الإثنين 2018/01/15

آخر تحديث: 08:00 (بيروت)

تفجير صيدا بداية

الإثنين 2018/01/15
تفجير صيدا بداية
increase حجم الخط decrease

لن يكون تفجير صيدا يوم أمس، والذي استهدف قيادياً في حركة ”حماس“ يُدعى محمد حمدان، استثناء في تاريخ الصراع مع اسرائيل على الأراضي اللبنانية، في حال ثبوت تورطها، وهو المرجح. بيد أن الأخيرة نفذت اغتيالات في قلب بيروت وصيدا مرات سابقاً، من استهداف فؤاد مغنية في تسعينات القرن الماضي، إلى قتل مسؤولي الملف الفلسطيني في ”حزب الله“ الواحد تلو الآخر بعد التحرير عام 2000.

لكن الاغتيال، وبعد ثبوت التورط الاسرائيلي، سيُمثّل خرقاً لمبدأ الاشتباك السائد بين ”حزب الله“ واسرائيل، والمحصور في منطقة مزارع شبعا ومحيطها منذ عام 2006، وفي سوريا منذ عام 2012. لم يرد الحزب على عمليات القصف الاسرائيلية المتكررة ضد عناصره ومراكزه، باعتبار أن ما يحصل في سوريا يبقى فيها.

في هذه المسألة بالتحديد، يُمثل تفجير صيدا، رغم كونه محاولة اغتيال فاشلة، تحدياً جديداً، إذ يُعيد رسم الأسس السابقة للاشتباك. ففي حال عدم الرد، وهو المُرجح، ستُضاف الاغتيالات الإسرائيلية إلى قائمة العمليات المباحة على الأراضي اللبنانية. وفقاً لهذه المعادلة الجديدة، بإمكان اسرائيل استهداف ناشطين وقياديين فلسطينيين على الأراضي اللبنانية دون توقع رد عليها، سيما أن الطرف المقابل لا يملك قدرة اختراق الداخل الاسرائيلي.

وكانت مصادر عسكرية وأمنية وسياسية اسرائيلية سرّبت للاعلام العبري خلال الفترة الماضية، تصريحات وتقارير على ارتباط بتطورين شهدتهما الساحة اللبنانية أخيراً: عودة التحالف المتين بين ”حزب الله“ وحركة ”حماس“ من جهة، وانتقال قياديين في الأخيرة للإقامة في بيروت من جهة ثانية. عملياً، ارتفع منسوب نشاط الحركة على الأراضي اللبنانية سياسياً، وأيضاً في التنسيق مع "حزب الله" على مستويات أخرى.

وستكون لمحاولة الاغتيال دلالات لوجستية أيضاً لو تأكد التورط الاسرائيلي. أثبتت المحاولة أن الاستخبارات الاسرائيلية ما زالت تمتلك القدرة على تنفيذ عمليات أمنية على الأرض باستخدام عملاء لبنانيين. وما حصل يوم أمس دليل على أن هذه القدرة لم تنته نتيجة تفكيك الشبكات الاسرائيلية خلال السنوات الماضية على أيدي أجهزة المعلومات والأمن العام والاستخبارات العسكرية اللبنانية. ستحاول الأجهزة الأمنية اللبنانية الاجابة عن السؤال الآتي: كيف تواصل اسرائيل تجنيد لبنانيين وتدريبهم باحتراف عال لتنفيذ مثل هذه العمليات؟ عملية الأمس بالتأكيد فتحت الأعين بهذا الاتجاه، وتفرض تحدياً لأجهزة الأمن اللبنانية، سيما في ظل غياب التنسيق بين مكوناتها.

سياسياً، التفجير أيضاً دليل على دور مستقبلي للبنان في أي صراع بين ”حماس“ واسرائيل، دون أن يكون للبنانيين بمؤسساتهم التشريعية والتنفيذية والأمنية، رأي في ذلك. هناك قرار اتُخذ في طهران وحارة حريك  في منتصف العام الماضي، يقضي بمساعدة ”حماس“ من خلال الأراضي اللبنانية..

لذا يجب أن يكون وجود حركة ”حماس“ ونشاطها على الأراضي اللبنانية جزءاً من النقاش العام في البلاد، نظراً لنتائجه وخطورته. وهذا مسار سياسي يجب أن يكون موازياً لأي جهود ستبذلها الأجهزة الأمنية لتفكيك القدرات التنفيذية الإسرائيلية من خلال شبكات العملاء للحؤول دون وقوع المزيد من هذه التفجيرات. بيد أن السماح لـ”حماس“ باتخاذ البلاد قاعدة لنشاطها السياسي والعسكري، دون قيود أو مراقبة وتدقيق، ضرب من التهور يزيد من احتمالات دخولنا في مواجهة عسكرية شاملة لا نقوى عليها، وقد تنتهي بتدمير البلاد ومؤسساتها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها