الجمعة 2017/09/08

آخر تحديث: 00:10 (بيروت)

موسكو ضمانة الحريري؟

الجمعة 2017/09/08
increase حجم الخط decrease

ليس رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في موقع سهل، وتبدو زيارته إلى موسكو مطلع الأسبوع المقبل أشبه بمحاولة لمصالحة التناقضات بين رهاناته. "حزب الله" يُسجّل التقدم تلو الآخر، اقليمياً ولبنانياً. بعد طرد تنظيمي جبهة "النصرة" "وداعش" من جرود عرسال ورأس بعلبك، بات للحزب مطالب جديدة من ائتلافه مع الحريري في حكومة واحدة. لم يعد القبول على مضض بالسلاح خارج الدولة، كافياً، بل بات المطلوب تطبيعاً سريعاً مع النظام السوري، ومن دون مقدمات.

في المقابل، تتجه الدولة الراعية للحريري، أي السعودية، إلى اتباع منحى تصعيدي مع "حزب الله"، في وقت لا يملك زعيم تيار المستقبل قدرة على خوض مثل هذه المواجهة، لا مالياً ولا سياسياً ولا شعبياً.

الإتجاه الاقليمي يُحرج الحريري ويتناقض جذرياً مع سياسته الظاهرة حالياً، وفقاً لما يتسرب من أوساطه ومسؤولين في تياره. التيار بات يبحث عن بدائل مالية في ظل غياب الممول الأساسي. ولهذا الاتجاه المالي، متطلبات سياسية مُحددة. أولاً، الخروج من السلطة ليس وارداً أبداً. الحريري يحتاج إلى البقاء في كُرسي رئاسة الحكومة لأمد بعيد. ثانياً، يُريد الحريري حُصة من عقود إعادة الإعمار في سوريا لتعويم نفسه وتياره مالياً. وهذا الاتجاه اليوم ظاهر في تصريحات التيار في الشمال، والتي يشعر من يقرأها بأن طرابلس ستصير بين ليلة وضُحاها عاصمة لوجستية لإعادة اعمار سوريا. لكن، وفي الوقت ذاته، يلتزم تيار المستقبل خطاً سياسياً اقليمياً لا يخدم هذا الاتجاه أبداً، بل يتناقض وإياه، مرحلياً على الأقل. مثلاً، بعد سلسلة تصريحات عن دور طرابلس اعادة الاعمار، خرج المكتب السياسي لتيار المستقبل ببيان ناري ضد حزب الله، يتهمه بدفع العلاقات العربية للبنان إلى الهاوية، وينتقد تصريحاً ايرانياً اعتبر لبنان أحد أركان "المحور الجهادي". 

كيف يتوقع الحريري لعب دور في اعادة الإعمار فيما يُحافظ على خطه السياسي الاقليمي المعادي للمحور الايراني وفيه حزب الله وايران والنظام السوري؟

الأرجح أن الحريري يزور موسكو في 11 الشهر الجاري، للحصول على حل روسي لهذا التناقض. فبحسب أوساط دبلوماسية، فإن رئيس الوزراء اللبناني يرغب في دور روسي لحمايته من آثار اختلال التوازن الحالي مع خصومه السياسيين. وبما أن روسيا حليف للنظام ولاعب أساسي في دمشق، فإنها قد تُوفر مسألتين أساسيتين للحريري. أولاً، تحميه أمنياً وسياسياً فيما يُضطر لاتخاذ مواقف ضد حزب الله والتطبيع مع النظام السوري، مرحلياً. وثانياً، عندما يحين الوقت، تُعيد روسيا الحريري إلى سوريا من بوابة اعادة الإعمار.

والبوابة الروسية ضرورية، سيما بعد اقدام دمشق على مصادرة ممتلكات الحريري في سوريا اثر عدم تجاوبه مع دعوات التطبيع والتنسيق معها. 

والواقع أن دور روسيا، ومنذ خروجها على منطق التوافق مع الولايات المتحدة في حرب أوكرانيا في شباط عام 2014، يتصاعد تدريجياً، مروراً بانخراطها بحرب سوريا وتبديل مسارها. ليس سهلاً أن موسكو كسرت الاحتكار الأميركي للتدخل العسكري بعد نهاية الحرب الباردة.

بعد عامين على دخولها الحرب السورية، تتصرف موسكو اليوم بصفتها لاعباً لا يُمكن تجاوزه ليس في سوريا فحسب، بل أيضاً في لبنان وبشكل متزايد، سيما في الشهور الماضية. خلال أسابيع فقط، زار موسكو كل من زعيم المختارة النائب وليد جنبلاط مع نجله ووريثه السياسي تيمور، ووزير الدفاع يعقوب الصراف، والآن رئيس الحكومة سعد الحريري.

واللافت أن المسؤولين الروس باتوا يدخلون في التفاصيل اللبنانية، إذ رشح أنهم ضغطوا على جنبلاط في خصوص العلاقة مع النظام السوري وتصريحاته حياله. حتى حركة السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين باتت أنشط من العادة، وفقاً لأوساط سياسية ودبلوماسية، ما يعكس ربما رغبة موسكو في لعب دور أكثر عمقاً لإيجاد توافق لبناني على مصالحها ودورها المتنامي. ولعائلة الحريري صلة قديمة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدأت بمشاريع مقاولات جنوباً، واستمرت من خلال مكتب ومستشار دائم للشؤون الروسية (جورج شعبان).

لذا فإن الحريري قد يجد في موسكو راعياً أكثر لُيونة، وربما بوابة تُمهّد لانعطافة سياسية بشروط تُراعي ما تبقى من علاقته بجمهوره.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها