية" أو المستقلة على عهد كامل! حتى كمعارض، لن يؤدي وزير الداخلية السابق دوره كما يجب. هل سيُوجه سهام النقد الى السُلطة بعدما دخل الى البرلمان عبر لائحتها الانتخابية؟

أقصى إمكانات بارود في مثل هذه الحالة، أن يكون متدرجاً مجتهداً بحيث يُقرر "التيار الوطني الحر" إدخاله إلى الحكومة اللبنانية وزيراً.

المجموعة الثالثة تتكون من قدماء السُلطة اللبنانية، ممن يرون في الانتخابات المقبلة فرصة لاستعادة أمجاد خسروها قبل عقود. على سبيل المثال، سيُشكل رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، ابن الـ81 عاماً، لائحة في البقاع اللبناني، إلى جانب سعدون حمادي، القريب منه عمرياً، وابن شقيق رئيس مجلس النواب السابق صبري حمادي. بكلام آخر، إنها الفرصة الأخيرة للرجلين لإختراق الساحة السياسية واستعادة الدور بعد الكثير من المحاولات الفاشلة.

بين العائدين الى الساحة السياسية، أحزاب اختفى أثرها منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، مثل "منظمة العمل الشيوعي". قبل يومين، زار الأمين العام للحزب الشيوعي، حنا غريب، وبعض رفاقه، مقرّ المنظمة، حيث التقى محسن إبراهيم وعدداً من الأعضاء. وبحسب وسائل الاعلام اللبنانية، فإن الطرفين اتفقا على خوض الانتخابات سوية "إلى جانب قوى الاعتراض الوطني والديموقراطي".

و"الحزب الشيوعي"، رغم كونه خارج السلطة، هو على تماس مع "ممانعيها"، ويستقطب من عالم "المستقلين" و"الإصلاحيين" مُمانعين كثر، لا سيما من يحن إلى أيام النظام السوري والحضن الدافئ لأبو عبدو، لكن ممن فاتتهم فرصة دخول نادي كبار السياسيين اللبنانيين. لذا من المرجح أن ينزل الحزب إلى الانتخابات بتشكيلة ديناصورية تُضاهي في جودتها لوائح السلطة وخياراتها.

الفئة الرابعة هي المستقلون، وهم الأكثر تشتتاً بين بقية القوى. يدور الحديث حالياً عن تحالفات عديدة مثل "وطني" و"لبلدي" و"الجنوب يستطيع"، علاوة على مجموعة ناشطين مستقلين أعلنوا ترشيحاتهم منفردين، تحضيراً للانضواء في تحالفات أوسع في الدوائر المختلفة.

بين هذه الأسماء ناشطون عُرفوا خلال العقدين الماضيين بنضالهم وحراكهم الإصلاحي على الأرض، مثل الصديقين مارك ضو، المرشح في دائرة الشوف-عالية، وعماد بزي في دائرة النبطية وبنت جبيل وحاصبيا ومرجعيون، ووجودهما سابقة وفرصة لتحدي هذه الطبقة بوجوه وأفكار جديدة.

يكمن التحدي في القدرة على تشكيل لوائح خالية من الاختراقات الحزبية، تحت مسمى المستقلين أو الإصلاح. لذا مِن المطلوب أن يتصدى المزيد من الشباب المستقلين لهذا الاستحقاق لتوفير خيارات كافية وملء الشواغر.

يبقى أن هذه فرصة لتحديد حجم المستقلين من اجمالي القوة الناخبة. فهؤلاء يُمَثلون الكتلة الأكثر حرماناً من التمثيل في البرلمان، والحكومة، وأيضاً في الإعلام والنقابات.
إنها فرصة سانحة للبدء بتصحيح الخلل ومن الضروري اقتناصها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها